IMLebanon

لودريان بدأ المهمة الصعبة… فهل ينجح حيث لم يفلح ماكرون؟

كتب عمر حبنجر وداود رمال في الأنباء الكويتية:

باشر وزير الخارجية الفرنسية، جان ايف لودريان محادثاته في بيروت، مزودا بدعم مسبق أميركي – روسي، تبلغه من وزير الخارجية الأميركية انطوني بيلينكن، خلال لقائمها في لندن، ومن مساعد وزير الخارجية الروسية ميخائيل بوغدانوف، اثناء وجود الأخير في باريس يوم 26 ابريل الفائت.

واضافة الى هذه المتابعة الدولية المهمة للمبادرة الفرنسية في لبنان، التي يحمل رايتها الآن الوزير لودريان، هناك الاصرار الفرنسي الرسمي على الفوز برعاية الحل للازمات اللبنانية المتفاقمة منذ 2016، عبر تشكيل حكومة من ذوي الاختصاص والاستقلالية، برئاسة سعد الحريري، استنادا الى جملة معطيات، أهمها كون تكليفه صادرا من مجلس النواب، ولا يمكن الغاؤه الا بقرار نيابي معاكس، عملا بقاعدة: «من يعطي يأخذ». الى ذلك تقول مصادر فرنسية ان لودريان يحمل رسالة واضحة وصريحة من الرئيس ايمانويل ماكرون الى كل المسؤولين اللبنانيين، مضمونها ان فرنسا على مسافة واحدة من الجميع، ولن تترك لبنان ينهار، وانها متمسكة بحكومة الاختصاصيين المستقلين، ومع البدء بتنفيذ الاصلاحات فورا.

وضمن الاسئلة التي بحث لودريان عن أجوبة لها مآل التحقيق في جريمة تفجير المرفأ، وملاحقة الفساد والفاسدين.

ويبدو من الوقت المحدد الذي استغرقه لقاء لودريان في بعبدا ومن ثم عين التينة (نصف ساعة في كل لقاء) انه لم يتباحث مع الرئيسين ميشال عون ونبيه بري، وإنما اكتفى بإبلاغ كل منهما بما هو آت ليفعله، ثم استمع منهما إلى تفاصيل الوضع الحكومي والمراحل التي مرت وتمر بها عملية تشكيل الحكومة. ووضع حدا للتكهنات والتقى رئيس الحكومة المكلف.

وقد اكد عون، خلال استقباله لودريان، ان تحقيق الإصلاحات التي يشكل التدقيق المالي البند الأول من المبادرة الفرنسية، هو امر أساسي للنهوض بلبنان واستعادة ثقة اللبنانيين والمجتمع الدولي. كذلك هناك أولوية قصوى لتشكيل حكومة جديدة تحظى بثقة مجلس النواب، مشيرا الى انه سيواصل بذل الجهود للوصول الى نتائج عملية في هذه المسألة على رغم العوائق الداخلية والخارجية، وعدم تجاوب المعنيين باتباع الأصول الدستورية والمنهجية المعتمدة في تأليف الحكومات.

وشرح عون للودريان المسؤوليات الدستورية الملقاة على عاتق رئيس الجمهورية، وعلى مسؤوليته في المحافظة على التوازن السياسي والطائفي خلال تشكيل الحكومة لضمان نيلها ثقة مجلس النواب. وشدد عون على كلفة الوقت الضائع لإنجاز عملية التشكيل.

وطلب عون من لودريان مساعدة فرنسا خصوصا والدول الأوروبية عموما، في استعادة الأموال المهربة الى الخارج مؤكدا ان ذلك يساعد على تحقيق الإصلاحات وعلى ملاحقة من اساء استعمال الأموال العامة او الأموال الأوروبية المقدمة الى لبنان، او هدر الأموال بالفساد او بتبييضها وذلك استنادا الى اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد.

ولم يصدر عن بري أي بيان حول مباحثاته مع لودريان، لكن مصادر عين التينة ذكرت أن الوزير الفرنسي أكد أن المبادرة الفرنسية لحل الأزمة اللبنانية لا تزال قائمة ومسؤولية تنفيذها تقع على عاتق اللبنانيين من خلال الإسراع في تشكيل الحكومة.

ومن ضمن المبررات التي طرحت، لعدم الاعلان عن برنامج لقاءات لودريان في بيروت، الرغبة في عدم الالتزام امام احد، ولذلك آثر الاعلان عن موعدين له فقط، مع عون وبري، كونهما المسؤولين الرسميين الوحيدين في البلد. فهل يعني ذلك انه احتسب الرئيس المكلف سعد الحريري، غير مسؤول رسمياً؟، علما انه ام الصبي، في الحالة الحكومية الراهنة، ام انه لم يدرج اسمه على اللائحة الرسمية للزيارة، ليساويه بجبران باسيل وباقي الكتل النيابية والاحزاب الذين سيلتقيهم في قصر الصنوبر!

لورديان انتقل من عين التينة الى قصر الصنوبر حيث مقر السفارة الفرنسية في لبنان، وعقد لقاء مع «القوى السياسية التغيرية» بحسب عنوان الدعوة الموجهة الى كل من حزب الكتائب وحركة الاستقلال والكتلة الوطنية وبيروت مدينتي و«مسيرة وطن»، وقد حضر ممثلون عن هذه القوى، فيما قاطع كل من التنظيم الشعبي الناصري في صيدا والحزب الشيوعي اللبناني.

على اي حال، الجو الغالب، لا يوحي بتوقع الكثير من هذه الزيارة، لعدة اسباب، اولها، ان ما لم يحققه ماكرون صاحب المبادرة طوال تسعة أشهر، من الصعب ان يحققه وزير خارجيته في يوم او يومين. وثانيها ان «المجموعة الحاكمة» التي لم يهزها انفجار مرفأ بيروت ودمار ربع العاصمة اللبنانية، ومن أفلس البلد وجوع شعبه وسيب حدوده، لن يهزه تهديد بعقوبات منع دخول او حجز اموال، وثالث هذه الأسباب، طبيعة الاوضاع الاقليمية، والتطورات الكثيرة المستجدة على مستوى اللقاءات العربية – السورية، والعربية – الايرانية، كل ذلك يؤشر الى ترسيم دولي مختلف للحدود في المنطقة.