IMLebanon

هوكشتاين في إسرائيل: هذا الحدّ الادنى لاتفاق الترسيم مع لبنان

جاء في “المركزية”:

من اسرائيل، حيث حطّ مبعوث وزارة الخارجية الامريكية لشؤون الطاقة الوسيط الاميركي في المفاوضات حول الحدود البحرية بين  بيروت وتل ابيب، آموس هوكشتاين واجرى محادثات مع وزيرة الطاقة كارين الهرار ومجموعة من المسؤولين في وزارة الطاقة الخارجية والجهاز الامني، افاد موقع “والا” الاخباري نقلا عن مسؤولين اسرائيليين مطلعين ان هوكشتاين شدد في محادثاته على انه في حال لم يتم التوصل الى اتفاق قبل الانتخابات في لبنان ، فانه سينسحب من القضية.

السقف العالي الذي طبع به الوسيط الاميركي موقفه لجهة التلويح بالانسحاب ليس ناجما عن عبث، انما هو ورقة ضغط يوظفها لحمل طرفي التفاوض غير المباشر، الذي لا يبدو سيعود الى الناقورة بصيغته الاخيرة بل يتولاه شخصيا من خلال جولات بين البلدين ينقل في خلالها المواقف ويسعى الى صياغة تسوية يطرحها على الطرفين، بعدما استمع منهما الى ما لديهما في هذا الشأن، لحملهما على خفض الشروط والالتقاء على حل وسط يرضي الطرفين المستعجلين  بلوغ التسوية وكل لمصلحته. فلبنان في امس الحاجة الى انهاء الترسيم لبدء التنقيب ورفد مالية الدولة المفلسة بالعائدات النفطية المستخرجة بما يشكل متنفسا يقيها الانهيار الشامل، واسرائيل من جهتها تضع في اولوياتها الحفاظ على امنها ومصالحها الاقتصادية.

تقاطع المصالح هذا، تقول مصادر لبنانية معنية بملف ترسيم الحدود لـ”المركزية” هو اكثر ما يناسب الاميركي الراغب والضاغط في اتجاه تحقيق انجاز الترسيم وبلوغ حل يضمن امن حليفه الاسرائيلي بحريا تمهيدا للانتقال في مرحلة لاحقة الى الترسيم البري. وتضيف: ان وفد لبنان الى مفاوضات الناقورة الذي اعدّ ملفا مبكّلا بكل ما للكلمة من معنى يؤكد حق لبنان الكامل بالخط 29 وليس 23، قانونيا واخلاقيا، وهو ما تدركه اسرائيل منذ عقد من الزمن من خلال جلسات النقاش التي جرت مع قبرص، غير انها تراهن على الانقسامات اللبنانية الداخلية الحادة لقضم اوسع مساحة من حق لبنان البحري ، حتى ان الوفد برهن في آخر جلسة تفاوض ان الخط الاسرائيلي خطأ قانونيا كما الخط 23، واكد صوابية الخط 29 الذي لم يتمكن وفد اسرائيل من نقضه او تسجيل ملاحظة واحدة على الطرح اللبناني، وعند هذه النقطة قرر وقف المفاوضات، مراهنا على كسر الحق اللبناني بأخذ السياسيين “بالمفرق” على غرار ما حصل ويحصل حتى الساعة في المفاوضات الجانبية بين الوسيط الاميركي والمسؤولين السياسيين.

وتشرح ان هوكشتاين حينما زار لبنان اخيرا، اجتمع الى رئيس الوفد المفاوض العميد الركن بسام ياسين واستمع منه الى شرح مفصل ودقيق حول مختلف جوانب القضية والحق اللبناني المكرّس وابلغه بأن  سبيل النجاح في مهتمه يمر فقط عن طريق تقديم طرح منطقي تقبل به كل الاطراف اللبنانية ليمر في مجلس الوزراء ويرتكز الى رسم خط جديد ما بعد حقل قانا، الذي يقترح هوكشتاين تقاسمه بين لبنان واسرائيل، لان الحد الادنى المقبول لبنانيا هو الحصول على حقل قانا، اذ ان لبنان اذا ما استخدم مرسوم الخط 29، وهو ورقة اخيرة يحتفظ بها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في اطار الضغط في المفاوضات، فإن حق لبنان سيصل الى حقل كاريش. وتبعا لذلك، باتت مهمة هوكشتاين في اسرائيل اقناع المعنيين بضرورة الموافقة على الحد الادنى المقبول لبنانيا والا ، وخلاف ذلك فإن لبنان سيلجأ الى طلب تعديل حدوده وفق الخط 29، وهو ما لا يناسب اسرائيل التي ستصل اليها مطلع العام باخرة التنقيب اليونانية  التابعة لشركة “إينيرجيان” (Energean)  من أجل التنقيب في القسم الشمالي من حقل كاريش في 3 الى 5 ابار، والقريب من البلوك رقم 9، بعدما وقعت عقدا مع  شركة الخدمات النفطية الأميركية، “هاليبرتون” (Halliburton)، وان لم ينجز الترسيم باتفاق الحد الادنى، فإن الشركة المستثمرة التنقيب على مدى 30 عاما، واسهمها في لندن، ستصبح في وضع قانوني ضعيف وقد تتراجع بفعل الهاجس الامني لجهة العمل في منطقة متنازع عليها.

انطلاقا من الوقائع المشار اليها، تعرب المصادر عن اعتقادها ان شهرَ هوكشتاين ورقة انسحابه ان لم يصل الطرفان الى تسوية حتى موعد الانتخابات في لبنان، يشكل حثاً لاسرائيل في شكل خاص على القبول بالطرح اللبناني التسووي لا سيما بعد قرار محكمة العدل الدولية في ما خص النزاع الحدودي بين الصومال وكينيا حيث التطابق شبه تام مع النزاع اللبناني- الاسرائيلي، بما يجعل الحق بالخط 29 مثابة قرار مبرم، ان لم يتفق الطرفان واحيلت القضية الى المحكمة المشار اليها. فهل يُقنع الوسيط الاميركي حليفه الاسرائيلي بالقبول بالتسوية، الني يطرحها لبنان ولو انها مجحفة في حقه، فتُرّسم الحدود البحرية وتطوى الصفحة النزاعية ام يتفوق الرهان الاسرائيلي على الانقسام اللبناني ويدفع لبنان مرة جديدة ثمنا باهظا بخسارة حقوقه وسيادته، على غرار خساراته الداخلية المتراكمة الى درجة تحلل الدولة وانهيارها؟