IMLebanon

بين “التيار” و”الحزب”… عرض سينمائي!

كتبت كارولين عاكوم في الشرق الأوسط:

يبرز مجددًا الخلاف بين «حزب الله» و«التيار الوطني الحر»، وهذه المرة على خلفية مقاربة قضية المحقق العدلي في انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار، بعدما أدت ضغوط «الثنائي الشيعي» («أمل» و«حزب الله») إلى تعليق جلسات مجلس الوزراء.

ففي حين يقف «حزب الله» مع «حركة أمل» خلف الضغوط للإطاحة بالبيطار، وتعطيل جلسات مجلس الوزراء، يرفض «التيار» ومن خلفه رئيس الجمهورية ميشال عون، هذا الأمر، ووصل إلى حد دعوة عون لانعقاد جلسة الحكومة حتى لو قاطعها «حزب الله».

ومع أن هذا الاختلاف لم يتحول إلى خلاف علني أو مواجهة بين الحليفين. وفي ظل التزام «حزب الله» الصمت، فقد بدأ يظهر من خلال مواقف نواب «التيار» المنتقدة للحزب وسياسته، والهجوم على رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري، واصفين إياه بـ«الوكيل»، وهو ما قاله صراحة النائب عن «التيار» جورج عطالله، واستدعى رداً وسجالاً مع نواب «أمل»، حيث وضع النائب علي بزي كلام عطالله ضمن «مفاعيل جهنم (العهد) التي أوصلت اللبنانيين إلى ما وصلوا إليه».

وتستمر الانتقادات من قبل «التيار» لـ«حزب الله» التي كان آخرها يوم الجمعة على لسان النائب أسعد درغام، الذي قال إن «حزب الله» يخطئ ولا هم له سوى بيئته، متهماً «الثنائي الشيعي» باللامبالاة بأوجاع الناس. وقال في حديث إذاعي إن «الأخطر من الأفق المسدود، هو عدم المسؤولية التي يمارسها الثنائي الشيعي، واللامبالاة بأوجاع الناس، فمن غير المقبول ربط لقمة عيش المواطن بموقف من قاضٍ، أو ربط عمل السلطة الإجرائية بالقضائية».

وفي حين رأى درغام أن «البلد أهم من المواقع النيابية والتحالفات، خصوصاً أننا على أبواب سقوط البلد بالجوع والشلل الأمني والفوضى»، قال في عرض لمسار التحالف مع «حزب الله»: «في عملية بناء الدولة (حزب الله) كان يقف على الحياد، ولم يقف معنا، بل كان يحمي ساحته وبيئته، وهكذا وصلنا إلى خراب البلد وكأنه لا هم له سوى بيئته».

وأضاف: «حليفنا (حزب الله) يخطئ ونحن متحالفون معه في القضايا الاستراتيجية، لكن نختلف حول الملفات الداخلية، وانتقادنا هو من باب الحرص على استمرار العلاقة معه، لكن بالطريقة الراهنة لا يمكن ذلك».

وفي حين يعتبر الطرفان (حزب الله والتيار) أن الاختلاف طبيعي، وهو لا ينسحب على القضايا الاستراتيجية، يضع البعض وتحديداً خصومهما ما يحصل في خانة الاستفادة والمصالح المتبادلة، لا سيما من جهة «التيار» الذي يستخدم هذا الخلاف سياسياً وطائفياً، خصوصاً قبل الانتخابات النيابية.

ويشبه النائب في «حزب القوات اللبنانية» وهبي قاطيشا، ما يحصل اليوم بين «حزب الله» و«التيار» بـ«العرض السينمائي قبل الانتخابات النيابية»، ويقول لـ«الشرق الأوسط»، إن «التيار الذي خسر شعبية كبيرة نتيجة تحالفه مع (حزب الله)، ويدرك تأثير هذا التحالف السلبي في الشارع المسيحي، يحاول قبل الانتخابات النيابية استرجاع خسارته عبر الإيحاء أنه على خلاف مع (حزب الله)». لكن حسب قاطيشا «فإن المسيحيين لمسوا تداعيات هذا التحالف ليس فقط في طائفتهم، بل في كل لبنان الذي وصل إلى ما هو عليه اليوم، وبالتالي فإن كل ما يقوم به (الوطني الحر) لن يؤثر على قناعتهم».

ويرى قاطيشا أن صمت «حزب الله» على «حملة» التيار ضده هو لعلمه بخلفية ما يقوم به حليفه وأهدافه التي يتفهمها مقابل استفادته المستمرة من الغطاء المسيحي الذي يؤمنه لسلاحه، وبالتالي النتيجة تبادل مصالح بين الطرفين.

من جهته يقول القيادي السابق والمستقيل من «التيار» أنطوان نصرالله، لـ«الشرق الأوسط»، «لم تكن يوماً العلاقة بين (التيار) و(حزب الله) قائمة على الصراحة، بل على المصالح، لا سيما من ناحية (الوطني الحر) الذي يتعامل مع (حزب الله)، كما يتعامل مع مختلف الأحزاب بحيث يريد منه ولا يعطيه، وهو كما يحصل مثلاً مع (حزب الطاشناق) وحصل مع (تيار المستقبل)». ويضيف «في علاقته مع (حزب الله) يستفيد (التيار) في السياسة والانتخابات النيابية مقابل شد العصب المسيحي في الوقت عينه عبر هذه المواقف التي تحمل صفة الانتقاد». وفي حين يعتبر نصر الله أن «حزب الله» لا يمكن ولا يستطيع أن يعطي للتيار كل ما يريده، يجزم أن موقف «حزب الله» من الخلاف بين حليفيه (بري والتيار) سيكون بالتأكيد إلى جانب بري لأسباب مرتبطة بالدرجة الأولى بالبيئة الشيعية، وبالدرجة الثانية بأن رئيس البرلمان يبقى المتنفس له أمام المجتمع الدولي.