IMLebanon

عودة: مسؤولون يعطّلون مسار التحقيق

رأى متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران الياس عودة أنه “كان الأولى بالمسؤولين لو نزلوا من عليائهم ووقفوا بصمت وخشوع الى جانب المواطنين المتألمين، وكانوا الكتف التي يستند عليها”.

وأضاف: “أمام الموت يقف الإنسان مذهولا، متأملا مغزى الحياة وسرها. تفقد الأشياء معناها عند الموت، ويدرك الإنسان أن كل شيء زائل وأن الوقت الذي يهدره سعيا وراءها يذهب هباء. لذلك عليه أن يستغل الوقت للقيام بالأعمال الصالحة والمفيدة، وعوض الشر والحقد والأنانية والإستغلال عليه ممارسة الفضائل وامتهان المحبة والتحنن والتضحية. المسيحي المؤمن يعرف أن الحياة هي فسحة ممنوحة لنا للتوبة والعودة إلى الله، وأن الوقت عطية ثمينة يجب ألا نضيعها بالإهتمام بالأمور الزائلة والفانية، بل علينا الانصراف إلى ما يؤدي بنا إلى الخلاص والحياة الأبدية. عندما يعي الإنسان هذه الأمور ويتأمل في أبعادها ربما قد يخفت صوت الشر، وتخف النزاعات والحروب، وتتراجع الجرائم، ويعود الإنسان إلى إنسانيته”.

وتابع: “أود أن أقرأ لكم هذا المقطع الإنجيلي: ثم انصرف يسوع من هناك وجاء إلى مجمعهم (حيث الفريسيون معلمو الشريعة أي القانون). وإذا إنسان يده يابسة، فسألوه قائلين: هل يحل الإبراء في السبوت، لكي يشتكوا عليه. فقال لهم: أي إنسان منكم يكون له خروف واحد فإن سقط هذا في السبت في حفرة أفما يمسكه ويقيمه؟ فالإنسان كم هو أفضل من الخروف؟ (وكم هو أفضل من القانون؟) إذا يحل فعل الخير في السبوت. ثم قال للإنسان مد يدك، فمدها. فعادت صحيحة كالأخرى (مت12: 9: 13)”.

وأكد المطران عودة أنه “لا يمكن أن نجعل حضور الله ملموسا عند الحزانى إلا من خلال الإيمان الذي لا يأتي عن طريق الكلام، بل عن طريق المحبة والمشاركة في الحزن. المحبة التي يلدها الإيمان الحقيقي هي أقوى من الموت، وكلمتها هي كلمة تعزية ورجاء، لا تجرح ولا تلهب الجراح، بل تبلسمها. إن كنيستنا المقدسة تود دائما أن ترسل كلمة صلاة إلى المحزونين، فهذه الكلمة يحتاجها ذوو الراقد، كما يحتاجها الراقد نفسه. من هنا، علينا أن نعتاد قراءة الكتاب المقدس، لكي يتجه ذهن الجميع نحو الله ونعرف ما هي مشيئته. الكنيسة تعلم الحاجات الحقيقية للنفس البشرية عندما تكون في الجسد، كما عندما تنفصل عنه. قال المسيح للأرملة: لا تبكي، ثم أقام ابنها الميت. لم يكتف بكلمة تعزية بل أراحها عن طريق الأعمال. هكذا علينا نحن أيضا، على قدر طاقتنا، أن لا نظهر تعاطفنا مع المتألمين بالكلام فقط بل أيضا بالأفعال، لأننا إن كنا نقوم بأعمال حسنة سوف يحسن إلينا الرب مكافئا إيانا. ولكي يجلب حضورنا تعزية للمحزونين، علينا أن نقبل تعزية الله إلى حد ما. علينا أن نختبر، ولو قليلا، الحزن الروحي الذي يقبل تعزية الله. القديس غريغوريوس بالاماس يجد في إقامة ابن أرملة نايين نموذجا لتجديد أذهاننا. إن نفسنا أرملة للختن السماوي بسبب الخطيئة، وعندما تندب ابنها الوحيد، أي الذهن، الذي يموت عن الأهواء محمولا خارج مدينة الأحياء، تقبل زيارة المعزي التي تمنح التعزية الأبدية. المتعزي من الروح القدس المعزي يستطيع أن يقدم تعزية حقيقية لإخوته البشر المحزونين، أما من لا يستطيع التفوه بكلمة تعزية، فعليه أن يبقى صامتا، متألما مع المحزونين، ومصليا، وذلك يكون أفضل من التفوه بكلام الجهل الذي لا يبني ولا يعزي”.

وختم قائلا: “يدعونا إنجيل اليوم أن نتعلم من الرب المتحنن كيف نحمل المحبة الحقيقية للجميع. قد نصادف أناسا أحزنتهم أمور كثيرة غير الموت، فلا نطلق العنان لفلسفاتنا البشرية منظرين عليهم لماذا يجب ألا يحزنوا، لأن ذلك لن ينفع. يجب علينا أن نستمع إلى تأوهاتهم بإصغاء شديد، وأن نقدم لهم يد المعونة، لأن الكلام من دون أفعال باطل. الرب طلب من الأرملة ألا تبكي، ثم أقام ابنها وقدمه لها حيا، مقرنا القول بالفعل، فأصبح فرحها كاملا في المسيح. هكذا، على كل إنسان مسيحي، أن يكون مؤمنا بمسيحه المتحنن، القائم من الأموات، وأن يكون حاويا في ذاته ذاك الفرح القيامي الذي لا يزول. عندئذ يستطيع أن يكون منارة مشعة بالفرح في كل زمان ومكان، ومساعدا في اضمحلال كل حزن ومسح كل دمعة”.