IMLebanon

ضحايا السلاح المتفلت بالجملة سنويًا… هل من يُطبّق القوانين؟

كتبت يولا هاشم في “المركزية”:

“السلاح بيد الجاهل يجرح” حكمة قديمة بالغة الصواب. تشير إلى الفرق بين السلاح الذي تضبطه القوانين ويتحكم به العقل والسلاح السائب في عالم الغاب الذي يقتنيه الجاهل.

تؤكد المعلومات وجود 32 قطعة سلاح فردي لكل 100 شخص، أي حوالى مليوني قطعة سلاح في لبنان. ويُردّد كل من يمتلك قطعة سلاح في لبنان لتبرير حيازته مسدسا أو بندقية مقولة “بكل بيت في سلاح”.

ضحايا السلاح المتفلت في لبنان كُثر لكنهم معروفون بالاسم والمكان والزمان، في حين أن الفاعل مجهول، ونادراً ما يتمّ التعرّف عليه، خاصة وأن معظم الرصاص الطائش الذي يوقع الضحايا، مصدره المناسبات السعيدة كما الحزينة أو إطلاق الرصاص عن بُعد، حيث يقوم فرد او عدد غير محدّد من الأشخاص بإطلاق النار متخفّين ضمن مجموعة من المواطنين، ما يؤدي بالتالي إلى إفلات الجاني في معظم الأحيان من العقاب.

وأوضحت “الدولية للمعلومات” في تقرير بعنوان “ضحايا الرصاص الطائش 7 قتلى و15 جريحاً سنوياً”، أنه من خلال رصد وسائل الإعلام وتقارير قوى الأمن الداخلي خلال أعوام 2010 – 2021 تمكّنت من إحصاء سقوط 81 قتيلاً و169 جريحاً، اي بمعدّل سنوي 7 قتلى و15 جريحاً”.

قد لا تكفي صفحات لتعداد ضحايا هذا السلاح، وآخرها حادثة كلية الفنون في الجامعة اللبنانية في فرن الشباك، حيث أصابت رصاصة طائشة احد الطلاب الذي نجا منها بأعجوبة. وبات ضروريا الحديث عن ايجاد حلّ نهائي لهذه الآفة بعدما تبين ان عدد قتلى الرصاص المتفلت يزداد. وقد تكون حادثة القرنة السوداء التي أودت بحياة هيثم ومالك طوق من بشري من ضمن هذه الخانة أيضاً، إضافة إلى غيرها من الحوادث التي نشهدها من خلافات عائلية أو فردية حيث يتم إطلاق النار والتسبب بقتل أرواح وأخذ “الحق” باليد بدل الاحتكام إلى القانون. فهل يمكن إعادة تنظيم إصدار رخص السلاح في ظل الظروف الصعبة التي تمر بها مؤسسات الدولة؟

عضو لجنة الدفاع النيابية النائب قاسم هاشم يؤكد لـ”المركزية” ان “هذا الموضوع أثير أكثر من مرة داخل المجلس النيابي وخارجه، وكانت هناك اقتراحات قوانين وأُقرَّت من اجل تشديد العقوبات على كلّ من تسوّل له نفسه استخدام السلاح بشكل عشوائي في الهواء وغيره، لأن اضراره واضحة. حمل السلاح مقونن من قبل وزارة الدفاع التي بدورها تتشدّد بشكل كبير في إعطاء الرخص وأعدادها قليلة نسبة إلى تلك التي كانت تُعطى في الماضي. كما تتمّ في كثير من الأحيان ملاحقة مطلقي النار بشكل عشوائي والقبض عليهم وإحالتهم إلى المحكمة العسكرية. فما نحتاج إليه هو التشدّد في تطبيق القوانين وليس إصدار قوانين جديدة، وهذا التفلّت ينطبق على أمور أخرى أيضاً. أعداد القوانين التي أقرّها المجلس النيابي تفوق الثمانين، لكن للأسف لم يتمّ تطبيقها أو إصدار المراسيم التطبيقية لها من قبل الحكومات المتعاقبة”.

ما حصل في القرنة السوداء، ألا يدخل ضمن إطار السلاح المتفلّت؟ “علينا أن ننتظر التحقيق. حتى الآن لم تتضح كافة جوانب القضية. ما حصل جريمة بكل المواصفات أدت الى مقتل شابين لبنانيين. هذا الأمر يحتاج إلى متابعة دقيقة لوضع الأمور في نصابها، على أن تستعجل القوى الأمنية والأجهزة القضائية في كشف كل ملابسات ما حصل، وهذا من الضرورة الوطنية. طبعا هناك قوانين تمنع مثل هذه التصرفات وعقوبات على كل من يطلق النار بشكل عشوائي بقصد القتل أو التخويف أو ما شابه ذلك، وتدخل ضمن الممنوعات القانونية ويتعرّض للمساءلة والملاحقة من قبل القضاء”.

ويرى هاشم “اننا نعيش في واقع استثنائي وغير طبيعي وكل أمورنا تحتاج إلى متابعة دقيقة وإلى إعادة انتظام العمل المؤسساتي لأن حال الفوضى التي تعيشها المؤسسات تؤدي حكماً إلى حالات تفلّت على كل المستويات. ولكي نصل إلى ذلك لا بدّ من البدء بالخطوة الاساسية وهي وجود رئاسة جمهورية، تعيد عمل المؤسسات وصولاً إلى الاستقرار بكل مستوياته السياسية والإدارية، ما يخدم ويعزز مصلحة المواطنين”.

ويختم هاشم: “تطبيق القوانين مسؤولية مشتركة ما بين الدولة بأجهزتها ومؤسساتها وبين المواطن، لأن القوانين من دون التزام تبقى دون جدوى ولا تصل إلى النتائج المتوخاة”.

رخص السلاح: وللتذكير، فإن الاجراءات المطلوبة لحصول المواطنين على السلاح الفردي، تكمن في الحصول على رخصة من الغرفة العسكرية لوزارة الدفاع اللبناني لسنة واحدة ويجوز تجديدها. وتُعطى رخص بنادق الصيد مرة واحدة من وزارة الداخلية (مادة 24 من قانون الأسلحة والذخائر). أما الصيد البري فيقتضي الحصول على رخصة صيد من وزارة البيئة مستندة إلى رخصة قانونية بحمل السلاح من وزارة الدفاع الوطني لأسلحة الفئة الرابعة لصيد الطرائد الموبرة، ومن وزارة الداخلية والبلديات لأسلحة الفئة الخامسة لصيد الطيور البرية (قانون الصيد البري، رقم 580/2004)، مع الإشارة إلى أن قرار وزير البيئة رقم 198/1/2012 حول آلية استصدار آلية رخصة الصيد البري تنص على وجوب إبراز طالب الرخصة نسخة عن شهادة بنجاحه في امتحان الصيد البري صادرة عن أحد النوادي الخاصة المحددة من قبل وزير البيئة. يحق لكل مواطن لبناني بلغ الثامنة عشرة التقدم للحصول على رخصة حمل سلاح، (مادة 29 من قانون الأسلحة والذخائر). يشترط أن لا يكون طالب الرخصة: قد أصيب بأحد الأمراض العقلية، أن لا يكون محكوماً بحرمانه من الحقوق المدنية أو بجناية أو بجرم من الجرائم الشائنة، أن لا يكون محكوماً بمنعه من حمل السلاح أو بجرائم تمس بأمن الدولة. وإذا كان أجنبياً، يجب أن لا يكون تعرّض لمنع الإقامة أو الإخراج من البلاد وألا يكون محكوماً تكراراً من أجل مخالفة أحكام هذا المرسوم الاشتراعي. وطلب رخصة سلاح فردي أو سلاح صيد يجب أن يتضمن المستندات التالية: صورة عن الهوية أو إخراج قيد إفراديا، وصورة شمسية مصدقة، وإفادة سكن من مختار المحلة تبين رقم هاتف مقدم الطلب، وسجلا عدليا.

أما بالنسبة إلى سحب إجازة رخصة السلاح، فيحدث عند انتفاء أحد الشروط المطلوبة (مادة 31 من قانون الأسلحة والذخائر)، أو عند إطلاق عيارات نارية في الهواء، فيصادر السلاح في جميع الأحوال ويمنع الجاني من الاستحصال على رخصة أسلحة مدى الحياة (مادة 1 فقرة أ من قانون “تجريم إطلاق عيارات نارية في الهواء” رقم 71/2016).