IMLebanon

الحريري وكلمة السر

جو الإنفراج الواسع على الساحة الداخلية الذي أشاعته عودة الرئيس سعد الحريري الى بيروت بعد غياب قسري استمر ثلاث سنوات وأربعة أشهر، والترحيب الواسع الذي قوبلت به هذه العودة من قبل كل القيادات السياسية في البلاد ما عدا حزب الله الذي لا يزال يلتزم الصمت ويركز في تصريحات نوابه على الوضع في عرسال ومطالبة قوى الرابع عشر من آذار الاستعانة بقوة الطوارئ الدولية (يونيفل) لضبط الوضع الأمني على الحدود بين لبنان وسوريا وسد الثغرات التي يدخل منها مسلحو داعش والنصرة الى لبنان كما حدث في الأسبوع الماضي حيث دخل المسلحون وشنّوا هجوماً مفاجئاً على مراكز الجيش اللبناني المنتشرة في عرسال وجرودها، جو الإنفراج هذا أحدثته عودة الرئيس الحريري وما رافقها من اتصالات واسعة لرئيس تيار المستقبل، هل تنعكس إيجاباً على الجلسة النيابية الثامنة التي دعا إليها اليوم الثلاثاء رئيس مجلس النواب نبيه بري، وتحصل المعجزة المنتظرة باكتمال حضور كل الكتل النيابية بما في ذلك كتلة حزب الله وكتلة التيار الوطني الحر ويتم انتخاب رئيس جديد للجمهورية يملأ الشغور في الموقع الأول في البلاد ويطمئن المسيحيين الى تمسك جميع الأطراف باتفاق الطائف الذي كرّس رئاسة الجمهورية للمسيحيين ورئاسة مجلس النواب للطائفة الشيعية الكريمة ورئاسة مجلس الوزراء للطائفة السنّية، وهل صحيح أن الرئيس الحريري، لم يعد الى بيروت إلّا وفي جيبه كلمة السر وإسم الرئيس الذي سيملأ الفراغ في رئاسة الجمهورية. غير أن هذه الأجواء الإيجابية نفسها التي أشاعتها عودة الرئيس الأزرق لا توحي في حقيقتها أن كلمة السر بانتخاب الرئيس الجديد صدرت وأن الرئيس الحريري جاء يقطف ثمارها السياسية ويريح البلاد من هذه الأزمة المستفحلة والتي بدأت تنعكس سلباً على مجمل الأوضاع في البلاد بدءاً من مجلس النواب الذي بدأت الاستعدادات العملية للتجديد له بحجة الشغور في رئاسة الجمهورية وتعثّر الوصول الى تفاهم حول إسم الرئيس الجديد، أو في الحكومة التي تعاني بدورها صعوبات جمة في الإنتاجية بسبب تعذّر أو استحالة اتفاق وزراء في حكومة إئتلافية على العمل والإنتاجية في ظل استمرار أزمة انتخاب رئيس جديد للبلاد.

الرئيس الحريري عاد الى لبنان حاملاً معه هبة المليار دولار السعودية لتسليمها الى الجيش اللبناني من أجل تعزيز قدراته لمواجهة الإرهاب والإرهابيين وتحصين الساحة الداخلية، كما عاد من أجل تعزيز الإسلام المعتدل وتيار الاعتدال السنّي الذي يشكل الأكثرية الساحقة في هذا البلد وقد أسلس قيادته الى الرئيس الحريري الذي يحمل مشعل الوسطية والاعتدال عن والده الشهيد رفيق الحريري. لكن المعطيات المتوفرة عن ملابسات إملاء الشغور في رئاسة الجمهورية وتصريحات الرئيس بري والنائب جنبلاط وصمت حزب الله لا يدل بأن كلمة السر وصلت عبر الحريري لانتخاب رئيس جديد بقدر ما يؤشر الى أنه (الحريري) لا يحمل في جيبه أي إسم وأنه لا يزال عند موقفه الذي أعلنه في شهر رمضان بأن أمر اختيار الرئيس متروك للقيادات المسيحية نفسها وهو لا اعتراض عنه على أي طرح ويوافق على الإسم الذي تتفق أو تتوافق عليه هذه القيادات، ومع أن كل المعطيات تدل على ذلك فإن الجميع يريد أن تشهد جلسة مجلس النواب اليوم اتفاق ولو مبدئي على انتخاب رئيس جديد قبل الانتخابات النيابية وتطوى هذه الصفحة.