IMLebanon

ندوة حوارية تحت عنوان “مكافحة الفساد: ما الذي يمنع تطبيق القوانين؟”

نظّم “مرصد الوظيفة العامة والحكم الرشيد” في جامعة القديس يوسف بالتعاون مع مؤسسة كونراد اديناور Konrad-Adenauer-Stiftung (KAS)، ندوة حوارية افتراضية تحت عنوان “مكافحة الفساد: ما الذي يمنع تطبيق القوانين”، يوم الجمعة 21 أيار 2021 في حرم كلية العلوم الاجتماعية في شارع هوفلان، وذلك ضمن إطار العمل على تحقيق الحكم الرشيد، تعزيز الحوكمة ومكافحة الفساد في القطاع العام والخاص.

وشارك في الندوة وزير العدل الأسبق إبراهيم نجار، النائب المستقيل نعمة افرام، رئيس التفتيش المركزي القاضي جورج عطيّة، المحامية كارين طعمة العضو في الهيئة الإداريّة في الجمعية اللبنانيّة لحقوق المكلفين، منسق مشروع ACT احمد العاصي عن حملة ” كلنا ضدّ الفساد ” Dod El Fasad، بالإضافة الى مدير مشاريع في مؤسسة كونراد اديناور حمد الياس.

البداية كانت مع كلمة ترحيبية لمدير “مرصد الوظيفة العامة والحكم الرشيد” البروفيسور باسكال مونان الذي اشار الى أن الجميع يعلم حجم الفساد في لبنان ولكن هل الارادة السياسية بمكافحة الفساد وسلوك درب الاصلاح موجودة لدى اهل السلطة واهل السياسة؟”، واعتبر  مونان أن الدولة ومؤسساتها اليوم في حالٍ من التفكّك والانحلال، والمؤسسات التي انشأها الرئيس فؤاد شهاب تعاني، ومشوار اعادة الروح الى الدولة يبدأ بمكافحة الفساد.

ورأى نجار أنه “لا يوجد “مكافحة فساد” في حال لا يوجد دولة قانون، ودولة القانون تعني انه يجب احترام القانون من جباية الضرائب وخلق قوة مسلحة وإدارة صحيحة وتطبيق القوانين بالشكل المطلوب، مؤكداً أن “مكافحة الفساد ليست فقط بالشعارات والخطابات”.

وأضاف: “لم يعد يوجد ثقافة قانون في لبنان، “الشاطر بشطارته والايد لي ما فيك ليا بوسها ودعي عليها”، كل هذه الاقاويل وتطبيقها أدى الى غياب ثقافة القانون في لبنان، ولم يعد لدينا أي أحد يحتكم لحكم القانون لان لبنان مفكك اليوم، وكل القطاعات انهارت”، مشيراً الى ان “الفساد مستشر في لبنان، وحكم القانون الرشيد غير موجود في لبنان اليوم”.

وتابع: “يجب ان تكون الدولة قوية وقادرة وعادلة، يعني انه بحسب القانون يجب على الدولة ان تجبي الضرائب ومن خلالها يتم تأمين المرفق العام، ما ينتج عنه قوى مسلحة وقوى امن تحمي البلاد، عندما يكون هناك “ذهنية مسؤول” يصبح لدينا دولة”.

وعرض نجار تجربته خلال توليه وزارة العدل مشيراً الى انه حاول تطبيق القانون وهو لم يرد على أي مرجعية سياسية ولكن في كل خطوة قرر القيام بها، واجهه ضغط سياسي كبير. وقال: “انا كوزير عدل، حولت 18 ملفا لقضاة فاسدين الى ملف التفتيش القضائي وتم فصل قاضِ واحد فقط لان الوساطة السياسية قامت بما يمكن القيام به فقط لحماية هؤلاء القضاة، ناهيك عن أموال طائلة بملايين الدولارات عرضت مرات عدة في مقابل القبول بـ”تمريق” ملفات فساد رفضتها بالطبع”.

بدوره، أشار النائب المستقيل نعمة فرام الى أنه ترشح الى النيابة بهدف تغيير الواقع الذي وصلنا اليه اليوم، مؤكداً أنه لم يتفاجأ يوماً بالواقع الحاصل، وأضاف: “رأيت ان المشكلة الأساسية هي ان الاعتقاد الراهن للشأن السياسي هو ان مؤسسات الدولة مشرعة للسبي ويمكن استغلالها بعد الدخول الى الدولة، وهذه العملية بدأت منذ العام 1991 عندما اقر قانون يسمح لأي حزبي بان يستلم مسؤولية إدارية في الدولة اللبنانية”.

وسأل: “من يتكلم اليوم باسم لبنان؟”، مضيفاً ان “المنظومة السياسية تعتبر ان الدولة غنيمة حرب، ولا يمكن النهوض بلبنان إلّا من خلال تحرير الدولة من الفساد”.

وأضاف: “لدينا سنة للقتال على بقاء لبنان، والرؤية واضحة من خلال إعادة بناء الدولة على الإنتاجية والفعالية انطلاقاً من فن بناء المؤسسات”، كاشفا عن انه بصدد تشكيل جبهة سياسية عابرة للطوائف والمناطق لخوض الانتخابات النيابية المقبلة واحداث التغيير الكبير.

وتابع: “تأخرنا لفهم الفساد في لبنان، فهناك منظومة ذكية جداً بجذب الأموال وسرقتها، من خلال جذب السواح والمغتربين اللبنانين مع أموالهم وسرقتها في لبنان من خلال طرح أوهام عليهم”.

وحذر من الوضع الراهن مشيراً الى أننا “امام زوال لبنان الذي نعرفه وهناك نية بتدمير كل ما تغنى به لبنان لسنوات طويلة، فمدارس لبنان وجامعاته وثقافته وكل ما نعرفه عنه يدمر حالياً، ونحن اليوم امام لحظة حقيقة، إما الذهاب الى إعادة بناء لبنان من خلال الدخول بقوة الى مجلس النواب او السماح للمنظومة بالاستمرار بتدمير لبنان”.

وعن كلفة الفساد أشار فرام الى انه علينا جمع كل الأموال التي دخلت الى لبنان منذ العام 1991 وطرحها على ما تبقى منها اليوم.

من جهته، اعتبر عطية أنه “في لبنان لدينا افضل القوانين، ولكن تطبيقها لم يكن صحيحا ولم يحترم هذا التطبيق”، وأضاف: “الإدارة اللبنانية تعمل تحت اشراف أجهزة رقابية هُمشت وهُمش عملها بعدم تطويرها منذ ثلاثين عام، الملاك موجود من العام 1959 تبقى منه اليوم 30٪ منه فقط لمراقبة الإدارة العامة وهذا امر مستحيل تطبيقه بالطريقة المناسبة”.

وتابع عطية: “المسار الإداري غير محترم في الدولة اللبنانية، المعاملات الإدارية يجب ان توجّه من ادنى السلم الإداري الى اعلى المراجع وهذا أساس العمل والقوانين الموضوعة بحسب التسلسل الإداري، ولكن ان يختصر العمل بمكتب الوزير ومستشاريه فهذا فساد”.

وأشار عطية الى ان قرارات هيئة التفتيش المركزي غير محترمة وهناك العشرات من القرارات التي لم تحترم على مدى عشرين عام وأكثر.

وشرح كل من احمد العاصي والمحامية كارين طعمة عن مشروع مكافحة الفساد وتعزيز الشفافية في لبنان بمشروع ممول من الاتحاد الأوروبي وExpertise France ، والأنشطة التي تناولتها الحملة التي تهدف للوصول الى اكبر شريحة ممكنة من المواطنين وتعزيز ثقافة مكافحة الفساد، ولمساعدتهم على فهم تعريف الفساد، وكيفية مواجهته، من خلال برامج تدريبية ومؤتمرات عدة تطال طلاب المدارس والجامعات.

يُذكر أن الهدف الأساسي من إطلاق “منتدى الحكم الرشيد”، خلق إطار تحفيزي لبناء سياسات عامة أكثر قابلية للتطبيق، تأخذ بعين الاعتبار معايير الحكم الرشيد، وتوفّر وسيلة ضغط بين يدي المواطن اللبناني من خلال تعريفه بحقوقه وواجباته، كما يهدف الى توفير المعلومات المتاحة عن عمل الدولة واداراتها ومؤسساتها، وتحديد الأمور والنواحي التي يمكن تحسينها في الادارة العامة.

ومن المفترض ان يشكل هذا المنتدى صلة الوصل بين صانعي القرار والمؤثرين فيه من جهة، والرأي العام من جهة أخرى، كما أنه سيسعى مستقبلاً الى الانفتاح باتجاه القطاع الخاص، انطلاقاً من القناعة الراسخة بضرورة تحقيق معايير الحوكمة في هذا القطاع ايضاً، بالإضافة الى مؤسسات المجتمع المدني وفي المجالات القانونية والحقوقية وقضايا المجتمع كافة.