IMLebanon

هل يؤدي فشل عون والحريري الى قيادة البلاد نحو المثالثة؟

على مدى الايام القليلة الماضية أمل اللبنانيون بتشكيلة حكومية ترضي فضولهم. حكومة من الحياديين يقبل بها المجتمع الدولي الذي يطالب بالإختصاصيين غير الحزبيين لتفتح الآفاق الى مرحلة التعافي والإعمار والإنقاذ. ولم تكن هذه الانطباعات من فراغ، فكل المواقف التي أعقبت جلسة مناقشة رسالة رئيس الجمهورية ميشال عون السبت الماضي أوحت بوجود جهد وحراك داخليين يلاقيان جوا دوليا يدعو الى الإسراع في تشكيل هذه الحكومة بعدما عبر ممثلوه في بيروت عن ذهولهم بما يجري على الساحة اللبنانية من تلاعب باستحقاقات دستورية كبيرة تهدد مصير الدولة والكيان فباتت وحدة مؤسساتها على شفير الهاوية بعدما افتقد اللبنانيون مختلف انواع الخدمات وابسطها وقد عجزت عن توفيرها دولة اقل ما يقال فيها انها فاشلة ومارقة.

انطلاقا من هذه الخلفيات، توجهت الانظار الى مجموعة السيناريوهات التي تحدث عنها العاملون على ملف التأليف من اجل التوصل الى تشكيلة حكومية يتلاقى حولها المعنيون بها اولا، بدءا من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلف لتشكيل الحكومة سعد الحريري ومن يحيط بهما بعدما وضع الجميع والديبلوماسيون المؤثرون في اللعبة الداخلية من بينهم، الثقة المطلقة بما يمكن ان يقوم به رئيس مجلس النواب نبيه بري والبطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي بالرغم من الفوارق في دور هاتين الشخصيتين ومهمتهما.

وان اعتبر بعضهم ان فشل عون والحريري في التوصل الى التشكيلة التي يغدق عليها الطرفان اوصافا متناقضة، فقد عبروا عن القلق من ان تكون هذه الاجواء التي يعيشها اللبنانيون مبنية على خريطة طريق ربما ستقود الى متغيرات كبيرة في النظام لا تستند الى الدستور. وفي خلفية هؤلاء ان إشراك رئيس مجلس النواب بالمفهوم الدستوري في عملية التأليف يشكل خروجا فاضحا على الاصول الدستورية التي تقول بالفصل بين السلطات الدستورية في محاولة لإحياء الهواجس المخفية من اعتبار ما حصل ان اكتملت فصوله إلى نوع من المثالثة في توزيع الصلاحيات بين السلطات الدستورية.

وردا على اصحاب هذه النظرية ، يقول العارفون ان اللجوء الى تطبيق الدستور والعودة الى نصوصه أمر نسيه اللبنانيون. ولذلك لا داعي للقلق من اي توجه من هذا النوع، فرئيس الجمهورية عبر عن النية باحترام الأصول الدستورية وكذلك الرئيس المكلف، وان كان عليهما ان يكونا اكثر جدية وطراوة في مواجهة الاستحقاق بالنظر الى خطورة المرحلة وحجم انعكاساتها على الساحة اللبنانية، فتدخل بري لا يأخذ اي طابع دستوري بقدر ما هو قائم بالمفهوم السياسي لوسيط مقبول من طرفي الصراع رغم حجم الملاحظات المتبادلة في ما بينهم والتي تعزز الشكوك بالنوايا الى مدى لا يمكن توقعه. وقد بنيت المعادلات الاخيرة على رغبات تتجاوز النصوص الدستورية والمهل المعقولة التي لم يلحظها الدستور. فالمشترع الذي لم يحدد اي مهلة لتشكيل الحكومة لم يتوقع يوما ان يكون في مواقع السلطة والقرار في لبنان من يقدم طموحاته الشخصية والمصالح الآنية على كل ما يصب في الصالح العام.

وإن قارب البعض دور البطريرك الراعي ، فان التفسير مختلف، فالبطريرك الذي اتخذ موقفا واضحا من اركان السلطة منذ بداية الازمة فرضت الثقة المتعاظمة به من اكثرية اللبنانيين ان يكون وسيطا داعما من اجل تشكيل الحكومة وتطويق المحاولات الجارية لاستغلال الازمة من اجل احياء فتنة مذهبية ، بات على خط الاتصالات والوساطات من دون ان يكون في نيته التدخل في ما لا يعنيه دستوريا.

وبناء على ما تقدم، كل ما يأمله المراقبون ان يتجاوز الجميع التشكيك المتبادل بالنوايا، والمأمول ان هامش الحركة قد بلغ اضيق مما يتصوره احد وان الايام لا بل الساعات المقبلة، حبلى بالخطوات الحاسمة، فان اكتملت فصولها قد تطوى هذه الصفحة السوداء وفي حال العكس فإن الجمر تحت الرماد وما على المسؤولين سوى ان يترقبوا ردات فعل غير محمودة . فالارض تغلي وهي جاهزة لما يشبه الزلزال المتوقع ان فشل المسؤولون بالقيام بأدوارهم الطبيعية. فهل يدركون هذه الحقائق ام ان المصالح اعمت البصر والبصيرة وعندها ما علينا سوى الاستعداد لفصول جديدة من الازمة لا يستطيع احد تحديد مخاطرها من اليوم.