IMLebanon

“تريّثٌ” دولي و”تصعيدٌ” محلي… لا حكومة!

بعد ان توجّهت انظار اللبنانيين الى بروكسل امس، مراهنين على ان يأتي منها ما يساعد في وقف المهزلة السياسية – الحكومية، التي ترتدّ عليهم مأساة معيشية واقتصادية قاتلة، خاب املهم مجددا. فاجتماع وزراء الخارجية الاوروبيين امس، الذي كثر الحديث عن انه قد ينتهي الى فرض عقوبات على معطّلي التشكيل، تريّث مجددا في اتخاذ هذا القرار، معطيا وقتا اضافيا جديدا للطبقة السياسية للاستمرار في مناكفاتها.

هذا التباطؤ، بحسب ما تقول مصادر دبلوماسية لـ”المركزية”، يدل الى ان لا قرار دوليا حاسما بعد، بالتدخّل بـ”القوة”، لفرض حكومة، والى ان عواصم القرار الكبرى من واشنطن الى باريس مرورا بموسكو، لم تجمع بعد على طريق واحد ولا على خيار واحد لإخراج التأليف من الأَسر، كما يمكن ان يكون الاوروبيون رأوا ان العقوبات لن تأتي بالنتيجة المطلوبة ولن تردع المعرقلين او تجبرهم على التخلي عن شروطهم.

لكن القارة العجوز لم تُسقط “العصا” من يدها، بل تركتها مرفوعة في وجه المنظومة، علّ “شبَحَها” ينفع. فقد بدأ الاتحاد الأوروبي امس، بالتأسيس للعقوبات المفترضة عبر وضع ‏الأسس لآلية عقوبات خاصة بلبنان. واعلنت الخارجية ‏الفرنسية في بيان صدر عنها امس “ان استكمالا لاجتماع مجلس الشؤون الخارجية الذي عقد في 22 اذار ‏الماضي، ذكر الوزير جان ايف لودريان نظراءه الاوروبيين بالضرورة الملحة لمساعدة لبنان على الخروج من ‏المازق السياسي والاقتصادي، من خلال تسريع وتيرة الجهود الاوروبية الرامية الى الضغط على المسؤولين ‏اللبنانيين عن التعطيل الراهن. وفي هذا السياق، عرض مجلس الشؤون الاوروبية الوضع في لبنان خلال اجتماعه ‏امس فوزع الممثل الاعلى للاتحاد الاوروبي للسياسة الخارجية والامنية جوزيب بوريل على الدول الاعضاء ‏ورقة الخيارات التي اعدها جهاز العمل الخارجي داخل الاتحاد الاوروبي بناء لطلب فرنسي والماني. وخلاصة ‏مضمون الخيارات المطروحة امام وزراء خارجية الاتحاد الاوروبي تحدد شروط تشكيل حكومة تنخرط مع ‏صندوق النقد الدولي لتنفيذ الاصلاحات المطلوبة باسرع وقت. اما في حال عدم تشكيل حكومة سيتم وضع ‏‏العقوبات على مرحلتين: اولا، وضع نظام عقوبات خاص بلبنان. وثانيا، ادراج الاسماء المستهدفة والتي تعطل ‏عملية التاليف على لائحة العقوبات‎.‎

في انتظار العجلة الاوروبية البطيئة، قياسا الى سرعة تدهور الاوضاع في لبنان، تتابع المصادر، لا حركة في الداخل توحي بنيّة في التشكيل، بل على العكس، فالهوّة تكبر يوما بعد يوم بين فريقي رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلّف سعد الحريري، ويغذّيها ملفا التدقيق المالي والصراع بين مدعي عام التمييز القاضي غسان عويدات والقاضية غادة عون، فيما “حزب الله” يقول انه “يسعى ويحاول”، لكن حتى الساعة، النتيجة صفر.

في المقابل، يغادر الرئيس الحريري مجددا بيروت في الساعات المقبلة متوجّها الى الفاتيكان، في زيارة سيصوّب عليها العهدُ، بطبيعة الحال، كونه يعتبر جولات الرئيس المكّلف الخارجية مضيعة للوقت و”سياحة وشمّ هوا”!

اما موسكو، التي زارها الحريري منذ ايام، وقبله حزب الله، وستستقبل تباعا رئيس التيار الوطني النائب جبران باسيل ورئيس الديموقراطي اللبناني طلال ارسلان فرئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، ورئيس تيار المردة سليمان فرنجية ورئيس حزب الكتائب سامي الجميل، فلا مبادرة ايضا للخرق حكوميا، ولا حلول، بل اتصالات وجس نبض وحثّ على التشكيل، فقط لا غير…

التريّث والتخبّط الدوليان والكباش المحلي المستعر، يخلقان معادلة واضحة: المراوحة السلبية مستمرة والازمة المعيشية ستشتد، تختم المصادر.