IMLebanon

بيان الخارجية: سعي لكسب ود الأوروبيين بعد الأميركيين؟

لم يُرضِ البيان الذي اصدرته وزارة الخارجية ودانت فيه “الاجتياح الروسي لاوكرانيا”، معظمَ القوى السياسية المشاركة في الحكومة. ففي وقت تبرّأت عين التينة من الموقف هذا معلنة انها لم تكن على علم به، سأل وزير التربية عباس الحلبي، المحسوب على الحزب التقدمي الاشتراكي عبر “تويتر”: ألم يكن من مصلحة لبنان أكثر الحياد من أن يأخذ موقفاً منحازاً والدعوة الى حل الصراع بالطرق السلمية وعن طريق الحوار؟ اما رئيس الحزب الديمقراطي اللبناني النائب طلال أرسلان فقال “حين نرفض التدخّل في شؤوننا الداخلية ونعتبر ذلك خرقاً لسيادة وطننا علينا الإلتزام بعدم التدخل في شؤون الآخرين والدول”. ‏وأضاف “بيان الخارجية اللبنانية لا يعبّر عن موقف لبنان الذي يعتزّ بالعلاقات التاريخية مع روسيا الإتحادية، الأجدى بنا التفرّغ لمشاكلنا وأزماتنا والعمل على معالجتها”.

حزبُ الله بدوره، لم يكن “ممتنّا”، اذ قال عضو كتلة “الوفاء للمقاومة النائب إبراهيم الموسوي، امس “ينأون بأنفسهم ويدَّعون الحياد حيث يشاؤون، ويتدخلون ويدينون أيضاً حيث يشاؤون، أمر عجيب غريب”، وسأل “أي سياسة خارجية يتبعها لبنان، وأين مصلحة لبنان في ذلك؟ تفضّل وزير خارجيتنا عبدالله بوحبيب، وأوضِح لنا الأمر”. اما الوزير مصطفى بيرم فاستغرب خلال جلسة مجلس الوزراء، امس، بيان الخارجية باعتباره “مخالفاً لمبدأ الحياد الذي أعلنته الحكومة اللبنانية فضلاً عن عدم التشاور في الموقف ما يحّمل لبنان تبعات الدخول في مثل هذا النزاع ذات الابعاد الخطيرة”.

هذه المعطيات تؤكد، بحسب ما تقول مصادر سياسية معارضة لـ”المركزية”، ان البيان العتيد صيغ بطلب او بغطاء من رئيس الجمهورية ميشال عون، ولو حاول وزير الخارجية “أخذه” وحيدا “بصدره”… فما خلفيات هذا الموقف؟

على الارجح، تجيب المصادر، هو يصبّ في خانة المساعي الرئاسية المتواصلة لتلميع صورة العهد عموما ورئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل خصوصا، لدى العواصم الكبرى. فبعد التنازل الرئاسي “الترسيمي” والذي من شأنه ان يُرضيَ الاميركيين، انتقل العهد الى جبهة كسب، او محاولة، كسب ود الاوروبيين. من هنا، سُجّلت امس زيارة سفيري فرنسا وألمانيا لدى لبنان لوزير الخارجية والمغتربين عبد الله بو حبيب، لشكر لبنان على البيان حول الأزمة الأوكرانية-الروسية وقد تمنيا استمرار لبنان على موقفه هذا، وطلبا مشاركة لبنان في تبني القرار المقدّم أمام مجلس الأمن حول الأزمة والتصويت عليه في الجمعية العامة لاحقا. وقد أبلغ الوزير بو حبيب السفيرين أن موقف لبنان ثابت ونابع من حرصه بالالتزام بمبادئ الشرعية الدولية والقانون الدولي التي تشكل الضمانة الأساسية لحماية السلم والانتظام الدوليين وسلامة أراضي الدول الصغيرة، خاصةً وأن لبنان عانى الأمرين من الاحتلال الإسرائيلي وانتهاكاته المستمرة حتى اليوم.

ومع ان وزير الخارجية أبلغ السفيرين الألماني والفرنسي بامتناع لبنان عن المشاركة في تبني القرار المقدم أمام مجلس الأمن وأنه ستتم دراسة الموقف اللبناني لناحية التصويت في حال احالة القرار على الجمعية العامة بالتشاور مع المجموعة العربية، ومع ان باسيل غرد امس عبر تويتر كاتبا “حرضتوا قبل على العقوبات واليوم على الحدود. شو سهلة عندكم المقايضة، لأنكم قايضتوا استقلالكم على مواقعكم. يا اذكياء، انا لو بدي اعمل مقايضة على العقوبات، كنت عملتها قبل ما آخدها، مش بعد… قبل، كنت قبضت ثمن عالي مقابل عدم وضعها. بعد، بدي ادفع ثمن غالي لرفعها. انا مش غبي ولا عميل متلكم”، قبل ان يُجري رئيس التيار البرتقالي اتصالات لتهدئة غضبة الروس… الا ان المصادر تجزم ان البيان الذي صدر عن “قصر بسترس” الخميس، كان كافيا ووافيا، وأدى الغرض الذي مِن أجله تمت صياغته، لافتة الى ان العهد سيستمر في بذل كل ما يلزم من جهود، لتبييض صفحته وصفحة باسيل امام اللبنانيين والعالم عشية الانتخابات النيابية والرئاسية، علّهم يرفعون عنه غضبهم وعزلتهم والعقوبات!