IMLebanon

طبول الحرب تُقرع… ولبنان أشبه بمخيّم! (بقلم رولا حداد)

في أسبوع واحد خرجت أخبار عدة تؤكد أن إسرائيل تُعدّ عملية لضرب منشآت إيران النووية. للمرة الأولى يخرج مسؤول أميركي رفض الكشف عن هويته مؤكداً لرويترز أن إسرائيل بصدد التحضير لهكذا عملية وأن تدريبات تجري بينها وبين واشنطن لتنفيذ المهمة. وهذه الضربة كانت موضوع نقاش مستفيض في الزيارة الأخيرة لوزير الدفاع الإسرائيلي إلى واشنطن. وفي المقابل سمعنا التهديدات الإيرانية المعتادة لإسرائيل في حال تم ضرب إيران.

إنها طبول الحرب تُقرع في المنطقة على وقع فشل المفاوضات النووية، وبعد اعتراف كل الوفود الأوروبية إلى فيينا بأن مقترحات طهران غير مقبولة على الإطلاق، وسط اقتناع راسخ بات لدى جميع الأطراف بأن إيران تحاول كسب الوقت من أجل الوصول إلى إنتاج أول قنبلة نووية.

وفي حين تُقرع طبول الحرب التي قد نعرف كيف تبدأ ولكن لا أحد يمكنه الجزم بكيف ستنتهي، وخصوصاً بعد تهديدات سابقة للأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله بأن أي اعتداء على إيران سيُواجه بفتح كل الجبهات في المنطقة ومن ضمنها جبهة الجنوب اللبناني، يبدو لبنان الرسمي والدولتي والشعبي جالساً على قارعة الطرق الإقليمية بانتظار من يمُنّ عليه ببعض الغاز لإنتاج ساعات قليلة من الكهربا، أو بمن يتصدّق عليه ببعض المواد الإغاثية أو بحفنة من الدولارات سواء من البنك الدولي أو صندوق النقد الدولي علّه يُسعف مئات آلاف العاجزين عن تأمين لقمة العيش.

في حين تُقرع طبول الحرب يقف لبنان عاجزاً عن تأمين أبسط مسلتزمات القطاع الاستشفائي لأبسط الحالات العادية، فما بالكم إن اندلعت حرب لا سمح الله ووقع ضحايا وجرحى كما في كل الحروب السابقة، من سيكون قادراً على تأمين العناية الطبية والاستشفائية للبنانيين في هذه الحال؟ ومن سيكون قادراً على تلبية الحاجات الإغاثية الضرورية؟

طبول الحرب تُقرع وفريق الممانعة في لبنان يزايد بالشعارات الفارغة من دون أي ضمانات للبنانيين الذين باتوا يعيشون في جهنم فعلياً، في حين أن إسرائيل أعدت العدة لكل السيناريوهات!

لعل المشهد الوحيد المعبّر عن الوضع في لبنان في مواجهة كل طبول الحرب تلك هو مشهد مخزن الأسلحة المنفجر تحت أحد المساجد في مخيم البرج الشمالي في مدينة صور. هو مخيم يضم مخازن لسلاح شعارات الكرامة المزعومة، ولكنه يفتقد أبسط مقومات العيش بكرامة لسكانه، من مأكل ومشرب وطبابة وتعليم وفرص عمل. هذا المخيم المنفجر بات صورة مصغرة عن لبنان الذي يفتقر لأبسط مقومات العيش الكريم والبنى التحتية والحاجات الأساسية ما جعل الحد الأدنى للرواتب فيه ينافس على أسوأ مرتبة عالمياً في ظل انهيار عملته، وما جعل الأكثرية الساحقة من أبنائه يحلمون بفيزا هجرة ولو إلى مجاهل أفريقيا، لكنه في الوقت نفسه يعوم على أكثر من 150 ألف صاروخ ويضم 100 ألف مقاتل باتوا أشبه بمرتزقة بين الداخل والخارج لينفذوا الأجندة الإيرانية، يُقتلون خدمة لإيران ويتسببون بقتل لبنان اقتصادياً ومالياً جراء عزله عن أصدقائه الحرب وإلحاقه بالمحور الإيراني.

لبنان كله بات يشبه هذا المخيم الرافض أن يسلّم سلاحه غير الشرعي فيدفع الثمن من كرامة سكانه وعيشهم، وهو مهدد بأي لحظة بأن ينفجر تماما كما انفجر المخزن في المخيم وكما انفجر قبله مرفأ بيروت… ومن يدري أين قد تقع انفجارات لاحقة نتيجة تفلّت مخازن الأسلحة وانتشارها العشوائي!

إنها طبول الحرب تُقرع ولبنان بكل أسف ليس مهيّأ لأن يكون أكثر من مستودعات أسلحة تحت الأرض تهدد بإطاحة من فوقها!