IMLebanon

بين الانتخابات… واللاانتخابات! (بقلم رولا حداد)

ليس تفصيلاً كل ما يجري من محاولات لتأجيل الانتخابات حتى إشعار آخر. بدأت المحاولات الجدية والعلنية عبر تقديم نواب من “التيار الوطني الحر” طعناً أمام المجلس الدستوري بالتعديلات التي أقرّها مجلس النواب في قانون الانتخابات. سقطت هذه المحاولة باللاقرار من المجلس الدستورية بعدما فشلت “الصفقة” التي كان أعدّ لها بعض الطبّاخين في الكواليس للمقايضة بين تطيير القاضي طارق البيطار مقابل تطيير الانتخابات وتمرير التعيينات المالية والقضائية والإدارية التي كان يشتهيها النائب جبران باسيل.

انتقل “التيار الوطني الحر” إلى الخطة “ب”، فوقّع رئيس الجمهورية على مرسوم فتح الدورة الاستثنائية لمجلس النواب ناصباً في نص المرسوم لغم البحث بقانون الانتخابات، وهو ما يمهد له النواب العونيون عبر طرح اقتراح قانون معجّل مكرر لتعديل قانون الانتخابات، وتحديداً بما يخصّ إلغاء حق المغتربين بالاقتراع للدوائر الانتخابية حيث قيد نفوسهم وحصرهم بـ6 مقاعد إضافية، بما يعني عملياً إرجاء الانتخابات لإعداد المراسيم التشريعية للمقاعد الإضافية.

ومحاولات تطيير الانتخابات لا تتوقف عند السعي الدستوري، بل يتحفنا بعض رموز محور الممانعة بالحديث الدائم عن التخوّف من أعمال أمنية ما قد تطيح بالانتخابات. وبالتالي يحتدم السباق بين إجراء الانتخابات في موعدها بضغط دولي هائل وتهديد بالعقوبات، وبين سعي التيار البرتقالي مدعوماً من “حزب الله” لعدم إجراء الانتخابات في موعدها وتأمين الذرائع اللازمة.

اللافت في الضغط الدولي لم يعد ينحصر بالتهديد بعقوبات أميركية وأوروبية لمعرقلي الانتخابات، بل تطوّر الأمر بشكل كبير بعد البيان الأخير لمجلس الأمن بإجماع أعضائه ومن ضمنهم روسيا والصين تحديداً. هذا البيان دعا بشكل أساسي إلى تنفيذ اتفاق الطائف والقرارات الدولية وفي طليعتها الـ1559، وذلك في إعادة تذكير بالبيان الختامي لقمة ماكرون- بن سلمان في جدّة، كما شدّد على ضرورة إجراء الانتخابات النيابية والرئاسية في مواعيدها الدستورية بما يشدّد الخناق على محاولي تعطيلها ويوجّه رسالة قوية إلى محور الممانعة بأنه حتى روسيا والصين يرفضان محاولات تأجيل الانتخابات، ما يمهّد ربما لعقوبات أممية أو ربما قرارات جديدة تصدر عن مجلس الأمن في حال العبث بالاستحقاقات الدستورية.

إنطلاقاً من كل ما تقدّم تصبح الخلاصة واضحة بأن كل ما يجري في الداخل ليس أكثر من تخبّط في الوقت الضائع الذي يفصلنا عن الانتخابات النيابية داخلياً وعن ترقّب مسار مفاوضات فيينا دولياً إضافة إلى تتبّع التحركات العسكرية على الحدود الروسية- الأوكرانية ومسار المواجهة العربية- الإيرانية في اليمن. وبهذا المنطق حتى النقاشات حول الموازنة في لبنان تصبح بمثابة ملهاة في الوقت الضائع في غياب خطة التعافي وفي ظل العجز عن إقرار أي إصلاحات بدءًا بملف الكهرباء الذين يعيد المعنيون فيه سيناريو السلفات من دون خطة أو رؤية وصولاً إلى تحويل الموازنة أشبه بحسابات “دكانة” تحتوي على فرض رسوم وزيادة أسعار في محاولة لتمرير الوقت ليس أكثر.

في الـ100 يوم التي تفصلنا نظرياً عن موعد الانتخابات النيابية من يربح السباق: الضغط الدولي لفرض إجراء الانتخابات النيابية ومن بعدها الانتخابات الرئاسية وإعادة الانتظام إلى عمل المؤسسات وتفعيل دستور “الطائف” أم محاولات محور الممانعة الإيراني بالتحالف مع العهد العوني للإطاحة بالاستحقاقات الدستورية ما يُدخل البلد في المجهول نحو الفوضى ومحاولة فرض نظام جديد؟!