IMLebanon

نقابة المهندسين: “ترقيع” حسابات لإمرار “موازنة الطرابيش”

كتب طوني كرم في “نداء الوطن”:

بعد مخاض ناهز ستة أشهر، صادق مجلس مندوبي نقابة المهندسين في بيروت يوم الجمعة المنصرم في 29 أيلول على قطع حساب السنة المالية 2022 – 2023، بعجز قارب الـ13 مليون دولار، ويتحضّر للتصديق على مشروع موازنة السنة الجارية غداً الخميس، رغم تقاطع آراء عدد من المندوبين على وصف أرقامها بغير الدقيقة، وبأنها «تركيب طرابيش»، لتكريس تغطية العجز من جيوب المهندسين.

وأوضح أحد المندوبين أنّ مصادقتهم المشروطة على قطع الحساب بعد تأخير قارب ستة أشهر هدفها المساهمة في تأمين استمراريّة النقابة بعد الأخذ بملاحظاتهم البنّاءة التي أعادت تصويب الحسابات التي تمّ تقديمها في آذار الفائت، وأدّت إلى إعادة توزيع الأموال على الصناديق وفق الأصول المعتمدة، وتحديداً تثبيت استقلاليّة «صندوق المهندسين الأحرار» بعدما أغفل في الاقتراح الأولي، وتوضيح مبلغ المليوني دولار ليضاف إلى الخسائر بقيمته الفعليّة، خلافاً لإدخاله بقيمة 3 مليارات ليرة إلى الحسابات وفق السعر الرسمي حينها.

أما لجهة الاعتراض على قطع الحساب، فتأسّف أحد المندوبين على «المستوى السطحي» الذي اعتمده مجلس النقابة في الإجابة عن تساؤلات المهندسين، ما فاقم حجم المغالطات المرتبطة بالحسابات المالية. كما توقف عند خلط النفقات النقدية بالنفقات غير النقدية عبر آلية احتساب المبالغ الاحتياطية خلافاً للأصول المعتمدة. وذلك بالتوازي مع تحفّظ عدد كبير من المندوبين عن الآلية التي اعتمدت لتغذية صندوقي النقابة والتقاعد من الاحتياط، وذلك وسط عدم إدراج مساهمة صندوق النقابة بمبلغ يقارب 4 مليارات دولار لدعم صندوق التقاعد. وهذا ما يؤدي وفق المتابعين إلى إظهار عجز أكبر من الواقع. لتضاف إلى هذا التخبّط الآلية المتّبعة لتسديد المستحقات ما بين الليرة والدولار. ولفت إلى أنّ التقرير الموزّع على المندوبين لم يتضمّن قطع حساب الصندوق الإتحادي بين نقابتي بيروت والشمال.

وبعيداً عن الدخول في دقائق قطع الحساب، كما مشروع الموازنة المقرّر المصادقة عليه غداً، شدّد المندوبون المعارضون على أنّ الحسابات لا تستند إلى أمور موضوعيّة ومحاسبيّة، بعدما أنزلت أرقامها لتتلاءم وحساباتهم الدفتريّة، ويكرّس مشروع الموازنة «مدّ اليد الى جيبة المهندس» لسدّ عجز السنة المنصرمة لصندوق التقديمات. وذلك بعدما تخلّف مجلس النقابة عن تطبيق قرار هيئة المندوبين القاضي بإمكانية تسديد مبلغ 10 ملايين دولار المستحقة على النقابة من موجوداتها المحتجزة في المصارف، عبر شيك مصرفي بقيمة 42.5 مليون «لولار». وهذا وفق المعنيين، كان من شأنه عدم تكبيد المهندسين تسديد أعباء إضافية لتسديد هذا المبلغ. ما أدى إلى إضافة 190 دولاراً إلى الرسوم التي يسدّدها المهندس إلى النقابة.

ولا تقتصر الملاحظات على هذا الحدّ، بل طال التخبّط الأرقام التي لم تعدّل منذ 6 أشهر، ما فاقم حجم اعتراض المندوبين كون مهلة الأشهر الستة من آذار حتى أيلول كانت كفيلة بتصحيح الأرقام والأخذ بالملاحظات أو التقديرات الحسيّة، وعدم الاستخفاف بالمهندسين والإبقاء على المشروع بنسخته الأولية.

ولدى محاولة استشراف ثنايا مشروع الموازنة من جهات أخرى، توقّف بعض المندوبين قبل كل شيء عند فضيحة قطع الحساب الكبيرة، «التي تستلزم زجّ المسؤولين عنها وراء القضبان»، بعدما كشف أمين المال خلال المناقشات أنّ بعض الأرقام المكتوبة غير موجودة فعلياً، في حين أنّ جوهر قطع الحساب هو تثبيت الموجودات من حجم العجز. وهذا ما دفعه إلى إعادة التأكيد على أنّ التصديق على قطع الحساب أتى مشروطاً بتحديد المسؤوليات التي أدّت إلى إيصال النقابة إلى هذا الدرك.

ولفت إلى أن حجم العجز المتداول لم يكن يتخطى عشرة ملايين دولار، ليتضح أنّ المبلغ المستحق يقارب الـ13 مليون دولار، ويتم إدخاله كبند أساسي في مشروع الموازنة من أجل تسديده من الرسوم المستوفاة من المهندسين خلال هذا العام قبل الحصول على موافقة هيئة المندوبين.

ومع التوقف عند عدم أحقيّة بدء تسديد عجز السنة المالية السابقة من أموال السنة المالية 2023 – 2024 قبل العودة إلى المندوبين، كشف أحد المندوبين أنّ إعطاء سلفة 120 دولاراً في الشهر إلى كل مهندس متقاعد يُعدّ تخطّياً للصلاحيات قبل عرضه على المندوبين، لأنّ القانون يمنع مجلس النقابة من اتخاذ أي قرار مالي من دون الرجوع إلى هيئة المندوبين. لتضاف هذه المخالفات إلى مخالفة وضع رسوم من دون العودة إلى الهيئة.

إلى ذلك، شدّد المتابعون على أنّ الموازنة تفتقر إلى أي خطة إصلاحيّة أو فكرة أو رؤية لمستقبل النقابة والمهندسين، قبل أن يختم أحدهم قائلاً: مصيبة النقابة أنّ غالبية مجلسها من المهندسين الذين لا يمارسون المهنة، ما يخوّل الآخرين اتخاذ القرار عنهم والتحكّم بمستقبل نقابتهم، علماً أنّ هيئة المندوبين تضمّ ما يقارب 550 عضواً. للإشارة، فإنّه في حال عدم اكتمال النصاب في الجلسة الأولى، فإنّ الجلسة الثانية تعقد بمن حضر، والقرارات تتّخذ بأكثرية الحاضرين.