IMLebanon

بين دولة جعجع ودويلة نصرالله… ماذا يختار اللبنانيون؟

جاء في “المركزية”:

اما وقد حصل ما حذر منه الداخل والخارج ووقعت اشتباكات عين الرمانة- الطيونة، او بالاحرى بروفا الفتنة المذهبية التي اطفأها الجيش، فأطل امين عام حزب الله السيد حسن نصرالله مصورا نفسه وحزبه حامي حقوق المسيحيين والمدافع عن لبنان، ورد رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع مفندا “المغالطات” وداحضا الادعاءات، على ان يتحدث نصرالله مجددا الليلة، وبعيدا مما قد تؤول اليه تطورات الملف، فإن خلاصة وحيدة يمكن استنتاجها عنوانها “لا خلاص للبنان الا بدولة القانون القوية بالفعل لا بالشعار”.

فبحسب قراءة لمراقب سياسي مطلع اجراها عبر “المركزية” ان واقعة الطيونة وما تلاها من مضاعفات ومواقف، اثبتت ان الميليشيات على تنوعها هي السبب الاساس للعنف في كل دول العالم، فيما البديل لبلوغ الحلول هو الحوار والقانون الذي يحمي اللبنانيين تحت سقف الشرعية اللبنانية المحّصنة بالدستور والاقليمية المظللة بقرارات الجامعة العربية والدولية التي تمثلها قرارات مجلس الامن، وخلاف ذلك لا يؤدي الا الى الصدامات العنفية. ويقول بغض النظر عن تفاصيل اشتباكات الطيونة ومن بادر الى اطلاق النار ومن يتحمل النسبة الاعلى من المسؤولية وهو شأن متروك للتحقيقات ، فإن مواقف حسن نصرالله جاءت بعيدة كل البعد عن منطق بناء الدولة خصوصا في شقها المتعلق بالتهديدات التي وجهها ليس الى حزب القوات اللبنانية فحسب بل الى اللبنانيين عموما وصولا الى الاقليم مجاهرا بامتلاك قوة من مئة الف جندي “يشير لهم بالاصبع فيزيحوا الجبال”. ان جنود الحزب الذين تحركهم ايران باقرار نصرالله نفسه وصواريخه الـ 180 الفا، هي كلها خارج الشرعية وغطاء المقاومة الذي يفيئها به سُحب عنها لحظة استخدام هذا السلاح في الداخل في غزوة 7 ايار وما بعدها، وقد انتفت علة وجوده في غياب اي مقاومة لاسرائيل فيما الجيش اللبناني الشرعي قادر على القيام بالمهمة والتصدي للعدو حينما يقتضي الظرف. واذا ما كان سلاح وعناصر حزب الله اللبنانيون يهدفون حقا الى الدفاع عن لبنان فليضعوا سلاحهم هذا وانفسهم تحت امرة الجيش والا عبثا يحاول حزبهم اقناع اللبنانيين بمشروعه الوطني وقد بات القاصي والداني يعلم انهم في خدمة مشروع ايران اولا واخرا، وان دور هذا السلاح بات محصورا بأعمال امنية لا عسكرية واسعة وهو ما يناقض منطق الشرعية ودولة القانون والمؤسسات.

ويسأل المراقب باستثناء البيئة الشيعية التي لم تعد تخفي تململها من ممارسات الحزب التي قادت لبنان الى الانهيار وابناءها الى الموت المغلف بشعار “الاستشهاد”، وبعض الخائفين من فائض قوة الحزب والمُرَهَبين بتفجير الفتنة في مناطقهم ذات الحساسية الطائفية، هل في لبنان من المكونات السياسية المسيحية والسنية والدرزية من يؤيد مشروع الحزب لتغيير التركيبة الجيوسياسية ام  تتمسك كلها بالطائف والمعادلة القائمة على المناصفة بين المسلميين والمسيحيين. وتأكيدا على محاولة الحزب ومن خلفه ايران حكما، يكشف نائب سابق نقلا عن الرئيس الفرنسي جاك شيراك عشية اجتماع مؤتمر”سيل سان كلو”ان الايرانيين فاتحوه في سياق البحث عن حل للازمة اللبنانية باعتماد المثالثة في الطائف، الامر الذي رفضته المكونات السياسية حتى ان الرئيس نبيه بري اعلن في احدى اجتماعات هيئة الحوار الوطني برئاسة الرئيس ميشال سليمان انه يتحدث باسم الشيعة والسنة والدروز”انهم ضد المثالثة وانشاء هيئة تأسيسية وهم متمسكون بالطائف وبمعادلته القائمة على المناصفة”.

اما خلفيات تهديدات نصرالله وشهر ورقة فائض القوة، فيعزوها المراقب السياسي لجملة اسباب محلية واقليمية حملته على ان يشكل محورالحدث في لبنان: القلق من الاستحقاق الانتخابي وتراجع الشعبية وفقدان الغالبية في المجلس، استئناف المفاوضات السورية بين المعارضة والنظام في التعديلات لدستور جديد والاتصالات العربية مع النظام السوري بوتيرة متسارعة تشي بعودة النظام الى الحضن العربي على حساب طهران، تقدم المفاوضات السعودية الايرانية، استئناف مفاوضات فيينا النووية قريبا . ويضيف ان نصرالله يعتقد انه من خلال الهيمنة والتهديد، تهديد القضاء وتهديد الحكومة وتهديد كل متجرئ على مواجهة مشروعه الاقليمي انما يحقق النتائج المتوخاة من دون الاصطدام بأي مكون تجنبا لرد فعل الشارع، الا انه  بفائض قوته اوقع نفسه وحليفه حركة امل ومعهما العهد وتياره في ورطة اظهرت في شكل فاقع من يريد الدولة ومن يسعى لتكريس منطق الدويلة.

في المقابل، وفي اطلالته ليلا، بغض النظر عما اذا كان حزب القوات اللبنانية تدخل او شارك عن قرب او عن بعد في حوادث الطيونة، تحدث جعجع بلسان الدولة ومنطق القانون وكل لبناني ساع الى عودة لبنان لشرعيته وعروبته وفك ارتباطه “الجهنمي” بمحور الممانعة الذي انهكه وكسر ظهر اللبنانيين، فقارب الملف بواقعية واضعا نفسه تحت القانون وقد اعقبها بتغريدة اليوم قال فيها “أنا كرئيس حزب لبناني شرعي تحت القانون. ولكن لتستقيم العدالة، على القضاء ان يتعاطى مع كل الأطراف في البلد على أساس انهم تحت القانون.يظهر ان الطرف الأساسي في أحداث عين الرمانة يعتبر نفسه فوق القانون، وللأسف يجاريه القضاء العسكري حتى الآن بهذا الاعتقاد”. فهل تثبت الدولة لمرة واحدة عدالتها وتتعاطى قانونيا مع الملفات ام تعود الاستنسابية ويتفوق منطق دويلة حزب الله وفائض قوته واذعان الخائفين منه للأمر الواقع المفروض، على الدولة المستسلمة  لمشيئة من يصوّر نفسه “كليّ القدرة”؟