IMLebanon

جولة للإعلاميين في محمية أرز الشوف

نظمت محمية أرز الشوف الطبيعية ومبادرة الشوف الأصيل، في اطار تشجيع السياحة البيئية الداخلية والتنمية الريفية، يوما سياحيا بيئيا في ربوع منطقة الشوف بالتعاون مع نادي الصحافة، شاركت فيه نخبة من الاعلاميين من مختلف القنوات التلفزيونية والاذاعية والصحف والمواقع الالكترونية، يتقدمهم المدير العام لوزارة الاعلام الدكتور حسان فلحه ومدير “الوكالة الوطنية للاعلام” زياد حرفوش وعدد من الوجوه التلفزيونية والناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي.

وتعرف الوفد الاعلامي على الجزء الجنوبي من محمية أرز الشوف الذي يعد آخر امتداد للأرز اللبناني في قرية نيحا الشوف، كما تعرف الى التعاون الدائم القائم بين المحمية والبلديات والتعاونيات الزراعية ومقدمي الخدمات والمجتمع المحلي ككل لتعريف الضيف على تراث وتاريخ المنطقة والنشاطات الصديقة للبيئة التي بإمكانهم اختيارها.

الانطلاق كان من الأشرفية على متن الباص السياحي City Sightseeing Lebanon، وكانت المحطة الاولى في قصر المير أمين حيث كان في استقبال الاعلاميين رئيسة مبادرة الشوف الأصيل نورا جنبلاط ورئيس لجنة محمية الشوف الطبيعية شارل نجيم ومديرها نزار هاني الذي رحب بالمشاركين للمرة الثانية على التوالي في غضون 3 سنوات.

وألقت جنبلاط كلمة إستهلتها بالترحيب بالوفد الاعلامي، وقالت: “نجتمع اليوم لنتابع سويا مبادرة الشوف الأصيل والترويج السياحي وتحسين نوعية الخدمات والتسويق للمنتجات المحلية وربط الشوف بالأسواق المحلية والعالمية”، لافتة الى “أن محمية أرز الشوف الطبيعية قطعت شوطا كبيرا في دعم السياحة الريفية عبر مشاريع متعددة وشركاء محليين وأجانب. وتبنى السكان المحليون هذه الفكرة وفتحوا بيوتهم ومزارعهم لاستقبال السياح وتمكنوا من إيجاد بدائل محلية لتأمين الدخل ورفع مستوى المعيشة، بدائل ترتكز على الحفاظ على البيئة واستدامة الموارد الطبيعية”، معتبرة أن “عملية الحماية لم تعد تشكل عائقا أمام أهل المنطقة بل تحولت إلى فرص عمل وانتاج تحافظ على الإرث الطبيعي والحضاري والثقافي”.

 

وتحدث بإسم الوفد الاعلامي عضو الهيئة الادارية لنادي الصحافة سعد الياس فقال: “قبل ثلاث سنوات زرنا هذا الجبل بدعوة كريمة من لجنة محمية أرز الشوف الطبيعية وبدأنا جولتنا من قصر المير أمين، هذا القصر الزاخر بالتاريخ والحضارة والهندسة المعمارية والقناطر التراثية. واليوم نعود الى هذا الشوف الأصيل ونبدأ مجددا جولتنا من هذا القصر الذي يقع على مقربة من مطرانية بيت الدين المارونية جارة المختارة، هذه الدار التاريخية التي لعبت وتلعب دورا نوعيا في السياسة اللبنانية، وإحتضنت مصالحة تاريخية مع البطريرك مار نصرالله بطرس صفير طوت صفحة الماضي الأليم وحصنت الجبل بجناحيه، هذا الجبل الذي بوحدته يحمي وحدة لبنان، هذا الجبل الذي يتحسس قادته أوجاع اللبنانيين وهمومهم الحياتية والمعيشية بجميع أطيافهم”.

وأضاف: “نحضر اليوم الى هذا الجبل ومعنا مجموعة من نخبة الاعلاميين الذين يشغلون مواقع متقدمة سواء في وزارة الاعلام أو في مؤسسات تلفزيونية وإذاعية ومواقع الكترونية وصحف ليروا بأم العين كيف يتم الحفاظ على البيئة في هذه المنطقة، وكيف تتم حماية الثروات الطبيعية خصوصا أن الشوف يضم أكبر وأهم محمية طبيعية في لبنان، تحتوي على ثلاث غابات أرز بين معاصر الشوف والباروك وعين زحلتا، وتتميز بتنوعها البيولوجي وأشجارها المعمرة وصخورها وبحيرتها وتعتبر ممرا للطيور المهاجرة وموئلا للحيوانات النادرة”.

وتابع: “إننا إذ نشكر لجنة المحمية على هذه الدعوة الكريمة للمرة الثانية بعد ثلاث سنوات، ننوه بعناية رئيسة مبادرة الشوف الأصيل السيدة نورا جنبلاط ومتابعتها وتشجيعها لعمل المحمية التي يترأس لجنتها الاستاذ شارل نجيم الشخص الذي نذر نفسه مع المدير والصديق نزار هاني لتطوير هذه المحمية وتوسيع نشاطاتها لتشمل مبادرة الشوف الأصيل الهادفة الى تنشيط الحركة الاقتصادية والسياحة البيئية، ولتنفيذ مشروع التنمية الريفية وتطوير الحرف والمأكولات التقليدية التي تتمتع بجودتها ونوعيتها”.

وختم الياس: “نجدد شكرنا لكم ونتمنى لزملائنا الاعلاميين نهارا ممتعا بعيدا عن متاعب المهنة وحواراتها الساخنة مع أملنا أن تجد المبادرات الخيرة طريقها الى تأليف حكومة إنقاذية تنهي عذابات الشعب اللبناني وأزماته الحياتية وطوابير الذل سواء أمام محطات البنزين أو على ابواب المستشفيات والصيدليات”.

وكانت كلمة عفوية لفلحه عبر فيها عن إعجابه بطبيعة الشوف وبتاريخها العريق، مشجعا كل المبادرات الهادفة التي تنشط الحركة الاقتصادية والسياحية والتنمية الريفية.

ونوه ب”الدعوة الكريمة من رئيسة مبادرة الشوف الأصيل ورئيس وأعضاء محيمة أرز الشوف”، مشيدا ب”التنوع اللبناني الذي تعكسه تركيبة الوفد الاعلامي والتي تؤكد أن الأمل لن يضيع بقيامة لبنان على رغم تعدد الانتماءات السياسية والطائفية والحزبية”، رافضا “شعار كلن يعني كلن خصوصا في ظل وجود قيادات وشخصيات تعمل من أجل مصلحة لبنان”.

ورأى “أن الامكانيات التي يتمتع بها لبنان كبيرة وغنية وتؤكد أن هذا البلد لا يمكن أن يسقط أو يتلاشى، وهذا التاريخ ماثل أمامنا، وهذه الحضارات الكبرى ماثلة أمامنا”، مشددا على أن “المطلوب إعادة تضافر الجهود وإعلاء شأن المواطنة وتعزيز الانتماء الوطني على كل ما عداه من الانتماءات الأخرى”،

وختم فلحه: “في لبنان يصح القول ان السلم السيىء أفضل من الحرب الجيدة”.

وقبيل الانطلاق الى المحطة التالية، تم توزيع التقرير السنوي للمحمية لعامي 2020 و2019 على الحضور والذي يلخص إنجازات المحمية لجهة الحفاظ على المشاهد الطبيعية والنظم الإيكولوجية من جهة وتشريك المجتمع المحلي وخلق فرص عمل تضمن استدامته من جهة أخرى، اضافة إلى دليل السياحة البيئية في محمية أرز الشوف لعام 2021 الذي يلخص تجربة العديد من الأنشطة والخدمات في القرى المحيطة بها.

بعدها توجه الصحافيون برفقة نورا جنبلاط وفريق المحمية إلى قلعة نيحا الأثرية التي تعد مدخلا من المداخل الستة لمحمية أرز الشوف، حيث كان رئيس بلدية نيحا في إستقبالهم، وبعد الترحيب جال الوفد داخل القلعة التي لجأ اليها الامير فخر الدين وتعرفوا الى تاريخها.

ثم انتقل الوفد الإعلامي إلى جباع الشوفية، وكان في استقبالهم رئيس البلدية في ساحة القرية بصحبة عازف المجوز الذي أمتع الحضور بأجمل الإلحان التراثية.

وكانت المحطة الرابعة في بيت الضيافة في مرستي الشوف بحضور رئيس البلدية وأصحاب بيت الضيافة الذين قدموا الفاكهة من خيرات الأراضي الزراعية في هذه القرية. وقد
شكرت الاعلامية دنيز رحمة فخري بإسم الاعلاميين حسن الضيافة في هذا البيت، وشددت على اهمية تشجيع السياحة الداخلية.

وفي طريقه إلى معاصر الشوف توقف الوفد عند موقع تأهيل نموذجي، قامت المحمية بإستصلاحه عبر ترميم الجدران الحجرية الجافة وزرع المدرجات الزراعية بشتول ذات قيمة أقتصادية وعلى الأسس التقليدية، بالإضافة الى تنظيف الغابات وتحويل الكتلة الحيوية الى سباخ طبيعي بعد فرمها.
أما في ساحة معاصر الشوف فكانت تجربة ركوب الحمير والتعرف الى البلاط العتيق في إنتظار الصحافيين، بحضور رئيس البلدية الذي قام بالترحيب بهم، واختتم النهار بغداء تراثي تقليدي في “الفندق” في معاصر الشوف في أحضان غابة الارز التي تعلو المكان، وتخللت الغداء التكريمي أغان طربية وترحيب من رئيس لجنة المحمية وعقيلته.

وعبر الاعلاميون خلال هذه المحطات عن إعجابهم بطبيعة الشوف، وحسن الضيافة وبالجهود التي تبذل للحفاظ على تراثه وبيئته وتنوعه البيولوجي، وشجعوا اللبنانيين المقيمين والمغتربين على زيارة المواقع الطبيعية والسياحية في بلدهم دعما لتنشيط الحركة الاقتصادية والسياحية ومساعدة لبنان على التخفيف من أزماته الحادة.

وتجدر الاشارة الى أن محمية أرز الشوف أكبر محمية طبيعية في لبنان، تمتد من ضهر البيدر في الشمال إلى جبل نيحا في الجنوب. تأسست سنة 1996 واعلنتها اليونسكو محمية محيط حيوي سنة 2005 وأصبحت تضم 22 قرية محيطة من المقلبين الشرقي والغربي لجبل الباروك ونيحا.
تشتهر بغابات أرزها الثلاثة: غابة أرز معاصر الشوف – غابة أرز الباروك وغابة عين زحلتا – بمهريه. تشكل غابات الأرز هذه ربع ما تبقى من غابات الأرز في لبنان، ويقدر عمر بعض الأشجار بحوالى 2000 سنة. حجم هذه المحمية يجعل موقعها ملائما للحفاظ على الثدييات متوسطة الحجم مثل الذئب وقطط الغابة اللبنانية، وكذلك أنواع مختلفة من النباتات. كما للمحمية ثلاثة مداخل إضافية وهي قلعة نيحا الأثرية، مدخل جباع ومدخل مرستي.
تعد محمية أرز الشوف وجهة شهيرة للنشاطات المتنوعة المتاحة كالسير في الممرات داخل الغابات، والتعرف على النباتات والأشجار، ومراقبة الطيور والحيوانات، والمشي في الثلج، ومراقبة النجوم، والتمتع بمنظر بانورامي للريف وبحيرة القرعون، يمتد شرقا حتى وادي البقاع وغربا باتجاه البحر المتوسط. وكما كل عام أطلقت محمية أرز الشوف دليل السياحة البيئية والمستدامة الذي يعرض للضيف عددا من النشاطات الصديقة للبيئية التي بإمكانه إختبارها. نذكر منها:

– المشي على أكثر من 500 كلم من الدروب.

– مرافقة النحال أو الراعي الى الأراضي الزراعية.

– استضافتهم في أكثر من 28 بيت ضيافة و10 طاولات ضيافة تقدم الأكل التقليدي.

– التعرف على الحرف التقليدية مثل صناعة الصابون والبلاط العتيق والنحت.

– مرافقة المزارع إلى أرضه الزراعية وتحضير مائدة طعام تراثي وغيرها من النشاطات

إنها مبادرة تهدف الى تنشيط الحركة الاقتصادية وتحفيز السياحة لمنطقة الشوف من خلال إظهار جانبهاالأصيل والاضاءة على العديد من المقومات البيئية والتاريخية والثقافية التي تبدأ بشواطئ ساحل الشوف وصولا إلى الأرز مرورا بأهم المعالم التراثية والدينية ما بينهما. كما وتهدف إلى الترويج لنشاطات السياحة الريفية، التنمية المحلية وتمكين صغار المزارعين ومقدمي الخدمات من بيوت ضيافة، طاولات ضيافة، مطاعم صغيرة وغيرها في منطقة الشوف، بالإضافة إلى زيادة النشاط السياحي من خلال بناء شراكات واسعة النطاق بين القطاعين العام والخاص، وضع المعايير وضمان الجودة، تطوير وتنسيق المنتجات السياحية، تطوير استراتيجيات التسويق وتوفير المعلومات الموثوقة للزائرين والضيوف.