IMLebanon

رغم “التأنيب” الكنسيّ… العهد ماضٍ في هذه المعركة

جاء في “المركزية”:

صوّب البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، في عظته الاحد الماضي، سهامه على جهات سياسية اتهمها بالتدخل في عمل القضاء وتسخيره لتحقيق مآرب فئوية خاصة. فقال بحزم ومن دون قفازات:  لا يمكن القبول بممارسات عندنا تطيح بالمؤسسات الدستورية. فمن غير المقبول الإطاحة باستقلالية القضاء وهيبته وكرامته. فبعض القضاة يفقدون استقلاليتهم ويخضعون للسلطة السياسية وينفذون توجيهاتها من دون تقدير خطر هذه الممارسات على مصلحة لبنان العليا. فلا بد من رفع الصوت بوجْه السلطة السياسية لترفع يدها عن القضاء، وتحترم فصل السلطات، وبوجْه بعض القضاة الذين يسيئون إلى رسالة القضاء واستقلاليته بتلوينه السياسي والطائفي والمذهبي، وبجعله غب الطلب، ما يوقع القاضي في حالة الشبهة. إنا نهيب بالمرجعيات القضائية العليا بأن تخرج عن ترددها وتضع حدا للجزر القضائية داخل القضاء. نحن نطالب بمحاكمة جميع الفاسدين الذين بددوا المال العام وأوصلوا البلاد إلى الإنهيار السياسي والإقتصادي والمالي، لا أن تنتقي السلطة شخصا واحدا من كل الجمهورية وتلقي عليه تبعات كل الأزْمة اللبنانية وفشل السنوات الثلاثين الأخيرة. هذا أفضل أسلوب للتغطية على الفاسدين الحقيقيين وتهريبهم من وجه العدالة، وأقصر طريق لضرب ما بقي من النظام المصرفي اللبناني، وتعريض بعض المصارف للإفلاس، وضياع أموال المودعين. ينبغي التنبه إلى مخطط يستهدف استكمال الإنهيار”.

بحسب ما تقول مصادر سياسية معارضة لـ”المركزية”، لا نحتاج الى عناء كبير لمعرفة الجهات التي يقصدها سيد الصرح ولفَهم مقاصده. فهو يرفض اداء العهد في اصراره على الاطاحة بحاكم مصرف لبنان رياض سلامة مستخدما في هذه العملية ذراعَه في القضاء النائب العام الاستئنافي في جبل لبنان القاضية غادة عون، التي تطارد سلامة بدعاوى وملاحقات ومذكرات… ومع ان رسالة البطريرك كانت واضحة وضوح الشمس وقد “عرّى” ما يفعله الفريق الرئاسي معتبرا انه محاولة لتحويل سلامة كبش محرقة ولتحميله وحيدا مسؤولية كل الازمات التي تغرق فيها البلاد اليوم، بما يحصر المحاسبة بحاكم “المركزي” فيحمي ظهره هو (اي الفريق الرئاسي) وكل اهل المنظومة من اي حساب… الا ان هذا “التأنيب” الكنسي، يبدو لم ينفع او يبدل شيئا في اوساط بعبدا – التيار الوطني الحر.

فبحسب المصادر، هذا الطرف، بدعم لا يزال حتى الساعة خفيا، من حزب الله، مصرّ على تطيير سلامة، ان لم يكن بالقضاء فعبر تعيينات جديدة في مجلس الوزراء. ويسعى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل جاهدين في الكواليس للبحث عن ديباجة قانونية او قضائية او دستورية تتيح لهما الوصول الى مبتغاهما بالتخلص من سلامة، وهما يستمعان منذ اسابيع الى دراسات، ويجريان استشارات قانونية ومشاورات، محاولين ايجاد الحل السحري الذي يحقق لهما هذا الهدف. ففي رأي الفريق الرئاسي قد يكون هذا التغيير الحصانَ الرابح الذي سيعيد تعويمهما عشية الانتخابات النيابية ويقودهما نحو الفوز بعدد اكبر من المقاعد في الاستحقاق، بما انهما يريان ان “قبع” سلامة هو مطلب شعبي اليوم.

لكن وفق المصادر، العهد يضيع وقته والبوصلة. فلا موافقة سياسية حتى الآن على تطيير سلامة خاصة لدى رئيسي مجلسي النواب والوزراء، اضف الى ذلك ان لا شوائب قضائية او ثغرات او ادلة في ملفات سلامة تسمح بتجريمه وتحميله مسؤولية الانهيار كما يريد العهد. كما ان الناس يعرفون جيدا ان ثمة منظومة متكاملة مسؤولة عن ايصالنا الى جهنم، منظومة باتت تعرف بثنائي “المافيا والميليشيا”. وعليه، فإن محاولة الباس سلامة وحده ثوب “المتّهم” لن تمرّ على احد ولن ترضي احدا، وطبعا هي لن تبيَض صفحة اهل السلطة ومنهم الفريق البرتقالي، وتبرّئهم من مسؤولية اغراق لبنان في الوضع الكارثي الذي يتخبط فيه اليوم، تختم المصادر.