IMLebanon

“حوّل نفاياتك” لأموال!

تحقيق مانويل مطر:

اعتاد الشعب اللبناني على مشهد تراكم النفايات في الشوارع، وعلى الروائح الكريهة الخطرة والسامة التي تنبعث من المكبات كلّما ارتفعت درجات الحرارة أو حلّ فصل الشتاء، فيجد نفسه في كل مرّة يئنّ عبر وسائل الإعلام طالبًا حل الأزمة نهائيًا لكن من دون جدوى.

تسببت أزمة النفايات عام 2015 اثر إقفال المطمر الرئيسي في الناعمة بعد احتجاج سكان المنطقة على الروائح الكريهة، وتوقف شركة “سوكلين” لإدارة النفايات عن جمع القمامة في بيروت وجبل لبنان، في اندلاع احتجاجات بكل المناطق تحت اسم “طلعت ريحتكم”، حيث طالب المعتصمون الدولة إيجاد حل سريع وفعّال للمشكلة التي لم يعد يستطيع أحد تحملها، لأن الأمر لا يقتصر فقط على الروائح والطرقات العائمة، بل على السموم المنبعثة من النفايات التي تُسبب العديد من الأمراض الخطرة.

وحتى يومنا هذا، ما من حل لمشكلة النفايات، فالدولة عاجزة ماليًا وتقنيًا، والبلديات الكبرى غير جاهزة لتولي هذا الملف في ظل مواردها القليلة، هنا تأتي المبادرات الفردية لتحل مكان الدولة والمسؤولين وتحاول إيجاد حلول للأزمات.

مبادرة “Lebanon waste management”، التي تأسست بهدف التخفيف من وطأة أزمة النفايات، أطلقت فكرة الـ”drive throw”  في المدينة الصناعية بمنطقة سد البوشرية، وافتتحت فرعًا آخرًا يوم الأربعاء الأول من شباط على أوتوستراد الصالومي – سن الفيل، والمطلوب فقط جمع نفايات المنازل بأكياس “مُستعملة”، والذهاب إلى إحدى فروع الـ “drive throw”أي الخدمة من السيارة، حيث تتقاضون الأموال مقابل بيع النفايات حسب الكيلوغرام، أو تتبرعون بالمبلغ للأطفال المصابين بالسرطان.

وتختلف أسعار أصناف النفايات حسب الكلغ، فهي تتوزّع على الشكل الآتي: الأوراق بـ1000 ليرة، النايلون بـ1500 ليرة، الالكترونيات بـ5500 ليرة، العلب المعدنية والبلاستيك بـ5000 ليرة، البوليسترين بـ5500 ليرة، البولي ايثلين بـ7000 ليرة، أغطية الزجاجات بـ8000 ليرة، البطاريات بـ15000، علب الألمنيوم بـ27000 ليرة وزيت الطبخ المستعمل بـ25000 ليرة.

إلى ذلك، أشار مؤسس “LWM” والناشط البيئي بيار بعقليني في حديث لموقع IMLebanon إلى أن هذه الفكرة هي الأولى في لبنان والعالم، وقال: “تفاعل الناس في اليومَين الأولَين لفرع الصالومي أكثر من المتوقّع”، لافتًا إلى أن “أرقام فرع سد البوشرية أثبتت نجاح الفكرة في لبنان فتم فرز 300 طن نفايات من أكثر من 4800 زبون، وهدفنا أن نفتتح 6 فروع أخرى حتى نهاية عام 2023”.

وأوضح بعقليني أن “مفهوم النفايات في لبنان بأن الدولة مسؤولة عن نفايات المواطنين غير صحيح”، مشددًا على أن “كل مواطن مسؤول عن نفسه فبكل دول العالم لا يمكنك رمي النفايات عشوائيًا في الصناديق العامة، فعليهم إما الفرز أو الدفع”.

ردًا على سؤال حول دعم الدولة لهذه المبادرة، قال: “الخزينة “مأفلسة” ولا ميزانية لإيجاد حل للنفايات، ووزير البيئة ناصر ياسين دعم الفكرة من اللحظة الأولى وشجع على تعميمها”، معربا عن “ثقته بأن هناك إرادة من السلطة لحل هذه المشكلة لأننا أمام انفجار حقيقي لأزمة النفايات إذا لم يتم استباق المشكلة قبل نهاية هذا العام والا سنكون أمام أزمة أكبر من العام 2015”.

ولفت بعقليني إلى أن “اللبنانيين فقدوا الأمل بإيجاد حل لأزمة النفايات” وأضاف: “نحن نحاول أن نبرهن للشعب أننا نعمل بشكل صحيح وبيئي لأن التلوث المنتشر في لبنان غير مقبول وهو يصيب صحة الجميع والروائح تعم كل المناطق دون استثناء”.

وعرض بعقليني مساعدة اللبنانيين وتعليمهم طريقة الفرز بطريقة صحيحة في حال كان لديهم أي استفسار عبر التواصل مع حسابات “Lebanon waste management” على مواقع التواصل الاجتماعي، مؤكدًا أن الحل “مش كبسة زر ومن الطبيعي أن يستصعب المواطن الفكرة أولًا ولكن لا حل إلا بالفرز”.

لم تَعد النفايات اليوم في لبنان مصدرًا للأمراض والتلوث والروائح الكريهة فقط، بل أصبح بإمكان الشعب اللبناني الاستفادة منها وتحويلها لأموال أو التبرع بالمبلغ لطفل مصاب بالسرطان، هكذا يكون قد أنقذ نفسه وبيئته ومجتمعه وكسب المال بنفس الوقت.