IMLebanon

قطار الإنتخابات يقلع… المرفأ والطيونة لاستنهاض الشارع؟!

أقلّ من نصف عام يفصل لبنان على الانتخابات النيابية. وفي أقل من عام بات لبنان على لائحة الدول الأكثر فقرًا. لكن ما يصحّ القول فيه أن المشهد الانتخابي لا يزال ضبابياً وغير واضح المعالم حتى اللّحظة، علماً أن غالبية الأحزاب والتيارات السياسية بدأت بالتّحضير لخوض هذه التجربة، إن من خلال تشكيل الماكينات أو عبر البحث الجدّي في التحالفات، أو عناوين وبرامج الحملات الانتخابية.

إذا التركيز ينصب في هذه الفترة على الانتخابات النيابية المقبلة التي ستجري في 27 آذار المقبل إذا لم يطرأ جديد في حال وافق مجلس شورى الدولة على المراجعة بالطعن في القانون الذي تقدم به تكتل لبنان القوي. واللافت أن التصويب على هاجس الإنتخابات يتفوق لدى بعض الكتل السياسية والأحزاب على الهمّ المعيشي والإجتماعي وحتى الصحي في ظل عودة الهلع من تفشي وباء كورونا بعد التحليق المفاجئ لأعداد الإصابات والوفيات. ولعلّ السبب في ذلك يكمن في أمل اللبنانيين أن تشكّل هذه الانتخابات منعطفاً للخروج من الأزمات وحالات الركود المتواصلة، أو بمعنى آخر فرصة للإنقاذ.

لكن ماذا لو لم تجرِ الانتخابات في وقتها المقترح أو المحدّد؟ تشير مصادر سياسية في المعارضة أن “هذا الإحتمال قائم بالنظر إلى تهيّب بعض القوى من نتائج الانتخابات، وثمة من يتمنى ذلك ويعمل على تأجيلها أو ترحيلها إلى وقت بعيد يقيناً منه للخسارة التي سيحصدها على رغم تحالفه مع قوى وأحزاب تتحكّم بالبلاد والعباد”. وتضيف الأوساط “أن في حال عدم حصول الإنتخابات النيابية سنكون أمام دوّامة جديدة من الأزمات التي لا تُحتمل، وأمام مجلس نيابي مطعون بشرعيته، مما يضع الإنتخابات الرئاسية على المحك”.

وبعيدا من هذا الإحتمال، تبرز التغييرات الحاصلة في القواعد السياسية وأرجحية انسحاب بعض القوى من المواجهة الانتخابية وترك فراغ كبير في الساحة الطائفية والسياسية. والسؤال الذي يطرح، من يملأ هذا الفراغ بشكل كلّي أو جزئي؟ وماذا لو حصل تبدّل في التحالفات؟ وهذا أيضاً احتمال قائم في الانتخابات المقبلة على خلاف الانتخابات الماضية في العام 2018. فعلى سبيل المثال حزب الله الذي ينظر إلى ما يجري على أنّه جزء من معركة إقليمية سيعمل على قطع الطريق أمام القوى المناهضة له حتى لا تستأثر بالأكثرية النيابية انطلاقاً من حسابات تتصل بالوضع الإقليمي أكثر مما سينطلق من حسابات لها علاقة بالداخل اللبناني، وفي هذه الحالة يمكن أن يجد له مساحات جديدة من التحالفات التي توفّر له فرصة لمواجهة التحدّيات خاصة في الساحة السنّية التي تشهد حالة فراغ جراء تراجع المستقبل، وهنا يبرز الحديث عن إمكان نسج تحالف بين حزب الله وبعض المكوّنات السنّية القوّية شعبياً ومن بينها الجماعة الإسلامية على سياسات واضحة لها علاقة بالتحدّيات الإقليمية من ناحية وببناء الدولة من ناحية ثانية. وفيما لو حصلت مثل هذه التحالفات فإنّها أيضاً قد تخلط الكثير من الأوراق لناحية نتائج الانتخابات النيابية المقبلة.

حتى اللحظة تشير المصادر الى أن كل فريق سياسي لا يزال يقيّم حساباته إفراديا. ولا تستبعد أن تكون الأحزاب السياسية التي تعاني إفلاسا في ما يتعلق بالأزمة الحياتية قد تلقفت الأحداث الأخيرة في لبنان بدءا من تفجير مرفأ بيروت، مرورا بأحداث الطيونة وصولا إلى الأزمة الديبلوماسية وتداعياتها التي ستفرز نتائجها أيضا على خارطة التحالفات وفي صناديق الإقتراع بهدف إرجاع الناس إلى بوتقة الإنقسام العامودي الذي كان قائما بين 8 و14 آذار. ورجحت المصادر أن تكون هذه المحطات بمثابة الشعارات الوجودية التي ستطرح لاستنهاض الشارع اللبناني الغارق في متاهات الأزمات الحياتية وبالتالي إلهائه. لكن في حسابات السياسيين لن تكون إلا أساسا لبقائهم في السلطة.

ولا تخفي المصادر إمكان إسقاط  التحالفات في معارك الإنتخابات النقابية على الإنتخابات النيابية، لكن النتائج ليست مقياسا ولا يمكن الإرتكاز عليها أو إسقاطها على صناديق الإقتراع النيابية. مثلا الحركات اليسارية في الثمانينات وأواخر التسعينات كانت تحصد الأصوات وتحقق فوزا كاسحا في الإنتخابات الطالبية، لكنها لم تتمكن من إسقاطه على الإنتخابات النيابية.

وعن دخول المجتمع المدني على خارطة التحالفات في انتخابات 2022، تؤكد المصادر المعارضة أنها ستحدث فارقا وتغييرا شرط ألا تضع مجموعات الثورة آمالها وطاقاتها في سلة الإنتخابات فقط لأنها ليست إلا خطوة، والمعركة السياسية تحتاج إلى حركة سياسية منظمة قادرة على وضع الخطط الإستراتيجية للتغيير. أما التحالفات على القطعة فنتائجها تذهب مع الريح مع إقفال صناديق الإقتراع حيث سيجلس الجميع بعدها على طاولة واحدة وكأن الانتخابات لم تكن”.