IMLebanon

جريمة في العيادة: تشويه وخداع… وسياسيون يتدخلون!

كتبت سينتيا سركيس في الـmtv:

أصبحت المرآة أكثر ما تخشى باتريسيا مصادفتهُ، بعدما وقعت ضحيّة الفساد التجميلي في لبنان… “شوّهوني وخربولي حياتي” عبارةٌ تردّدها منذ اللحظة التي أدركت فيها أنها وقعت ضحيّة حقنة مزوّرة في مركزٍ تجميلي غير مرخّص!

حالةُ باتريسيا تتشاركها مع كثيرات وقعْنَ في فخّ نصّابين يديرونَ مراكزَ تجميلٍ مخالفة، يصطادون ضحاياهم بأسعارٍ زهيدة مقابل تجميلٍ مزيّف.

“ليوفّروا شويّة مصاري عم ينزعوا حياتهم”، بهذه الكلمات يلخّص نقيب الأطباء يوسف بخاش ما يحصلُ اليوم في هذه المراكز، “لأن المضاعفات كارثية ومعالجتها صعبة جدا، كي لا نقول مستعصية”، وفق قوله، محذرا من عمليّة خداعٍ كبيرة يتعرض لها المواطنون بفعلِ غياب التوعية.

يوضح بخاش، في حديث لموقع mtv، أن الفسادَ في مراكزِ التجميل ليس أمرًا جديدًا، وأن النائب وائل أبو فاعور نظّم هذا الموضوع في السابق حينما كان وزيرا للصحة وعمدَ إلى إقفال المخالفِ منها، غير أنها اليوم عادت لتنتشر بكثافة بفعل غياب الدولة، مشيرا إلى أن مجلس النواب أقرّ قانونا في الـ2017، لتنظيم هذه المراكز حيث أعطى صلاحية إدارتها لـ4 إختصاصات: جرّاحو التجميل، أطباء الجلد، أطباء الأذن والأنف والحنجرة، وأطباء جراحة الفك والوجه.

اليوم، تنتشر في لبنان مراكزُ تجميليّة يديرها منتحلو صفة طبيب، وهم في غالبية الاحيان مزيّنو شعر أو estheticiennes، يُغرون زبائنهم بأسعارٍ زهيدة مقابل حقنٍ تجميلية مغشوشة، تماما مثلهم، منتهكين القانون أولا، والسلامة الطبية ثانيا. إذا أن القانون لا يسمح لغير أطباء التجميل بإجراء الحقن، كما أنهم لا يملكون الإلمام الكافي لكيفيّة استخدام هذه المواد، ولا يدركون خطورةَ إجرائها لأيّ كان.

ويشدد بخاش على أن الطبيبَ التجميلي هو الوحيد الذي يحقّ له شراء الأدوية المرخّصة من وزارة الصحة، وبالتالي فإن هذه المراكز تستعمل أدوية مزوّرة مهرّبة وغير شرعية، وبطبيعة الحال غير مرخّصة من الوزارة. ويشير إلى أن المضاعفات التي تنتج عن البوتوكس مثلا هي الحساسية التي تظهر بعد الحقنة الثانية والتي يحتاجُ علاجها إلى مضادات حيوية، في حين أن الفيلر المزوّر يؤدي إلى تليّف الوجه، إلتهابات وتشوّهات بمنطقة الشفاه والخدود وتحت العيون، شلل بتعابير الوجه، ما قد يسلتزم جراحة للتخلص من المواد المزوّرة المستعملة، وفي كثير من الاحيان يستحيل استئصالها لأنها باتت جزءا من الانسجة.

الأسعار هي المؤشر الاول الذي يجب أن يتنبّه له المواطن، وفق بخاش، فحقنة البوتوكس الفرنسية أو الاميركية مثلا سعرها 120$ وبالتالي فإن أيّ سعر أقلّ من ذلك يستدعي الشكّ، داعيا المواطنين إلى الاتصال بنقابة الاطباء أو وزارة الصحة للتأكد من أن المركز مرخّص وأن المُشرف عليه طبيبٌ من الاختصاصات الاربعة التي ذكرناها سابقا، وكاشفا في هذا الإطار عن مشروعٍ يجري التحضير له، لوضع QRCode في كل مركز أو عيادة للأطباء المسجّلين في النقابة، والتي عبر مسحها يمكن للمواطن أن يحصلَ على كل المعلومات المتعلقة بالطبيب الذي يزوره…

إلى ذلك، جهودٌ استثنائية يقودها جهاز أمن الدولة بناء لتوجيهات اللواء طوني صليبا لإقفال المراكز التجميلية المخالفة، بناء على طلب وزير الصحة الذي وصلته شكوى تقدمت بها مجموعة من أطباء التجميل.

يؤكد المستشار الإعلامي لمدير عام أمن الدولة الدكتور جورج حرب، في حديث لموقعنا، أن التحريات المكثفة لأمن الدولة كشفت كمّا هائلا من العيادات التي يديرها مخادعون لا يملكون شهادة حتى، يُجرون عمليات تجميل وتاتو وحقنا تجميلية، ما أدى إلى تسمّم المواطنين وتشويههم.

ويلفت حرب إلى أنه حتى اليوم، تمّ إقفال 16 صالونا في النبطية و3 في جبل لبنان، و4 في البقاع، 2 منهما مخصصتين للإجهاض والتوليد على أيدي أشخاص عاديين، إلا أنه يشير إلى معضلة جزائية في هذا الإطار، حيث أن الدستور لا يلحظ مواضيع البوتوكس والفيلر والامور الطبية المستجدة.

ويكشف حرب عن ضغطٍ سياسيّ كبير في هذا الملف، غير أنه يؤكد أن شيئا لن يثنيهم عن الاستمرار بهذه الحملة وإقفال كلّ المراكز غيرِ المرخصة.

هي جهودّ جبّارة تُبذل لإنقاذنا من أولئك المخادعين وفسادهم القاتل للحياة في عيوننا وعلى وجوهنا… ومن حقنٍ، بدل التجميل، أضحت للتشويه…