IMLebanon

الترسيم: هل يخفّض لبنان سقفه؟!

مستبقا زيارة المبعوث الأميركي لشؤون الطاقة، آموس هوكستين، بيروت، لاستئناف البحث في ملف ترسيم الحدود، صعّد لبنان موقفه “الترسيمي” الى الحدود القصوى، فأرسلت الحكومة رسالة إلى الأمم المتحدة، بناء على توجيهات من رئاسة الجمهورية تطلب توسيع التفاوض بشأن الحدود البحرية اللبنانية الجنوبية من الخطّ 23 إلى الخطّ 29، مع الاحتفاظ بحق تعديل المرسوم رقم 6433 في حال المماطلة وعدم التوصّل إلى حلّ عادل.

هذا الموقف الاول من نوعه منذ العام 2011، كان بطبيعة الحال حاضرا في صلب نقاشات هوكستين في لبنان في الساعات الماضية، بحسب ما تقول مصادر دبلوماسية لـ”المركزية”. فالوسيط أتى الى لبنان من تل ابيب وهو مصرّ على تحقيق خرق في جدار المحادثات “الحدودية”، وقد حمل افكارا جديدة في هذا الخصوص الى المسؤولين اللبنانيين، وهو ينتظر جوابا منهم حولها في مهلة ايام خاصة وأنه يريد التوصل الى اتفاق بين بيروت وتل ابيب في مهلة اقصاها نيسان المقبل.

الثلثاء، وبعد لقاء هوكشتاين قائد الجيش في اليرزة، نشرت السفارة الأميركية في لبنان عبر حسابها على “تويتر” تغريدة جاء فيها “حيث هناك إرادة هناك وسيلة. إنّ اتفاق على الحدود البحرية يمكنه أن يخلق فرصة تشتدّ الحاجة إليها لتحقيق الازدهار لمستقبل لبنان. لقاء مثمر اليوم بين كبير مستشاري الولايات المتحدة لأمن الطاقة العالمي آموس هوكشتاين وقائد الجيش جوزف عون”.

“حيث هناك إرادة هناك وسيلة” اذا، فهل الارادة موجودة لدى لبنان الرسمي لخفض السقف والتراجع خطوة الى الوراء؟ بلغة اوضح وعمليّة اكثر، هل هو مستعد للتخلي عن الخط 29 الذي راسل الامم المتحدة في شأنه وللعودة الى قواعد “الاتفاق – الاطار”؟ وهل هو جاهز للذهاب مباشرة نحو خيار تقاسم الثروة النفطية وتجاوز مسألة الخطوط الخلافية بينه والكيان العبري؟

بحسب المصادر، هذه الاسئلة سيتعين على لبنان الاجابة عنها، وبموقف موحّد وواضح وجامع لا مشتت او ضبابي. وبينما قيادة الجيش كانت السباقة الى المطالبة بتعديل الخط 23 لصون كامل حقوق لبنان وعدم اضاعة اي شبر من ثرواته المائية او الغازية، خاصة وان الوثائق والمستندات التاريخية تثبت ان حقوق لبنان لا تتوقف عند الخط 23، فقد بدا لافتا اعلانها في الساعات الماضية “ان العماد عون اكد لهوكشتاين أن المؤسسة العسكرية هي مع أي قرار تتخذه السلطة السياسية في هذا الشأن”. اي ان قيادة الجيش جزمت بأنها لن “تفتح على حسابها” في المفاوضات او تزايد على احد، بل ستكتفي بالتفاوض ضمن السقوف التي يحددها لها اهل الحكم.

الملف اذا وصل الآن الى مرحلة حاسمة: فواشنطن تريد فورا اطلاق عجلة المفاوضات وصولا الى اطلاق مسار التنقيب عن الغاز والنفط. فإما يتنازل لبنان ويعود الى الطاولة من جديد سعيا الى اتفاق سيكون هو مستفيدا منه وإن ليس من ثرواته كاملة… او يرفض التنازل ويتمسك بالخط 29 وبتعديل المرسوم 6433 فتبقى المفاوضات معلقة وربما والحال هذه، ستباشر اسرائيل التنقيب من دون اتفاق، بغطاء اميركي.. او يرفض التنازل مراهنا على “المواثيق الدولية” وعلى “حزب الله” لمنع التنقيب، او على تبدلات في الموازين الاقليمية؟! الايام القليلة المقبلة ستحمل الجواب على طرح “الفرصة الاخيرة” الذي نقله هوكشتاين الى لبنان…