IMLebanon

التفاهم السعودي ــ الإيراني له انعكاسات على مُختلف الملفات الخلافيّة بين العاصمتين شخصيّات سياسيّة وديبلوماسية مهدّت لإعادة القراءة والدعوة للتفاوض مع «الجمهوريّة»

الاجواء الايجابية بين المملكة السعودية والجمهورية الاسلامية الايرانية، ستعطي دفعا لمختلف القصايا الاقليمية بما فيها الملفات والاستحقاقات اللبنانية، الا ان الاهم بدء التفكير السعودي باعادة قراءة الموقف من ايران، وتقبل ايران لدعوة وزير الخارجية السعودي الامير سعود الفيصل للقاء مع وزير الخارجية الايراني جواد ظريف، وعلى طريقة المثل اللبناني القائل ان تصل متأخرا خير من ان لا تصل ابدا، ذلك ان الخلاف السعودي – الايراني انعكس سلبا على مجمل الملفات العربية والاسلامية وادى الى رؤى مختلفة بل الى تصاعد التوتر الشيعي – السني ما استفاد منه اعداء المسلمين واصحاب المشروع الاسرائيلي المستفيد كليا من اجواء الخلافات السنية ـ الشيعية.

الخلاف بين الرياض وطهران تقول مصادر ديبلوماسية عربية تمثل في اكثر من ساحة اسلامية وعربية فيما استطاع الغرب وعلى رأسه الولايات المتحدة الاميركية ان يفتح حوارا مع الجمهورية الاسلامية الايرانية حول مختلف القضايا الدولية بما فيها الملف النووي الايراني ووصلوا الى اتفاق مبدئي جرى تنفيذه وها هو الغرب بقيادة واشنطن يبحثون في الاتفاق النهائي حول الملف النووي، ومختلف المصادر المتابعة للحوار الايراني ـ الاميركي وما رافقه من ردة فعل سعودية واسرائيلية ومن غير عواصم لاحظت الى ان ملفات عدة جرى بحثها تحت عنوان النووي ومنها الملفات الافغانية والسورية واليمنية واللبنانية، بل يقول هؤلاء ان في سياسة قطع الحوار السعودي ـ الايراني وعدم تلبية الرياض للدعوات الايرانية منذ وصول الرئيس روحاني الى الرئاسة الايرانية ادى الى غياب المملكة عن الحوار والى ابتعادها عن الساحة الاقليمية في اطار هذه التفاهمات الاقليمية والدولية.

ولفتت مصادر في تيار المستقبل ان تطورا ايجابيا جاء بعد بحث مستفيض بين شخصيات سياسية سعودية وايرانية، وهذه الشخصيات زارت العاصمتين الرياض وطهران وزارت وزارتي الخارجية في كلا البلدين وجرى بحث مستفيض في نقاط الخلاف، وكل النقاش ادى الى معادلة واحدة ان ايران منذ اللحظة الاولى بعد انتخاباتها الرئاسية دعت الى اوثق العلاقات مع المملكة العربية السعودية وشجعت على قيام هذه العلاقات لمصلحة الامن والاستقرار في المنطقة ولمصلحة الملفات العربية والاسلامية على حد سواء، ما يساعد في تخفيف حدة الاحتقان، وان طهران منذ اللحظة الاولى تعلم ان لا خيارات امام الرياض وطهران الا الحوار، بل بالعكس ان الدعوات الايرانية للعلاقات الطيبة مع السعودية ليست الا من باب الحرص على المصالح المشتركة للامة الاسلامية ولقطع الطريق على المشروع الاسرائيلي الذي بالاساس يستهدف الجميع وان رأي طهران ان التفتيش عن اصدقاء للوقوف بوجه ايران امر صعب باستثناء العدو الاسرائيلي والحري التفتيش عن نقاط مشتركة مع طهران والحوار في النقاط الخلافية للوصول الى تفاهمات.

المصادر المتابعة لملف العلاقات الايرانية ـ السعودية عن كثب تشير الى ان المرحلة السابقة والتي ما تزال سارية المفعول نتيجة الموقف السعودي من طهران يشير بوضوح الى ان الرؤى لم تكن سياسية في التعاطي مع طهران بل نتيجة حسابات خاطئة ادت الى هذا التشنج مع طهران وتمثل الامر في اكثر من منطقة عربية واسلامية. وايران متيقنة ان اسرائيل الجهة الوحيدة المستفيدة من هذا الامر في الساحات يمكن ان تشعلها اسرائيل والغرب عبر عملائها.

على الصعيد اللبناني ان الدعوات متعددة من القوى الفاعلة لحوار ايراني ـ سعودي والرئيس نبيه بري في زياراته الى طهران شدد على الحوار بين العاصمتين لما فيه مصلحة للبلدين وللامة العربية والاسلامية لكن ظلت بعض الدوائر لا ترى في السياسة بعين المصلحة بل بأعين الحسابات الطائفية والمذهبية وبسياسات ضرب وقطع الخطوط في مقابل ارتفاع الصوت الايراني بضرورة التحاور والنقاش مع الدول الخليجية وفي الطليعة المملكة العربية السعودية.

المصادر المتابعة للملف السعودي ـ الايراني تعترف ان التطورات خلال الاشهر الاخيرة في المنطقة وما آلت اليه الامور ونتائجها ادت الى اعادة القراءة، وهذه الاعادة مهما كانت متأخرة تبقى اهم من استمرار القطيعة، والاهم ان طهران اقرب للرياض من اي عاصمة اخرى والروابط التي تجمع بين ايران والسعودية اكبر واعمق بكثير مما تجمع مع اي عاصمة في العالم، كون الرابط الديني والثقافي من الطبيعي ان يكون عوامل لقوة علاقة وثيقة بين الطرفين.

هذا عدا عن العامل الجغرافي بين البلدين الذي يمكن ان يلعب دورا هاما في العلاقات الوثيقىة في حال قدّر للحوار بين البلدين ان يبصر نور النجاحات، وبصراحة اكبر تقول المصادر انه اذا استطاعت واشنطن والغرب على التفاهم مع ايران والوصول الى نتائج ايجابية فأنه من غير المنطقي ان لا تكون المملكة العربية السعودية قادرة على الوصول الى تفاهم مع ايران التي تريد التفاهم وتدعو اليه.

ومن الدلائل على امكانية التفاهم تقول المصادر هو ما حصل في لبنان من تشكيل للحكومة وهو من الخطوات الجزئيةى بين طهران والرياض التي ادت الى تهدئة الساحة اللبنانية وجمع القوى المتخاصمة في البلد وتحديدا حزب الله وحزب المستقبل. وما يجري من تنسيق بين هذين التيارين ان عبر الوزراء او عبر اطراف وسيطة، وطالما نجح الاتفاق الايراني ـ السعودي الجزئي في لبنان ترى المصادر انه من الطبيعي اذا ما فتحت قنوات الحوار الكامل ان تحقق نجاحات هامة على صعيد اكثر من ملف خلافي في المنطقة العربية والاسلامية.

لقد شهد شهر نيسان جملة لقاءات ايرانية ـ سعودية في طهران والرياض وفي اكثر من عاصمة عربية وغربية على مستويات السفراء والشخصيات السياسية والثقافية، وكما حصلت هذه اللقاءات يمكن ان تحصل مثيلاتها على المستوى الارفع رسميا تقول المصادر مع الاشارة الى ان الرابح الاكبر في هذا السياق هي سياسة الاعتدال، كما كان هناك استراتيجيات جديدة رسمتها تطورات الملفات في المنطقة ساهمت بقوة في قراءة النتائج بموضوعية، لا سيما ان الوضع العربي المتردي من البحرين الى ليبيا واليمن وتونس ومصر لا يساعد بعض العواصم على ان تبقى تنظر بعين واحدة وتتغافل عن ان معادلات مستجدة اصبحت قائمة ولا يمكن تجاوزها بامر الواقع ووفق الواقع الجديد، وانه لا بد من تفاهم على المستجدات والاعتراف ان للجمهورية الاسلامية في ايران دورا فاعلا وبارزا في القضايا الاسلامية من فلسطين الى غير منطقة وان التعددية الاسلامية في المنطقة العربية والاسلامية امر ايجابي وليست مكانا للخلاف، وكما قيل ان طهران اقرب بكثير من اي عاصمة اخرى ويمكن التواصل معها بسهولة.

بما يتعلق في لبنان تقول المصادر ان اي تقدم في التفاهم الايراني ـ السعودي ينعكس ايجابا على الملفات اللبنانية، لكن في الواقع لن يطرأ اي جديد في السرعة المطلوبة على الاستحقاق الرئاسي اللبناني ـ اي قبل 25 ايار اذ فات قطار التفاهم بين اللبنانيين وبالتالي الاستحقاق الرئاسي لم يعد منذ اشهر استحقاقا لبنانيا او اقليميا فحسب بل دخل به العامل الدولي، لكن الاهم في الموضوع ان التفاهم الايراني ـ السعودي الذي بالتأكيد سيمثل تفاهما دوليا بطبيعته قادر على الوصول الى تفاهم على الرئاسة اللبنانية الاولى، وان يؤمن استقرارا في هذه المرحلة (الفراغية) الى حين انتخاب رئيس للجمهورية متوافق عليه او ضمن الصفقات الاقليمية والدولية التي ستجري، وكل ذلك مع الاسف ما سببه اللبنانيون لانفسهم عندما افقدوها قدرة انتاج رئيس صنع في لبنان.