IMLebanon

التغيّر المُناخي… واحتجاجاتٌ مُثيرة للجدل!

بعد سنوات من الاحتجاجات السلمية، تتّجه مجموعة من الحركات المدافعة عن البيئة نحو أشكال احتجاجية أكثر تطرفاً وإثارة للجدل، ضمن مساعيها لدفع الحكومات لبذل المزيد من الجهود لمواجهة مشاكل التغيّر المناخي، في وقت تسجّل فيه الكرة الأرضية موجات حرارة قياسية، هذا الصيف.

وفي آخر الأشكال الاحتجاجية المثيرة للجدل، تسلّل عدد من النشطاء البيئيين في وقت سابق من هذا الشهر، إلى ملاعب غولف خاصة في جنوب إسبانيا، وقاموا بإغلاق حفر اللعبة بالإسمنت، وزرعوا زهورا وخضار بالقرب منها، مع شعارات “الغولف مغلق من أجل العدالة المناخية” أو “الماء مصلحة عامة”، وفق ما نقلته صحيفة “وول ستريت جورنال”.

وفي إنكلترا، عطّل دعاة حماية البيئة عدداً من الأحداث الرياضية، خلال العام الجاري، أبرزها اقتحام ملعب للتنس خلال استضافته مباراة ضمن منافسات بطولة “ويمبلدون”، واستهداف طاولات البلياردو في بطولة العالم للسنوكر، لرمي البودرة أو قصاصات برتقالية.

كما قام نشطاء المناخ في الولايات المتحدة بإغلاق صمامات على خطوط أنابيب الغاز الآتية من كندا، وتسلقوا أكوام الدخان في محطات الطاقة التي تعمل بالفحم في نيو إنغلاند لإغلاقها.

وهذا الأسبوع، ألقي القبض على ابنة مالك شركة “ديزني”، أبيجيل ديزني، في هامبتونز مع العديد من النشطاء الآخرين لمحصارتهم مطارا تستخدمه الطائرات الخاصة.

وكتبت أبيجيل ديزني على “تويتر”: “آخر شيء يحتاجه هذا الكوكب هو المليارديرات الذين ينفثون الغازات المسببة للاحتباس الحراري للوصول إلى منازلهم الفخمة على الشاطئ”.

ومن بين الخطوات الأكثر غرابة، إتلاف الإطارات الخاصة بسيارات الدفع الرباعي التي تتجول في دول أوروبية، لثني الناس عن شرائها، واستهدف نشطاء بيئيون أكثر من ألف مركبة، لحدود الساعة.

جدل المكاسب والأضرار

تثير هذه الأشكال الاحتجاجية التي يسعى من ورائها حماة البيئة للفت انتباه العالم والحكومات إلى مشكل التغير المناخي، جدلا واسعا، حيث تطرح أسئلة حول مدى نجاحها وتوّفقها في إيصال الرسالة المرغوبة، وأيضا أضرارها على القضية التي يدافعون عنها، حيث يعتبر الكثيرون أن هذه الخطوات لا تسهم سوى في استعداء العامة وفقدان تعاطفهم.

الأستاذ الجامعي السويدي أندرياس مالم، يرى أن الهدف من الأشكال الاحتجاجية المثيرة والجريئة، “محاولة إحداث صدمة بسبب تهاون الناس في الدفاع عن البيئة”، مبرزا أن “أعمال التخريب لها ما يبررها في كثير من الحالات”.

ويرى الأكاديمي والناشط البيئي السويدي أن “هناك شعورا بين نشطاء المناخ الشباب بأن ما فعلناه حتى الآن لا يكفي”، غير أنه يشير إلى أن بعض “الإجراءات العشوائية، مثل إغلاق الطرق، تثير غضب الأشخاص الذين يحتاجون ببساطة إلى الذهاب إلى العمل أو المنزل”.

وفي استطلاع أجرته مؤسسة “يو كوف” البريطانية عقب إغلاق نشطاء بيئيين لطريق رئيسية حول لندن، قبل سنتين، أكد 59 في المئة من المشاركين معارضتهم الاحتجاج.

وفي فرنسا، وجدت شركة استطلاعات الرأي الفرنسية “أودوكسا” في استطلاع نشر على صحيفة “لوفيغارو”، الأسبوع الجاري، أن 73 في المئة من المستطلعين أرادوا أن تتعقب السلطات، وتعتقل النشطاء الذين يخططون لتخريب المواقع الحساسة.

من جهتها، تجادل هيذر ألبيرو، المحاضرة في جامعة نوتنغهام ترينت في إنكلترا، بأن التاريخ يظهر أن الحركات الراديكالية، يمكن، أن تساعد، في بعض الأحيان، في دفع حملات احتجاجية أكثر اعتدالا.

بالمقابل، يقول ديف جريسوالد وهو يساعد صديقه في نفخ إطارات سيارته رباعية الدفع، في بروتي فيري باسكتلندا، “عليهم توضيح وجهة نظرهم بطريقة أخرى”، ويلفت صديقه إلى أنها المرة الثالثة التي يستهدفون فيها سيارته.

من جانبه، يؤكد كريغ دنكان، النائب في مجلس المدينة، على حق النشطاء في الاحتجاج، غير أنه يشير إلى العواقب التي تنتج عن بعض الخطوات الاحتجاجية التي تبنوها خلال السنوات الأخيرة، خصوصا في ما يتعلق بعرقلة حركة السير.

تبعات قضائية

يواجه النشطاء البيئيون تبعات قضائية لاحتجاجاتهم، قد تصل في بعض الحالات إلى السجن؛ ففي نيسان الماضي، حكمت محكمة إنكليزية على الناشطين، مورغان ترولاند وماركوس ديكر، بالسجن لثلاث سنوات، و سنتين وسبعة أشهر تواليا، بعد تسلقهما جسر الملكة الملكة إليزابيث على نهر التايمز لرفع لافتة “أوقفوا النفط”.

وقبل النطق بالحكم، قال ترولاند إنه وديكر يتخذان موقفا ضد أي آبار نفط أو غاز جديدة يتم حفرها. قال: “لن أكون متواطئا في ذلك”.

وفي ألمانيا، قام نشطاء مناخ، يطلقون على أنفسهم “الجيل الأخير”، الأسبوع الماضي، بمنع الرحلات الجوية في مطاري هامبورغ ودوسلدورف لعدة ساعات بعد اقتحامهم مدرج الطائرات، كجزء من احتجاجاتهم لمطالبة الحكومة ببذل المزيد من الجهود لخفض الانبعاثات، بما في ذلك إنهاء الإعفاءات الضريبية للكيروسين، الوقود الذي تستخدمه شركات الطيران.

وأثار الاحتجاج غضب المسؤولين الحكوميين المحليين، وقال وزير النقل الألماني إن المحتجين متورطون في عمل إجرامي، بينما قال وزير العدل، إن المحتجين يعملون على “استعداء المجتمع، من خلال منع الناس من السفر في إجازات حصلوا عليها عن جدارة”.