IMLebanon

آخر خطط الجنرال للمعركة الرئاسية!

الرابية تستعين بعين التينة.. على المختارة

آخر خطط الجنرال للمعركة الرئاسية!

مع أنّ وليد جنبلاط كان واضحاً «زيادة عن اللزوم» في تأكيد استمراره في ترشيح هنري حلو للرئاسة الأولى حتى لو تفاهم ميشال عون وسعد الحريري، إلا أنّ ثمة من اشتم رائحة غموض مثيرة للريبة في كلامه. الرابية تحديداً لم تفهم بالذات ماذا قصد «البيك» من جرعة المقويات التي حقنها من جديد في شرايين مرشح الـ16 صوتاً.. ومن هو المستهدف.

هذه التساؤلات تنبع من حسابات مسطّرة على الطاولة البرتقالية، تدفعها للنظر إلى كل شاردة وواردة تمرّ على مسرح الاستحقاق، بمنظار يختلف كلياً عن بقية المناظير التي تقبض عليها أيدي القوى السياسية.

واحد من أكثر العوامل تأثيراً في الاستحقاق الرئاسي، يكمن عند ميشال عون. هذه المرة يلعب الجنرال على طريقة «الصولد». مستعد لاستخدام كل الأوراق المتاحة أمامه أو تلك المخفية داخل كُميّه أو المبتكرة في اللحظات الحرجة، للفوز بالرئاسة. لن يتسلل الملل أو اليأس إلى ذهنه بسهولة، ولن يسمح للعصي بأن تعرقل دواليبه. سيعيد إحياء كل الاستراتيجيات والتكتيكات المعتمدة في التاريخ التي تشرّع له الأبواب الموصدة. بينما يترنّح الشغور في «القصر» بانتظار من يزيحه عن الكرسي الأرجواني. سيكون الجنرال بصدد التفتيش عن مفاتيح قديمة أو مستحدثة تساعده على خلع الأغلال.

هكذا كان من المنطقي أن يرمي كتاب «الإبراء المستحيل» وكل بطاقات الذهاب من دون إياب، في محرقة «الغاية» التي ستبرر له كل الوسائل، وأن يجالس سعد الحريري بعقل منفتح على كل التسويات المتاحة: رئاسية إذا أمكن، ونيابية إذا تعثر المشروع الأول.

قد يعتقد البعض أنّ إجراء الانتخابات النيابية قبل الرئاسة ضرب من ضروب الخيال العوني، ولكن الرابية تراهن بعقلانية على قراءة حريرية وقائية قد تدفع أصحابها إلى خوض مغامرة صناديق الانتخاب النيابية في القريب العاجل، لا سيما إذا جرت وفق أحكام «قانون الستين».

ماذا لو حسبها «المستقبليون» على طريقة أنّ قانون الانتخاب الحالي هو أهون الشرور وأنّ الفرصة المتوفرّة اليوم بإجراء الانتخابات وفق أحكامه، لن تتكرر بعد الآن إذا ما أصرّت قوى «8 آذار» على تغيير القانون في عهد الرئيس الجديد؟

تساؤل براغماتي يحوم فق سماء الرابية لا يقطع الشك باليقين ولكن يبقي خيار الانتخابات النيابية قبل العشرين من تشرين الثاني المقبل، قائماً إلى حين…

وبهذه الذهنية أيضاً حطّت «طائرة» خطط الجنرال الرئاسية في عين التينة. لا التوقيت عبثي ولا فلفشة الأوراق بين الرجلين اعتباطية. طبعاً كان من الضروري، لا من الملحّ، أن ينّقح الجنرال مع «أبي مصطفى» دفتر علاقتهما الثنائية من شوائب التراكمات التي زادت عن حدّها، واستدعت تدخلاً مباشراً من صاحب العلاقة لتنقية «بثور» الأخطاء والخطايا المرتكبة… وأن لا يسمح للكوب بأن يطوف ويفسد الطبخة المزدوجة، أي الرئاسة والنيابة.

ومع ذلك، لا يمكن فصل هذه الجلسة عن مسار المفاوضات الطائرة بين باريس والرابية، والتي يبدو أنّها متجمّدة في مكانها على الرغم من المساعي التي يقودها العونيون لتحريك المياه. غير أنّ الفرملة تأتي من الجانب الحريري العاجز عن تحرير موقفه من الرباط السعودي.

إذ يبدو أنّ الجنرال قرر استخدام ورقة جديدة، بموازاة ورقة المشاورات مع سعد الحريري، من خلال الاستعانة بأرانب الرئيس نبيه بري، من دون أن يعني ذلك أنّه أحال قناة التواصل مع الحريري إلى التقاعد. ولكن لا مانع من تشغيل كل المحركات للوصول إلى طاحونة بعبدا.

يعرف الجنرال جيداً ماذا بإمكان «الأستاذ» أن يفعل في ما لو قرر الأخير أن يسانده فعلاً لا قولاً في معركة «حلمه الكبير»، ويدرك جيداً ما للرجل من منظومة علاقات يمكن تجييرها لصالح حليف الحليف في ما لو قرر «أبو مصطفى» النزول بكل ثقله إلى الساحة.

هكذا مدّ رئيس «تكتل التغيير والإصلاح» يده إلى رئيس المجلس، مانحاً إياه بطاقة التشريع، حيث يبدو أنّ الرجلين توافقا على فتح أبواب البرلمان مجدداً أمام الهيئة المشرعة، على قاعدة التفاهم المسبق على جدول أعمال الجلسة.

هنا يتردد أنّ ثمة كلاماً عن امكانية تأليف لجنة نيابية تضمّ ممثلين عن مختلف الكتل النيابية وتكون مهمتها دراسة جدول أعمال الجلسات التشريعية لحصره بالبنود التوافقية وسحب المواد الخلافية.

كما يتم أيضاً بحث فكرة تشكيل لجنة وزارية ممثلة لمختلف مكونات الحكومة، تُعهد إليها مهمة مناقشة جدول أعمال جلسات الحكومة للاتفاق على سلّة واحدة. طبعاً قد لا يهضم الرئيس تمام سلام هذه الآلية لأنه سيعتبرها تعديا صارخا على صلاحيات رئيس الحكومة، مع أنّ الجميع يقرّ أنّ المرحلة إستثنائية تستدعي التعاطي بواقعية مع عمل الحكومة والبحث عن آليات تبقيها على قيد الحياة.

ولكن لماذا قرر ميشال عون غضّ النظر عن ورقتيّ الحكومة ومجلس النواب اللتين كان يخبئهما للضغط باتجاه تسريع الاستحقاق الرئاسي؟ بتعبير آخر، أين سيستثمر انفتاحه على رئيس المجلس؟ وماذا تعني ليونته في التشريع وفي عمل الحكومة بعدما كان يقف سدّاً منيعاً بوجههما؟

هو وليد جنبلاط. صديق نبيه بري حتى في عزّ شتاء النزاعات العمودية. العين عليه، وعلى سلّة أصواته التي تصنع رئيساً. طبعاً لا يمكن لرئيس المجلس أن يضغط على سيد المختارة ليركب في قطار ميشال عون الرئاسي، ولكن بإمكانه المساعدة على ترميم العلاقة بين الجنرال والبيك… لعلّ وعسى.

ولهذا كان كلام «أبو تيمور» الجازم، مثيراً للريبة بالنسبة للعونيين، لأنه بمثابة بطاقة حمراء قادرة على إخراج ميشال عون من ملعبه، حتى لو شمّر رئيس المجلس عن ساعديه للمساعدة.

وهكذا سيعود الأبناء البرتقاليون الضالون إلى الحضن الأبوي في البرلمان لتأمين نصاب الجلسة التشريعية. صحيح أنّهم لم يقطعوا اتصالاتهم مع الفريق الأزرق، لكن المشاركة في الجلسة شيء.. والتصويت على السلسلة شيء آخر.