IMLebanon

التمديد لقائد الجيش نهاية تشرين الثاني؟

كتبت جوانا فرحات في “المركزية”:

أمام وفد نواب تكتل “الجمهورية القوية” الذي زاره الثلثاء حاملاً معه مشروع قانون معجل مكرر يتضمن اقتراحا يرمي إلى تأجيل تسريح قائد الجيش العماد جوزف عون والتمديد له لمدة سنة، أبدى رئيس مجلس النواب نبيه بري كل إيجابية، حتى أنه قطع وعداً بعقد جلسة تشريعية مطلع الشهر المقبل يكون أحد بنود جدول أعمالها وأول الاقتراحات المعجّلة المكرّرة، الاقتراح الرامي إلى تأجيل تسريح قائد الجيش. لكنه بالتوازي رمى الكرة في ملعب الحكومة وأعلن أمام نواب “الجمهورية القوية” أنه يفضل أن يأتي الحل بقرار من الحكومة وأعطى مهلة الشهر لكي يحصل ذلك.

حتما لا يختلف اثنان على حنكة بري في تدوير الزوايا السياسية، وكيفية إرضاء كل الأطراف المعارضة قبل الحلفاء. والأكيد أنه بإحالة قرار تأجيل تسريح قائد الجيش على الحكومة إنما أراد أن يبعد عنه كأس فتح باب التمديد للقادة العسكريين والقضاء وعلى رأسهم المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان الذي يحال إلى التقاعد بعد 5 أشهر والنائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات. ناهيك عن مسألة تعيين رئيس للأركان.

فعلها بري في ظل الإيحاء بالأجواء الإيجابية التي أضفاها على جو اللقاء وإبداء موافقته على عقد جلسة تشريعية على أن يطرح في خلالها جميع مشاريع القوانين المحالة من الحكومة أولاً، وثانياً مشاريع القوانين التي انتهت اللجان النيابية من دراستها وثالثاً مشاريع القوانين المعجلة المكررة وسيبدأ بقانون تأجيل تسريح قائد الجيش. واشترط على نواب “الجمهورية القوية”  أن يشاركوا في الجلسة من ألفها إلى يائها ولا يغادروا القاعة العامة قبل البت بدراسة جميع المشاريع  حتى لا يقتصر حضورهم الجلسة إلا عند مناقشة مشروع تأجيل التسريح.

فعلها الرئيس بري بحنكته السياسية المعتادة ليخرج نفسه من التجاذبات الطائفية وإلا كان بإمكانه أن يختصر الطريق ويعيد البوصلة إلى مكانها الطبيعي من خلال عقد جلسة تشريعية بحضور 65 نائبا ويضرب بمطرقته بعد رفع ما لا يقل عن 33 نائبا إصبعهم مع عبارة موافق ويا دار ما دخلك شر!

لكن ماذا لو فعلها وزراء في حكومة تصريف الأعمال وعطلوا نصاب الجلسة كما حصل في جلسة أمس حيث كان مرجحا أن يطرح بند تأجيل تسريح قائد الجيش من خارج جدول الأعمال خصوصا أن المعلومات تشير إلى رغبة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بالسير في هذا الخيار، متسلّحاً بغطاء بكركي والقوى المسيحية المعارضة، لكن ليس قبل حصوله على “فتاوى” دستورية تتيح القفز فوق صلاحية وزير الدفاع بالتقدم بهذا الاقتراح والتوقيع عليه. وماذا لو لم يوقع وزير الدفاع موريس سليم  على المرسوم وأحاله إلى مجلس شورى الدولة  تحت الحجة القانونية المعروفة بacte inexistent”؟

الأستاذ في القانون الدستوري الإداري البروفسور أمين عاطف صليبا يوضح لـ”المركزية” أن المادة 64 من الدستور تحدد الأعمال المهمة المناطة بحكومة تصريف الأعمال وقرار تأجيل تسريح قائد الجيش من الضرورات نظرا إلى أهمية دور الجيش اللبناني في حفظ الأمن وفي هذه الظروف العسكرية التي تجري في المنطقة”.

“الضرورات تبيح المحظورات” وضرورة التمديد لقائد الجيش وعدم إحداث فراغ في موقع قيادة الجيش لا يقبل أي تأجيل  يقول صليبا ولا يحق لأي نائب  التقدم بالطعن تحت حجة”acte  inexistent” . هذا كلام بكلام. الشخص الوحيد المخول أن يطعن بالقرار تحت هذه الحجة هو وزير الدفاع كونه يملك الصفة والمصلحة والقرار. لكن المراجعة تتطلب أشهرا وربما سنوات لكننا لا نملك رفاهية الوقت لأن البلد مش بألف خير”.

وحول الآلية القانونية المطلوبة لعقد الجلسة الحكومية يشير صليبا إلى “أن القرار لا يحتاج إلى أية آلية. المطلوب فقط أن يكون هناك نصاب قانوني أي  ثلثي أعضاء المجلس أو 18 وزيراً لأن القرار مصنّف من الفئات الأولى وهذا يحتاج إلى ثلثي مجلس الوزراء، ومجرد انعقاد الجلسة بالنصاب القانوني المطلوب يتم التوقيع على المرسوم وبيمشي”.

ويلفت إلى أن هذه الآلية تطبّق حتى “في الظروف التي لا تمتلك فيها الحكومة الكيان الدستوري أي عندما نكون أمام حكومة تصريف أعمال لكن في الأمور التي تتعلق بالحفاظ على الأمن كمثل تأجيل تسريح قائد الجيش فهذه ضرورة قصوى لأن لا أحد يعلم إلى أين يمكن أن تتجه الأمور عندها يمكن اعتبار الضرورات تبيح المحظورات”.

إصدار حكومة تصريف الأعمال مرسوما مماثلا لا نقاش عليه قانونا، لأن المسألة تتعلق بالخطر الأمني “قد يكون وزير الدفاع المتضرر الوحيد عندها يمكنه أن يتقدم بالطعن أمام مجلس شورى الدولة بعدم شرعية القرار. لكن كما ذكرنا المسألة تتطلب أشهرا وربما سنوات. لكن المرجعية الوحيدة في هذه الحال هو مجلس شورى الدولة ولا يحق لأي نائب الإعتراض تحت حجة “acte inexistent” كما أنه لا يستطيع وضع قاعدة “الضرورات تبيح المحظورات” لأنها واقع ويتعلق بالأمن”.

لدى مغادرته السراي الحكومي منذ يومين علق  وزير العمل في حكومة تصريف الأعمال مصطفى بيرم على موقف “حزب الله” من التمديد لقائد الجيش جوزف عون، أنّ الموضوع “لم يطرح علينا بعد وكل شي بوقتو” .

قد يصح ذلك خلال هامش بسيط من الوقت يفترض الا يتعدى نهاية الشهر الجاري. وهذا ما يمكن استخلاصه من جواب بري أمام وفد تكتل الجمهورية القوية. “إذا مش آخر الشهر بجلسة مجلس الوزراء يكون ذلك بجلسة تشريعية في مجلس النواب مطلع الشهر المقبل”.

“كان من الأجدى اختصار الطريق وعقد جلسة عامة في الأيام القليلة المقبلة وإصدار قانون معجل مكرر بحضور 65 نائبا وتصويت النصف زائد واحد . لكن ما دخلت السياسة شيء إلا وأفسدته. فعسى أن يحتكم المسؤولون إلى ضميرهم هذه المرة لأنه إذا مات الملك يؤتى بملك آخر لكن إذا طار البلد ما في بلد غيرو..” يختم البروفسور صليبا.