IMLebanon

رسالة لبنان إلى الأمم المتحدة “ظهرت”!

جاء في “المركزية”:

بعد مرور 48 ساعة على تصريح مساعد وزير الخارجية الأميركي السابق دافيد شينكر الذي كشف فيه عن الصفقة التي تمت لرفع العقوبات عن النائب جبران باسيل من قبل بعض أعضاء الحكومة بالتنازل عن الخط 29 “ظهرت” الرسالة التي أرسلها لبنان بتاريخ 28-1-2022 إلى الأمم المتحدة بعدما “طارت” عن الموقع الرسمي لقسم شؤون المحيطات وقانون البحار.

صدفة؟ حتما لا. إلا إذا أردناها كذلك خصوصاً أنها “غطت” بعد ساعات على تغريدة رئيس التيار الوطنيّ الحرّ النائب جبران باسيل حيث كتب: “حرّضتوا قبل على العقوبات واليوم على الحدود… أنا لو بدي أعمل مقايضة على العقوبات، كنت عملتها قبل ما آخدها،مش بعد!”.

خطأ تقني؟ وزير الخارجية عبدالله بو حبيب لم يحدد إذا ما كانت أسباب حذف الرسالة ناتجة عن خطأ فني يقضي بإعادة النشر خلال ساعات، أم هو مرتبط بما يُحكى عن تنازل العهد وفريقه عن الخط 29 لمصلحة الخط 23. أم “قرصنة”. وفي حين أكد “أن لبنان لم يطلب سحب الرسالة المرسلة إلى الأمم المتحدة حول ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل، ولا يمكن لأي طرف أن يسحبها”، قام بتكليف سفيرة لبنان لدى المنظمة الدولية بمتابعة المسألة.

والسؤال البديهي الذي يطرح، لماذا لم تسجل هذه السابقة على موقع المحيطات وقانون البحار إلا مع الرسالة التي بعثها لبنان إلى الأمم المتحدة، ولماذا تزامنت الواقعة مع حذف إسرائيل رسالة رئيس بعثتها في الأمم المتحدة جلعاد أردان التي نشرت بتاريخ 23 كانون الأول 2021 على الموقع الرسمي نفسه ويبدي فيها إعتراض بلاده على فتح لبنان دورة التراخيص الثانية للتنقيب عن النفط والغاز في المياه البحرية التي تمتد الى المياه الاسرائيلية أي الى مساحة الـ 860 كلم مربعا المتنازع عليها بين الجانبين، وجددت بالتالي تمسكها بمساحة الـ 860 كلم مربعا ما بين الخط 1 والخط 23 . وحذرت الرسالة شركات التنقيب عن النفط من القيام بأي أعمال استكشاف أو تنقيب لصالح لبنان في هذه المنطقة.

مصادر مطلعة أوضحت عبر “المركزية” أن رسالة إسرائيل سُحبت بطلب رسمي من الحكومة الإسرائيلية وذلك بعدما اكتشفت دقة المعلومات الواردة في رسالة لبنان إلى الأمم المتحدة لجهة الوثائق والتقارير والمعطيات القانونية التي تثبت في كل بند منها أن المنطقة بين الخطين 23 و29 متنازع عليها. واستبعدت أن تكون عملية حذف الرسالة اللبنانية بالتزامن مع الرسالة الإسرائيلية مجرد صدفة “وربما ارتأى البعض أن رسالة لبنان لم تعد تحمل نفس القيمة بعد سحب إسرائيل رسالتها وبذلك تسقط كل الحجج بالتفاوض من الخط 29”.

حتى اللحظة لا يزال اللغز حول الجهة التي طلبت حذف الرسالة قائماً على رغم إعادة نشرها على الموقع الرسمي نفسه للنزاعات البحرية. وكانت أكدت السفيرة أمل مدللي ان بعثة لبنان في الامم المتحدة لم تطلب ازالتها “ولا علم لها بالموضوع وسنلفت نظر الأمم المتحدة للأمر”. وأضافت أن “رابط الرسالة لا يزال موجودا على موقع المكتبة التابع للأمم المتحدة”.

ورداً على استمرار وجود رابط الرسالة على موقع المكتبة توضح المصادر لـ”المركزية” أن “الرسالة أشارت بوضوح في ختامها على طلب لبنان نشرها على موقع المحيطات وقانون البحار المتخصص في هذا المجال، إضافة إلى وثائق ورسائل مرسلة من لبنان وقبرص وإسرائيل وسوريا في شأن النزاع الحاصل في عملية ترسيم الحدود البحرية”. وتضيف” من الواضح أن الجانب الإسرائيلي أيقن بعد الإطلاع على مضمون الرسالة أنها تشكل له الضربة القاضية لا سيما في الشق القانوني المتعلق بالمنطقة المتنازع عليها بين الخطين 23 و29 ولم يعد واردا أن تتمسك إسرائيل بحقها في الخط 29 الذي تنازل عنه رئيس الجمهورية كذلك الحال في البند المتعلق بحقل كاريش والذي تثبت فيه الرسالة قانوناً بأنه متنازع عليه وكذلك إحتفاظ لبنان بحقه في تعديل المرسوم رقم 6433 في حال فشلت المفاوضات مع الجانب الإسرائيلي”.

وثمة من يجزم بأن “اليد التي حذفت الرسالة عادت وطلبت نشرها من جديد على الموقع الرسمي للمحيطات وقانون البحار المتاح أمام الرأي العام على عكس التقنيات المطلوبة والمعقدة وغير المتاحة للجميع على موقع مكتبة الأمم المتحدة”. وفي السياق تسأل المصادر: “لماذا لم تبرز الأمم المتحدة إسم الجهة التي طلبت حذف الرسالة ولماذا احتفظت برابط الرسالة على موقع المكتبة علما أن أية شركة ترغب في التنقيب لا تدخل إلا على رابط موقع النزاعات البحرية موقع المكتبة ولو لم تفعل ردود فعل “المعنيين والغيارى على مصلحة كل شبر من هذه الأرض براً وبحراً” لتحولت المنطقة المتنازع عليها قانونا إلى منطقة تسرح في أعماقها الشركات المنقبة عن النفط والغاز وعلى عينك يا دولة لبنان. وفي هذه الحال لا يمكن مقاضاتها لأن الرسالة غير موجودة على موقع النزاعات البحرية. وهذا ما قصده في حينه رئيس وفد المفاوضات غير المباشرة في ملف ترسيم الحدود البحرية العميد بسام ياسين عندما غرد قائلا عبر حسابه تويتر: “نتمنى أن يكون هناك خطأ فني يقضي بإعادة نشرها خلال ساعات وإلا من هو الذي اتخذ هذا القرار بإزالة وثيقة رسمية لبنانية تحافظ على حقوق الشعب اللبناني في ثروته التي تقدر بمليارات الدولارات بين الخط 23 والخط 29 ؟”

في البحر لا تزال هناك مساحة 1430 كلم 2 من المياه الإقليمية محذوفة من حق لبنان بعد تخلي الدولة اللبنانية بلسان رئيسها عن الخط 29، فهل تكون محاولة استمالة الجانب الاوروبي والتنديد بالموقف الروسي في الحرب على أوكرانيا بمثابة البديل عن التنازل عن الخط 29 لرفع العقوبات عن صهر العهد؟ وهل أيقنت “الجهة – اللغز” التي طلبت إعادة نشر الرسالة على الموقع أن التنازل عن الخط 29 ليس إلا محاولة فاشلة بعدما أعلن شينكر أن رفع العقوبات يحتاج إلى قرار قضائي وليس بالتنازل عن الأرض والبحر والهوية!