IMLebanon

حوادث “الحزب” والنقمة عليه ورقة لوتو لباسيل!‏

كتبت نجوى أبي حيدر في “المركزية”:

على انقاض الدولة المتحللة سياسيا واقتصاديا وماليا واجتماعيا، تُعقد الصفقات وتُبرم التفاهمات. الدولة المهترئة بالكامل بفعل اداء المنظومة الحاكمة وتَغَوّل الدويلة للاجهاز على ما تبقى منها لم تعد تجد من ينقذها في ظل استسلام لقوى الأمرالواقع التي تقضم وتشل مؤسساتها وتصادر استحقاقاتها الدستورية وتهيمن على قضائها وتدّك اسسها المالية وتستبيح سيادتها بوقاحة لم يشهد لها لبنان مثيلا، فتقلب الابيض اسود وتحوّل الضحية جلادا غير آبهة برأي كل من لا يشاطرها مشروعها التدميري ومن يفترض انه شريك في الوطن، فهي حتى لا تعبّره ولا تراه الا حينما تقتضي مصلحتها.

من يقرأ بيان حزب الله اثر حادثة الكحالة يدرك المقصود في هذه السطور. صحيح ان مواجهات معظم اللبنانيين الرافضين مشروع الدويلة مع الحزب ليست بجديدة ، والكل يذكر مسلسل الحوادث المتنقلة من خلدة الى شويا ومن الطيونة الى عين ابل، الا ان لحادثة الكحالة رمزيتها وللمواقف التي اطلقت في تلك الليلة الدموية ابعادها. بدم بارد اطل الحزب ببيانه مقرا بملكية شاحنة الاسلحة ومسقطاً على الاهالي هناك الصفة الميليشياوية لاتهامهم بالاعتداء على عناصر الحزب، فيما الجميع يدرك حقيقة ما حصل وهو موثق بالفيديوهات، باستثناء المحققين طبعا، ومعروفة نخوة الكحالة وشبابها في مساعدة سائقي الشاحنات التي لطالما تسقط على كوعها الشهير، وهم لم يصطدموا يوما مع احد منهم، فلماذا يعتدون على من لم يعلموا اساسا انهم من الحزب، ان لم يبادروا بالاعتداء لمنع اي كان من معرفة محتويات شاحنة السلاح والذخيرة المتجولة على طرق لبنان من دون حسيب او رقيب؟

وبعيدا من ابسط سؤال يطرحه كل لبناني ما زال يؤمن بإمكان اعادة بناء الدولة، عن سبب تنقل شاحنة سلاح حزبية بين سيارات المواطنين وامكان انفجارها في اي لحظة، وأبعد مما تضمنه خطاب المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان اليوم لجهة تحذير اللبنانيين “من اللعب بخطوط إمداد المقاومة، فالمقاومة خط وطني أحمر، ولا قيمة للبنان بلا مقاومة”، تقول اوساط سياسية معارضة لـ”المركزية” ان ثمة من يستفيد الى اقصى حدّ من الواقع اياه ومن انكشاف حزب الله اكثر فأكثر مع كل حادثة تعريّه، وتبرز دوره الذي لم تعد تصح به صفة المقاومة بعد اطلاق آخر رصاصة على العدو الاسرائيلي صيف 2006، وهو ما ينطبق عمليا على التيار الوطني الحر الذي بدا مرتبكا ابان حادثة الكحالة وعلى رئيسه النائب جبران باسيل وتحديدا في حواره المتجدد مع الحزب ، ذلك ان كل واقعة تصادمية بين الحزب والاهالي ولا سيما مع المسيحيين منهم من الطيونة الى عين ابل والكحالة تزيد حاجة الحزب الى غطاء مسيحي ورغبات باسيل في رفع سقف شروطه ومطالبه لإعادة منحه الغطاء هذا، حتى يمكن القول ان كل حادثة يتعرض لها الحزب وفي مقدمها اليوم ما جرى في الكحالة، مثابة ورقة لوتو رابحة لرئيس التيار لرفع سقف مطالبه وقبض ثمن استمرار تغطية مشروع الدويلة.

وفيما تبدو مفاوضات الطرفين تتقدم باقرار قادة الحزب وباسيل نفسه، تؤكد الأوساط ان رئيس التيار، إن ابرم الاتفاق الذي ما زال اوليا، بحسب ما قال، سيقبض بموجبه ثمنا باهظا يفوق حاجة الحزب على الارجح، بعدما فقد الغالبية النيابية وحُرِم نعمة ايصال مرشحه لرئاسة الجمهورية ولم يبق لديه سوى وهج سلاحه، يروّع به اللبنانيين الرافضين سطوته على الجمهورية اللبنانية. ثمن يدرك باسيل انه قد لا يُدفع لاحقا ان تبدّلت الظروف، والارجح انه سيعمد الى ضرب الحديد وهو حامِ، فيسرّع وتيرة التفاوض ويعقد اتفاقا جديدا مع الحزب لن يؤدي حتما الا الى مزيد من تفكك الدولة وتهديد كيانها.