IMLebanon

تعديل قانونَي التعليم الخاص في مهب الجلسة التشريعية

كتب اكرم حمدان في “نداء الوطن”:

بمعزل عن السجال الدستوري والاجتهادات والآراء التي أثيرت بعد الجلسة الأخيرة لمجلس الوزراء الذي ردّ ثلاثة قوانين إلى مجلس النواب، فإنّ السؤال، هو: لماذا الإعتراض على هذه القوانين؟ وما هي الإشكالية الحقيقية للإعتراض، خصوصاً ما يتعلق بقانونَي الهيئة التعليمية في المدارس الخاصة وتنظيم الموازنة المدرسية، وإعطاء مساعدة مالية لحساب صندوق التعويضات لأفراد الهيئة التعليمية في المدارس الخاصة؟

وسبقت الردّ وتبعته مواقف وتحذيرات متبادلة بين إدارات المدارس والمعلمين إلى أن تدخل وزير التربية عباس الحلبي لإيجاد ما يُشبه التسوية بين الطرفين، والتي يبدو أنها لن تُعالج المشكلة الأساسية، كما يرى بعض المتابعين للملف.

ما هو مضمون هذين القانونين؟ وكيف بدأت مسيرتهما؟ ومن طلب تجميد نشرهما مع قانون الإيجارات غير السكنية؟

تقول مصادر متابعة للملف إنّ المسيرة بدأت من خلال إقتراح قانون تقدم به النائب علي حسن خليل من أجل إنصاف معلمي القطاع الخاص الذين يتقاضون معاشاً تقاعدياً من صندوق التعويضات، وعندما انطلق البحث والنقاش في الإقتراح أمام لجنة التربية النيابية، تشكلت لجنة فرعية لدرسه وتوصلت الى تفريعه إلى إقتراحين: الأول قضى بأن تؤمّن الدولة مبلغ 650 مليار ليرة لدعم صندوق التعويضات، والثاني أدخل تعديلات على قوانين موجودة منذ الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي، قضت بتوزيع تغذية الصندوق بين المدرسة والأستاذ بجعل النسبة 8% من المدرسة و8% من الأستاذ، بعدما كانت سابقاً 6%.

هذا التعديل الذي أضيف خلال مناقشة القانون أمام الهيئة العمومية لمجلس النواب، ترافق مع بند إصلاحي، وفق وصف المتابعين، وهو فرض براءة الذمة المالية السنوية على المدارس بما يضمن مساهمة الجميع ومشاركتهم بواجباتهم، وكذلك عبارة «بالعملة التي تُدفع».

وتستغرب المصادر النيابية المتابعة لهذا الملف، كيف حصلت عملية تأجيل أو تعليق نشر القانونين، ومن ثم ردّهما إلى مجلس النواب بعد تدخل مباشر من المرجعية الدينية المارونية مع رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، وذلك تحت وطأة تهديد إدارات المدارس، وتحديداً الكاثوليكية، بالإضراب في فترة الأعياد.

وبمعزل عن الوصف القانوني لعملية عدم النشر، ومن ثم ردّ هذين القانونين ومعهما قانون الإيجارات غير السكنية إلى مجلس النواب، فإن سلسلة إجتماعات عُقدت مع مختلف الجهات المعنية ولم تصل إلى نتيجة على الرغم من أن هناك إمكانية لتقديم إقتراحات تعديل إذا دعت الحاجة الى ذلك.

وإذا تم التسليم بقانونية مسألة الردّ، ولم تُلتزم التسوية التي رعاها وزير التربية، والتي حدّدت المساهمة بمبلغ مليون ليرة عن كل تلميذ من قبل المدارس لتمويل الصندوق، وهي غير مضمونة، في رأي البعض، بينما الصندوق هو مؤسسة ذات كيان قانوني ومعنوي، فإنّ خطورة ما جرى تكمن في معاناة 4885 أستاذاً متقاعداً لا يتجاوز أعلى راتب يتقاضونه 3 ملايين ليرة.

وقد وصفت مصادر نيابية هذه التسوية بـ»الهرطقة» التي لا تُقدّم حلاً لهؤلاء الأساتذة. أما الأخطر في هذا المسار فهو آلية التعامل مع مناقشة القوانين بعد ردّها، وهي تحتاج إلى 65 صوتاً خلال الجلسة العمومية في حال عُقدت أصلاً، ما يعني أنّ هذه المعاناة ستبقى في انتظار انتخاب رئيس جمهورية وانتظام عمل المؤسسات الدستورية، لأنّ مسألة إنعقاد مجلس النواب في هيئته العمومية في ظل الشغورالرئاسي، لا تحصل إلا في حالات نادرة، كما جرى في الجلسة الأخيرة التي أجّلت تسريح قادة الأجهزة الأمنية، وكان هذا العنوان والدافع لإنعقادها.