IMLebanon

العين على الخارج (بقلم رولا حداد)

في ظل نتائج الانتخابات النيابية اللبنانية التي أتت بعيدة عن منطق الحسم، أو الضربة القاضية، بفعل احتفاظ الثنائي الشيعي بكامل المقاعد الشيعية، كما بفعل حفاظ “التيار الوطني الحر” على ماء وجهه نيابياً وإن بأصوات الشيعة بعد تراجع المسيحي اللافت، ولو أن ظاهرة سقوط حلفاء النظام السوري طغت على المشهد النهائي، تبدو الأنظار متجهة إلى الخارج أكثر مما يمكن أن تعوّل على تطورات في الداخل حيث لا قدرة لأي طرف لا على الحكم ولا على الحسم.

في الخارج تبدو التطورات في الداخل الإيراني متسارعة بين ثورة النقمة على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية حيث يضطر الحرس الثوري الإيراني إلى استعمال كل القمع والإجرام الممكنين بحق المتظاهرين الإيرانيين في ظل حجم شبه كامل لما يجري على الأرض، وبين عمليات انتقامية مثل تصفية ضباط من الحرس الثوري في عمليات متنقلة.

التطورات في الداخل الإيراني تأتي على وقع تعثر مفاوضات فيينا بسبب تعنّت الإيرانيين ومحاولاتهم للحصول على كل التنازلات الممكنة من الأميركيين ما عقّد صورة النتيجة النهائية المرتقبة للمفاوضات وسط إجماع أميركي- أوروبي على توقع الفشل الحتمي. في المقابل تبدو إسرائيل في موقع المحذّر من استغلال إيران لتعثر المفاوضات للمضي قدماً في تصنيع قنبلتها النووية، وهو ما استلزم إجراء مناورات إسرائيلية لمحاكاة استهداف المواقع النووية في إيران.

في الموازاة حصل تطور نوعي فوق الأجواء السورية مع تصدّي صواريخ الـS-300 الروسية للمرة الأولى للمقاتلات الإسرائيلية، في رسالة ظاهرها الرد على الاستعدادات في تل أبيب لتنفيذ عمل ما ضد طهران، ولكن باطنها يتصل بالمساعدات التي قدمها وتقدمها تل أبيب للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلنسكي.

إزاء كل هذه الصورة لا تبدو المفاوضات السعودية- الإيرانية جدية بمقدار ما تهدف لإبقاء خط تواصل بين الرياض وطهران تفادياً للأسوأ، وخصوصاً مع التهدئة التي شهدتها الجبهة اليمنية، وإن كانت السعودية لا تُخفي نيتها بمواجهة المشروع الإيراني على مساحة المنطقة.

وإذا أضفنا التسارع في الانهيار المالي والاقتصادي العالمي إلى الصورة المعقدة، في ظل التضخم غير المسبوق والانهيار في البورصات العالمية والارتفاع الجنوني في أسعار النفط والغاز عالمياً وشحّ موارد القمح والغذاء عالمياً بعد دخول الحرب الروسية على أوكرانيا شهرها الرابع، يصبح منطقياً التكهّن بالأسوأ على الصعيد الدولي حيث أن في التاريخ شواهد كثيرة على أن الحروب شكلت المخرج الوحيد من الأزمات المماثلة.

وفي ظل العجز اللبناني الداخلي، يصبح منطقياً إبقاء العين على الخارج وانعكاسات التطورات الإقليمية والدولية على الساحة اللبنانية لمعرفة أي تسوية أو انفجار يمكن أن ينتظرنا. وحتى نضوج الصورة واتضاح معالم المرحلة المقبلة لن يكون بمقدور اللبنانيين سوى الدعاء أن يخفف الله معاناتهم في ظل نظام معطّل وسلاح يهيمن ومسار متوقع من الشلل المؤسساتي على الأقل من ملف تشكيل حكومة جديدة إلى ملف انتخاب رئيس جديد للجمهورية…