IMLebanon

لبنان “العاجز”… يُحاوِر نفسه

كتب وسام أبو حرفوش وليندا عازار في “الراي الكويتية”:

كمَن يُحاوِرُ نفسَه أمام المرآة. هكذا يبدو لبنان الرسمي في مقاربته العاصفة الديبلوماسية المستجرّة مع دول الخليج العربي والتي تشكّل انعكاساً لواقعه السياسي الذي لطالما انقسم حيال مرتكزات هذه الأزمة وتحديداً ذات الصلة بانكشاف «بلاد الأرز» على صراعات المنطقة واختلال التوازنات الداخلية لمصلحة «حزب الله» وتالياً تمكين المحور الإيراني الذي تمدّد قوس نفوذه حتى البحر المتوسط.

فعلى مشارف الأسبوع الثالث من انفجار الأزمة بـ «صاعق» تصريحات وزير الإعلام جورج قرادحي العدائية للسعودية والإمارات، مازالت بيروت وكأنها تُجْري «محادثات داخلية» لمعالجة زلزالٍ فعلي يشي بالمزيد من الارتدادات على شكل تدابير أكثر تشدُّداً تنتظر فقط «ساعة الصفر» ما لم يبادر المسؤولون اللبنانيون لكسْر الحلقة المقفلة عبر استقالة قرداحي التي لم يعُد هناك شكّ بأنها لن تعيد الأمور إلى ما قبل النكسة الديبلوماسية ولكنها يمكن أن تفرمل موجة جديدة من الإجراءات التي لا مصلحة للوطن المُنْهار فيها.

وفي هذا الإطار، استوقف أوساطاً سياسية أن إطلالة لبنان الرسمي على هذه الأزمة باتت تقتصر على حركة استقبالات لسفيري «بلاد الأرز» في السعودية والبحرين والقائم بالأعمال في سفارة لبنان في الكويت الذين زاروا أمس، رئيس الجمهورية ميشال عون، الذي أكد «أن العمل جارٍ لمعالجة الوضع الذي نشأ بين لبنان والسعودية وعدد من دول الخليج، انطلاقاً من حرص لبنان على إقامة أفضل العلاقات مع الدول العربية الشقيقة خصوصاً السعودية ودول الخليج».

ورأت هذه الأوساط أن كلام عون يبقى في إطار «إعلان النيات» الذي لا يبدّل في وُجهة الأزمة التي تنحدر نحو فصول أكثر قتامة، في حين أن المطلوب ليس «محاكاة الذات» بل الدول المعنية بالغضبة الأكبر على لبنان والتي لا تقبل بأقلّ من إقرار بيروت بفداحة ما أعلنه قرداحي عبر استقالته أو إقالته، باعتبار أن من شأن ذلك بالحدّ الأدنى أن يحسّن صورة السلطات اللبنانية التي ظهرت عاجزة حتى الساعة عن ترجمة رفْضها لما أدلى به وزير الإعلام بحضه على الاستقالة وفق ما عبّر أكثر من مرة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، في حين أن معاودة تطبيع العلاقات بين لبنان ودول الخليج بات يمرّ بالتصدي لِما تجاهر الرياض بأنه «هيمنة إيران عبر حزب الله على بلاد الأرز» داعية لـ «تحرير لبنان».

وقبيل وصول وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو مساء أمس، لم يكن عابراً دخول إيران «الاشتباكي» على خط الأزمة عبر إعلان وزير خارجيتها حسين أمير عبداللهيان بعد محادثات مع أوغلو «اننا نتابع الشأن اللبناني بقلق ولا سيما سلوك بعض السفارات العربية في لبنان»، وذلك فيما تستعدّ بلاد الأرز لاستقبال وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني.

وفي حين تشكّل محطتا وزيريْ خارجية تركيا وقطر، حلقاتٍ في سبحة وساطاتٍ تسعى لتبريد أزمة لبنان مع الخليج وفكّ أسْر مجلس الوزراء المعلّقة اجتماعاته بفعل «الحرب» المعلَنة من الثنائي الشيعي على المحقق العدلي في انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق بيطار وعلى «لغم قرداحي»، فإن مصادر ديبلوماسية أشارت إلى أن محمد بن عبدالرحمن لن يعرض أي مخرج للمأزق الديبلوماسي مع الخليجيين.

وبحسب «وكالة الأنباء المركزية»، فإن الوزير القطري سيؤكد أنه «لابد من خطوات حسن نيّة يبادر لبنان الى خطوها، من قبيل استقالة أو إقالة وزير الإعلام، غير انه سيلفت مضيفيه، الى ان بادرة من هذا النوع لا تعني ان المشكلة ستُحلّ، بل قد تهدّئ نوعا ماً، من الاجراءات العقابية الخليجية».

وإذ كان «حزب الله» أكمل نصاب ما أعلنه «معركة كرامة» بوجه أي إقالة أو استقالة لقرداحي، وصولاً لرسْم رئيس المجلس التنفيذي هاشم صفي الدين معادلة «إذا كان البلد متوقفاً على مال يعطى من دولة أو جهة أو زعامة أو مملكة (…) وأي بلد حين تتوقف حياته على الارتهان فالموت خير له من الحياة»، استوقف دوائر سياسية، الكلام غير المسبوق للسفير السعودي السابق في بيروت عبدالعزيز خوجة، الذي أكد أنه لا يمكن للمملكة «أن تتفاعل وتتعاطى مع حكومة في لبنان يديرها ويسيطر عليها حزب الله الذي أعلن الحرب علينا»، واصفاً الحزب بـ «العدو لنا».