IMLebanon

“التكتل” على تفاؤله: المبادرة مستمرة

كتب مايز عبيد في “نداء الوطن”:

لا كلام في لبنان اليوم إلا عن ملفّين اثنين: الحرب الدائرة في الجنوب وإمكانية توسّعها أو توقّفها، ارتباطاً بما يحصل في غزّة، والملف الرئاسي الذي أعادته مبادرة كتلة «الإعتدال الوطني» إلى واجهة أحداث لبنان من جديد. فقد فتحت الكتلة كوّة في جدار الفراغ الرّئاسي، وحشرت مبادرتها الجميع في الزاوية، إلى درجة بات معها من الصعب جداً لأي طرفٍ أن يرفض مبادرة من هذا النوع وإلا سيوُصف بأنه لا يريد انتخاب رئيس. في المقابل، تعتصم الكتلة بالصمت إزاء المبادرة ونتائجها حتى الآن. لا تصريحات أو مقابلات، يغيب أعضاؤها جميعهم تقريباً عن أيّ اتصالٍ أو موعدٍ إعلامي في الأيام الأخيرة. شحيحون جداً في إعطاء المعلومات حتى لأقرب المقرّبين، على مبدأ «إستعينوا على قضاء حوائجكم بالسرّ والكتمان»، ويعتبرون أن ما حقّقته مبادرتهم إلى الآن هو مكسب سياسي لصالح لبنان ولصالح إنهاء الفراغ القائم. يتفهّم هؤلاء الهواجس ويدركون الأسئلة، ويعرفون أنّ الوصول إلى الهدف الكبير بحاجة إلى صبرٍ واسع.

مما لا شك فيه أن مبادرة الكتلة أو حراكها السياسي لإنهاء الفراغ الرّئاسي باتجاه القوى والأفرقاء السياسيين، قد أسهم في تحريك الملف الرئاسي الذي كان مجمّداً، منذ السابع من تشرين الماضي، لكنها دخلت في دهاليز السياسة اللبنانية المحلية على الطريقة اللبنانية، وفاضت حولها الأقاويل والتحليلات والترجيحات، من قبيل: هل هي مبادرة ذاتية من الكتلة أم أتت بعد تعليمة ما من مكان ما؟ وهل انتهت المبادرة أم ما زالت مستمرة؟ ولماذا سيعطي الرئيس نبيه برّي للإعتدال ما لم يعطه لغيرها؟

مما لا شكّ فيه أيضاً أنّ الكتلة انطلقت بحراكها ووصلت إلى مكانٍ متقدّم في المسار السياسي، وإلى مكان لم تصله أي كتلة أخرى في حراكها قبل ذلك. المؤكّد أنّها اقتنصت وقتاً ملائماً لتأخذ فرصتها وهي ليست الجولة الأولى لها على الخط الرئاسي، ربما ما ساعدها هذه المرة في إنجاز خطواتها سريعاً هو وسطيتها التي تمكّنها من الحديث مع الجميع، وأن تشكّل تقاطعاً مع باقي الكتل، بالإضافة إلى ربطها أكثر من إشارة وتقاطع داخلي وخارجي ببعضها البعض، لتكوين الفكرة. لكنّ ذلك كلّه لم يمنع البعض من إبداء الملاحظات، لا سيما لجهة اليوم التالي، والمرحلة التي ستلي هذه اللقاءات، ومتى وكيف سيبدأ الحوار أو التشاور؟ من سيدير جلسات هذا الحوار أو التشاور كما يحلو للكتلة أن تسمّيه؟

يؤكّد مصدر في كتلة «الإعتدال الوطني» لـ «نداء الوطن»، أنّ قرار القيام بالمبادرة أتى من دافع ذاتي لدى نوابها، نظراً لأهمية العمل على إنهاء الفراغ الرّئاسي، «وانطلقنا من نقطة أساسية، أنه لا يجوز أن تبقى الأمور معلّقة بهذا الشكل، وهدف الكتلة الأول والأخير استعادة الإنتظام للعمل السياسي والمؤسساتي والذي يحتاج إلى انتخاب رئيس للجمهورية».

ويجزم المصدر بأنّ برّي «قد وعد الكتلة بفتح أبواب المجلس النيابي للتشاور ومن ثم لجلسات انتخاب متتالية ومفتوحة، وأن الخماسية الدولية رحّبت بحراكها وأهدافه، وأنّ الإيجابيات في مسار الأمور إلى الآن كبيرة وتراكمية. قد تكون هناك بعض التساؤلات والإستفسارات لدى هذه الكتلة أو تلك، هذا حق، لكنها ليست عراقيل أو مطبّات كبيرة ستحول دون استمرار المبادرة بالتقدّم أو ستفرمل اندفاعتها لتُعيد الأمور إلى نقطة الصفر».

إلى الآن، يبقى في جعبة الكتلة لقاءان اليوم الإثنين مع كتلة «الوفاء للمقاومة» ومع النواب الأرمن، لتجلس الكتلة بعدها مع نفسها في جلسة عصفٍ ذهني سياسي، لجوجلة حصيلة المشاورات، وستأخذ بالإعتبار بالطبع، بعض الملاحظات التي طرحها في الشكل بعض القوى والأفرقاء، في سياق الجولات واللقاءات.

يؤكد الإعتداليون أنهم لن يتركوا التفاصيل الخارجية تضرب صميم المبادرة، ومع أنهم وصلوا تقريباً إلى مرحلة الخوض في التفاصيل وهناك تكمن الشياطين. لكنّ المصدر الإعتدالي نفسه، يشدد على «أنّ المبادرة لم تنته ولم تصل إلى طريق مسدود. هناك الكثير من المعطيات الإيجابية لدينا لنعتبر أن البلاد قد تكون أمام فرصة حقيقية لانتخاب رئيس إذا ما صفت النيات، ونرى أن النيّات طيبة وصافية من الجميع إلى الآن، والصورة غير قاتمة كما يحلو للبعض أن يصوِّر».