IMLebanon

بعلبك تتحرّك مجدّداً: قطع طريق الجبلي وعودة التحرّكات إلى ساحة المطران

كتب عيسى يحيى في “نداء الوطن”:

إلى ساحة المطران وسط مدينة بعلبك ومقابل قلعتها الأثرية دُرّ، عودٌ على بدء شهدته الساحة التي كانت أيقونة الثورة في بعلبك ومحطة إلتقاء المنتفضين على الواقع الإجتماعي والإقتصادي والسياسي، يلاقيها دوار الجبلي عند مدخل المدينة الجنوبي بقطع الطريق ورفع الصوت، علّ من يسمع وجع الناس وضيق حالهم.

تشتدّ الأزمة المعيشية وتضيق حلقاتها على رقاب الناس في بعلبك الهرمل، حالهم حال إخوانهم على إمتداد الوطن، وتكاد الهموم التي تعصف بهم تخطف أنفاسهم، يبحثون عن رغيف الخبز وليترات البنزين كمن يبحث عن ولدٍ ضائع، هم في وادي جهنم يبحثون عن طريقٍ يسلكونه للتخلص من حرّ القاع الذي أوصلتهم إليه الطبقة السياسية الحاكمة، والمسؤولون في وادٍ آخر، وادي تقاسم الحصص والمطالبة بحقوق الطوائف التي كفرت بمن يحصّل حقوقها ويتكلم باسمها.

كالصواعق تنزل الأزمات فوق رؤوس اللبنانيين، لا كهرباء، لا بنزين، لا مواد غذائية مدعومة، لا بطاقة تمويلية، لاءات تتحكّم بحياتهم حتى أصبحت مفصّلةً على قياس جهنم التي وعدهم بها رئيس الجمهورية، وإن اشتعلت غضباً في طرابلس أمس إحتجاجاً على إنقطاع كهرباء الدولة والإشتراك معاً، فإن بعلبك ليست بأفضل حالٍ منها، فقد عانى معظم سكان أحياء المدينة يوم أمس من إنقطاعٍ كامل للكهرباء في عزّ الصيف الذي وصلت فيه الحرارة إلى درجات عالية، حيث شكلت الأرض ملجأً لتخفيف اللهيب الحارق، وألهبت الحرارة قلوب الأطفال الذين تعرّض العديد منهم إلى عوارض صحية إستدعت توجّههم إلى الصيدليات لشراء الأدوية، كذلك تشهد مختلف القرى والبلدات البقاعية تقنيناً قاسياً للكهرباء وصل في بعضٍ منها إلى حدود العشرين ساعة يومياً.

عند دوار الجبلي ومنذ ساعات الصباح الباكر تجمّع عدد كبير من اصحاب الفانات وسيارات الأجرة وقطعوا الطريق بسياراتهم، إحتجاجاً على إرتفاع أسعار المحروقات وفقدانها في بعلبك الهرمل، وبسبب تردّي الأوضاع المعيشية الصعبة التي يعجزون معها هؤلاء عن تأمين ثمن ربطة خبز لعيالهم. واستمر قطع الطريق حتى ساعات بعد الظهر حيث تم تحويل السير إلى الطرقات الفرعية لتسهيل تنقّلات المواطنين. صاحب أحد الفانات أكد لـ”نداء الوطن” أنه “وبالإضافة إلى زيادة اسعار المحروقات من الدولة وزيادة على الزيادة من قبل أصحاب المحطات في بعلبك الهرمل، غير أن مادة المازوت لا تزال مقطوعة وكذلك البنزين ولا نستطيع ملء خزانات سياراتنا للعمل، فلا مهنة لنا غيرها وليس هناك من مردود مالي، ولدينا عائلات إذا لم نعمل لا تأكل، الوضع الصعب قد يدفعنا إلى اكثر من ذلك”.

من جهتها، تواصل الإدارات العامة وموظفوها إضرابهم لليوم الثاني على التوالي والمستمر حتى التاسع من الشهر الجاري، متزامنةً مع بعض الخروق داخل العديد من الدوائر والبلديات والاتحادات البلدية، حيث فتحت أبوابها لإستقبال معاملات المواطنين، واعتمد بعضها دواماً جزئياً للموظفين والمتعاقدين لتسيير أمور الناس. وكانت انتشرت عبر مجموعات وسائل التواصل الاجتماعي التي تجمع الموظفين مطالبات بضرورة “تغيير الآلية المعتمدة من قبل رابطة موظفي القطاع العام، مع التركيز على زيادة رواتب الموظفين وتأمين تقديمات عاجلة لهم، من شأنها تحسين أوضاعهم المعيشية والاجتماعية وضماناتهم، وأن تشملهم البطاقة التمويلية وتخفيض أيام الدوام وساعاته.

ولأن الثورة في بعلبك ومنذ 17 تشرين إرتبطت بساحة الشاعر خليل مطران، فكانت وجهة المنتفضين والثوار بالرغم من كل الظروف، عادت اليوم تضجّ بهتافات أبناء المدينة، وتحت شعار “رفع الصوت ضد النظام والمطالبة بأبسط الحقوق ما بدّو دعوة”، و “لا أكفر بالشمس إذا خيّب طول الليل ظني”، وجهت الدعوات من قبل ثوار بعلبك – الهرمل للتجمع في الساحة عند الخامسة عصر امس، حيث توافد عشرات المحتجين رافعين الشعارات المطلبية التي تحاكي هموم الناس، ومرددين الشعارات الثورية والمطالبة بإسقاط النظام.