IMLebanon

وسط انقلاب الأدوار.. هوكشتاين يحضّر للتفاوض

كتب منير الربيع في “المدن”:

كان يفترض بالمبعوث الأميركي آموس هوكشتاين أن يرسل جواباً مكتوباً يتضمن اقتراحاً لخلاصة لقاءاته في لبنان واسرائيل حول آلية معالجة الوضع في الجنوب ووقف المواجهات قبل حوالى ثلاثة اسابيع. تم الإتفاق على هذه الصيغة في إتصال هاتفي جرى بين هوكشتاين ورئيس مجلس النواب نبيه بري الذي طلب أن تكون المقترحات مكتوبة. شدد هوكشتاين على استمرار عمله ومهامه في سبيل خفض التصعيد وأن هناك إمكانية لتجنب الحرب في لبنان، وكان يتعاطى بحسب ما يقول اللبنانيون الذين يتواصلون معه بواقعية، إذ يعتبر أن لا حلّ إلى بالوصول الى هدنة أو وقف لإطلاق النار في غزة.

قبل أيام قليلة تواصل هوكشتاين مجدداً مع المفاوضين اللبنانيين وخصوصاً مع رئيس مجلس النواب نبيه بري ودوائره، مشدداً على أنه يستكمل عمله ومهامه، وهو كان قد التقى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي في مؤتمر ميونيخ وأبلغه بقرب زيارته الى لبنان. في هذا السياق، وصلت رسائل أميركية جديدة الأسبوع الفائت حول استمرار الضغوط من قبل واشنطن على الإسرائيليين لمنعهم من التصعيد ولمنع شن الحرب أو توسيعها على لبنان وحزب الله. كانت الرسائل مطمئنة نسبياً للبنان، الذي اعتبر أن كل التصعيد والتهويل من قبل الإسرائيليين هو للإستهلاك الداخلي فقط، وان تل أبيب ليست في وارد شن حرب كبرى على الحزب ولبنان، وهذا الكلام يتناقض مع الكثير من التسريبات الإسرائيلية والأميركية حول إمكانية توسيع نطاق العمليات العسكرية الإسرائيلية وتطويرها في جنوب لبنان بعد شهر رمضان المبارك.

في هذا السياق، تندرج زيارة آموس هوكشتاين الى لبنان الأسبوع المقبل والتي يبدأها الإثنين بلقاء مع رئيس مجلس النواب نبيه بري ويلتقي فيها أيضاً رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، وزير الخارجية عبد الله بو حبيب، وقائد الجيش جوزاف عون. تأتي الزيارة على وقع تكثيف المساعي والجهود للوصول الى هدنة في قطاع غزة مع بداية شهر رمضان، وهذه الهدنة التي يريد لها لبنان وأميركا أن تنسحب على الوضع في الجنوب، لذلك فإن هوكشتاين يعمل على تحضير الأرضية التفاوضية خلال فترة الهدنة التي ستمتد لستة أسابيع قابلة للتجديد، لعّل هذه المهلة تؤدي الى وضع إطار عام لإتفاق، وهو سيكون مؤلفاً من 3 مراحل، المرحلة الأولى هي وقف العمليات العسكرية والعمل على إعادة المهجرين. المرحلة الثانية، هي وقف الأنشطة العسكرية الظاهرة في المنطقة والبحث في تعزيز الجيش اللبناني وإرسال المزيد من القوات لضبط الوضع وكي لا يعود هناك أي نشاط أو تحرك عسكري جنوبي نهر الليطاني. أما المرحلة الثالثة فهي للتفاوض حول ملف الحدود وتثبيت الترسيم ومعالجة ما تبقى من نقاط عالقة، وهذا طبعاً سيكون مرتبطاً بمسار سياسي طويل.

المفارقة في زيارة هوكشتاين هذه المرة، انه في الزيارات السابقة كان حزب الله هو المبادر عسكرياً وهو الذي يمسك بزمام الجبهة، فيشن العمليات ويستهدف المواقع الإسرائيلية فيما الإسرائيليون كانوا في حالة رد الفعل. حالياً انقلبت الآية، فالإسرائيليون عملوا على أخذ زمام المبادرة العسكرية والأمنية، وهم الذين يكثفون من اعتداءاتهم وعملياتهم العسكرية والأمنية من خلال استهداف مواقع ومراكز ومخازن بعيدة عن الجنوب، بالإضافة إلى الإستمرار بعمليات الاغتيال بحق كوادر الحزب. في الزيارات السابقة كان هوكشتاين يسأل عن التزام حزب الله بوقف إطلاق النار خلال الهدنة في غزة، واستمرار الإلتزام بذلك في حال تجددت العمليات العسكرية الإسرائيلية على القطاع. الآن تغيرت المعادلة أيضاً، فحزب الله أعلن مسبقاً أنه يلتزم بالهدنة في غزة التي تنسحب على لبنان، ولكن الإسرائيليين هم الذين يطلقون مواقف يعبرون فيها عن رفضهم الإلتزام بالتهدئة. هنا ستكون مهمة هوكشتاين مضاعفة، في القدرة على لجم الإسرائيليين عن عملياتهم وتقديم تصور لتوفير استقرار طويل الأمد.