IMLebanon

“الحزب” يرفع سقف مطالبه وإيران تقبض الثمن

كتبت جوانا فرحات في “المركزية”:

ليست المرة الأولى التي تدوي فيها صفارات الإنذارفي مقر قوات “اليونيفيل” الدولية في الناقورة . أيضا ليس جديدا خبر إطلاق إسرائيل قذائف ضوئية على بلدات القطاع الغربي وتنفيذ طائراتها غارات جوية على المنطقة الواقعة بين اللبونة ورأس الناقورة.

ما حصل ليل أمس وقبله في القطاعين الأوسط والشمالي، وصولا إلى البقاع الغربي وبعلبك لم يعد مستغربا. فلبنان في النهاية دخل الحرب بقرار من حزب الله والحكومة التي تمثل الدولة اللبنانية لا تعلم بذلك ولا تريد الإعتراف به . على العكس فهي تصرعلى البقاء في حالة الإنكار وتكابر في انتظار المجهول.

لكن اللافت في كل ذلك كان الكلام الذي صدر عن مساعدة وزير الخارجية الأميركي باربرا ليف وتطالب فيه إيران “بوقف تسليح جماعات في المنطقة مثل الحوثيين وحزب الله”. وتذهب إلى أبعد من ذلك في قولها بأن “حزب الله يقود لبنان إلى وضع خطير. وتتطلع واشنطن إلى أن تحتكر الدولة اللبنانية السلاح ويكون حزب الله، حزباً سياسياً”.

مما سبق يتبين أن الجهود الديبلوماسية خرجت من دائرتها الموجهة نحو الحرب في غزة، وتتركز اليوم نحو جنوب لبنان توازيا مع فشل مبادرة الهدنة التي كان يؤمل منها خيرا خلال شهر رمضان. لكن حتى لو كان كُتبَ لها النجاح إلا ان مفاعيلها لن تشمل الجنوب بحسب تصريحات مسؤولين وجنرالات في حكومة نتنياهو.

يرجح مراقبون لمسار تطورات العمليات العسكرية في الجنوب أن يكون التصعيد العسكري من جانب حزب الله جنوبا يرتكز على قاعدة “إشتدي أزمة تنفرجي”، بحيث تتحرك الجهود الديبلوماسية بالتوازي. ومعلوم انه في منطق الحروب، يسعى كل فريق إلى رفع سقوف المطالبات والرفض والمطالبات المضادة ومن الطبيعي أن تكون الطروحات السلمية مؤجلة. وهذا ما يفعله حزب الله.والسؤال الذي يطرح، أي سيناريو سيكتب للبنان بعد حرب إسرائيل وحزب الله؟

مصادر ديبلوماسية أفادت “المركزية” أن التجربة في الجنوب أثبتت أن حزب الله أخذ على عاتقه خيار الإبقاء على وحدة الساحات، والأكيد أن هذا الخيار يحصل في إطار التفاهمات غير المباشرة التي تجري في سباق مع الوقت بين الأميركيين والإيرانيين تحت الطاولة، ومن ضمنها إنهاء دور الميليشيات في المنطقة. من هنا، ترجح المصادر أن تمتد المعارك جنوبا وتتوسع لتطال مناطق لم تكن مستهدفة لأن هناك نية لدى إسرائيل بالتصعيد، لكن ليس إلى درجة الحرب الشاملة والأمر نفسه ينطبق على حزب الله الذي بات على قناعة بأن ظهره غير محمي لا من الداخل اللبناني ولا من راعيه إيران الذي يفاوض الولايات المتحدة لضمان مصالحه.

وإذا كان الرهان على عدم تضحية إيران بحزب الله، بعكس ما حصل مع حماس، إلا أنه ليس حتميا، إذ ثبُتَ أن إيران على استعداد للتضحية بكل شيء حتى حزب الله لضمان مصالحها وكسب الأثمان التي حاولت تحقيقها من خلال تحريك أذرعها في المنطقة. من هنا لم يعد السؤال عن نسبة الخسائر التي سيتكبدها لبنان في حال جاءت التسوية على حساب السياسة في الداخل لأن لبنان خسر كل شيء وفق المصادر، ولم يعد يملك شيئا على صعيد الجمهورية والسيادة وبات ورقة في اليد الإيرانية.

وفي السياق، لا تخفي المصادر خشيتها من أن يبقى لبنان صندوق بريد وعلى درجة عالية من التوتر، لأن الحزب لن يقبل بتطبيق القرار 1701 وسيستمر في رفع السقوف لتحسين مواقعه. وفي ما يخص جهود اللجنة الخماسية فالأمر بات محكوما بالفشل ولذلك تراها تحصر جهودها وجولاتها اليوم على خط رئاسة الجمهورية. والأمر نفسه ينطبق على الموفد الأميركي آموس هوكشتاين الذي رسم له رئيس مجلس النواب نبيه بري نهاية لكل الجهود التي يبذلها في زيارته الأخيرة إلى عين التينة.

على خط الحرب في غزة، تلفت المصادر إلى أن المسار الطبيعي للأمور يتجه نحو السلام في المنطقة، لكن حتما ثمة مخاض طويل وحروب ودمار. لكن النهاية ستكتب حتما بحبر السلام الذي لم يعد مجرّد ترف إنما حتمية لكل دول المنطقة التي لم تعد تحتمل مزيدا من الحروب والدم بدليل أن أيا من الدول العربية والخليج تتفادى التدخل بالمباشر مع إسرائيل في حربها على غزة واستبدلت الحرب العسكرية بالمساعدات الإنسانية والمالية، للتفرغ بالتوازي لمشاريع الإعمار والتطوير التي انشغلت عنها على مدى 70 عاما بسبب انغماسها في الحروب.وفي السياق، تؤكد أن النهاية الحتمية للحرب في غزة لن تكون برمي إسرائيل الفلسطينيين في البحر ولا العكس، وسيتفق الجميع على توليفة لتحديد مستقبل المنطقة ومستقبل فلسطين.

هل ينسحب مسار السلام على لبنان؟ سؤال بديهي، لكن الجواب معلّق إلى ما ستؤول عليه الأمور بعد صدور نتائج الإنتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة في تشرين الثاني المقبل. ففوز الحزب الجمهوري وعودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض ستبدل حسابات وخرائط كثيرة. وفي حال بقاء جو بايدن ستكون مرحلة إنتقالية من إدارة ازمة إلى مرحلة التسويات، ولبنان حتما من ضمنها، تختم المصادر.