IMLebanon

بعد تجميد التطبيق… هل يتخلّى لبنان عن عقوبة الإعدام؟!

كتب طوني كرم في “نداء الوطن”:

لأنّ السلام لا يتحقّق ما لم «يوضع الموت خارج القانون»، وانطلاقاً من الحاجة إلى إعادة النظر في السياسة العقابيّة والثُغر الناجمة عن تطبيق قانون العقوبات في لبنان، استكملت «الهيئة اللبنانية للحقوق المدنية (LACR) – لبنان»، و»معاً ضدّ عقوبة الإعدام (ECPM) – فرنسا»، حملتهما المدنية الوطنيّة لمناهضة عقوبة الإعدام بحلقة نقاشيّة، تطرّق خلالها أصحاب الاختصاص إلى «إمكانات التأثير في السلسلة العقابيّة»، وصولاً إلى الدعوة الى إلغاء عقوبة الإعدام في لبنان، وذلك لمناسبة اليوم العالمي الحادي والعشرين لمناهضة عقوبة الإعدام.

وانطلاقاً من أنّ حقوق الإنسان هي حقوق عالميّة غير قابلة للتصرّف، وبعد انضمام لبنان منذ عام 2020، إلى المصوّتين دورياً كل سنتين في الجمعية العمومية للأمم المتحدة لصالح قرار «وقف تنفيذ الإعدام»، بفضل جهود «الحملة» وشركائها العالميين، وعلى أبواب إعلان لبنان عام 2024 التزامه 20 سنة من دون تنفيذ أحكام إعدام بشكل متواصل، بعدما أسدل الستار عام 2004 على تنفيذ آخر حكم إعدام… اعتبر المتابعون أنّ لبنان في هذا السياق، يعدّ من الدول التي ألغت حكم الإعدام في الواقع Moratorium de Facto، وفق المعايير الدولية جرّاء عدم تنفيذ أي إعدام منذ أكثر من عشر سنين متواصلة.

وتماشياً مع هذا المنحى كشف المحامي رفيق زخريا في حديث لـ»نداء الوطن» أنّ «الهيئة اللبنانية للحقوق المدنية» وبالتنسيق مع مجموعة ECPM الفرنسيّة، (Ensemble contre la Peine de Mort)، تسعيان، إلى جانب العديد من النوّاب، إلى تقديم اقتراح قانون لإلغاء عقوبة الإعدام من النصوص المعتمدة في لبنان، للحدّ من حرمان المرتكبين الحقّ في الحياة؛ رابطاً التوقيت بإعادة انتظام عمل المؤسسات الدستورية من أجل أن يسلك هذا المطلب طريقه الصحيح وصولاً إلى خواتيمه المرجوّة.

أما مؤسِسة «الحملة الوطنية من أجل إلغاء عقوبة الإعدام في لبنان» الدكتورة أوغاريت يونان، فأوضحت لـ»نداء الوطن» أنه منذ عام 2003، وبفضل جهود منظّمات عالميّة لحقوق الإنسان، عمدت الأمم المتحدة إلى تكريس تاريخ 10 تشرين الأول يوماً عالمياً لمناهضة عقوبة الإعدام. ولفتت إلى أنّ «الحملة» تعمد منذ عام 1997 إلى المطالبة بمناهضة عقوبة الإعدام بعيداً عن الشعبوية، وأكدت أنّ التذكير سنوياً بهذه القضيّة ينطلق من اعتبار جميع الحقوق أولوية ولا يمكن المفاضلة بينها، وأنّ الحدّ من العنف في القوانين يُشكّل إنجازاً مشرفاً للبنان.

وأكدت يونان، أنّ «عقوبة الإعدام تشرّع القتل»، والمطالبة بإلغاء هذه العقوبة من النصوص تهدف إلى «وضع الموت خارج القانون»، مشيرة إلى قول الفيلسوف الفرنسي ألبير كامو: «لن يكون هناك سلام لا في نفوس ولا في قلوب الأفراد ولا في المجتمع، ما لم يوضع الموت أي تعمّد القتل خارج القانون».

ومع رفضها عبثيّة تجريم القانون اللبناني القتل، واستمرار صدور الأحكام القضائية باسم الشعب اللبناني لتضع الشعب في خانة الموافق، بل المشارك في القتل، دعت يونان إلى عدم الشراكة مع العنف، وعدم الموافقة على المشاركة في القتل، والدفع في اتجاه إقرار بدائل تحمّل مرتكب الجريمة المسؤولية، وتبدأ بإعطاء أهل الضحيّة حقوقهم وإعادة تأهيل المرتكب، ولا تنتهي عند إعادة تحسين المجتمع والحدّ من العنف في القانون.

الجدير بالذكر، أنّ الأمم المتحدة أصدرت في 18 كانون الأول 2007 قراراً تحت الرقم 62/194 حول «وقف تنفيذ أحكام الإعدام» Moratorium on Excuse، تمهيداً لإلغاء عالمي لهذه العقوبة. وهناك 147 دولة حول العالم، عمدت إلى إلغاء عقوبة الإعدام من النصوص و/أو من التطبيق، و51 دولة لا تزال تحتفظ بها وتطبّقها ولو بتفاوت. أمّا بالنسبة إلى دول «منظمة التعاون الإسلامي»، فمن بين 57 دولة، 16 دولة ألغت الإعدام كلياً، و3 ألغته جزئياً، و14 في حالة تجميد تنفيذ الإعدام في الواقع، وليس في القانون، بينها لبنان. وسجّل لبنان عام 2001، أول إنجاز قانوني بإلغاء جزء من تشريع الإعدام، حيث صوّت 94 في المئة من أعضاء المجلس النيابي على قانون قضى بإلغاء القانون رقم 302/94 ، الذي كان يُعرف بـ»قانون القاتل» أي القاتل يُقتَل.