IMLebanon

الحريري ينتظر ردّ عون

تتحدث غالبية المعنيين في الإستحقاق الرئاسي المؤجّل في لبنان، أن العماد ميشال عون ما زال ينتظر ردّ الرئيس سعد الحريري على ترشيحه، بعد أشهر طويلة من اللقاءات والتفاهمات بين الحلقات الضيقة في قيادتي «التيار الوطني الحر» و«تيار المستقبل».

إلاّ أن الواقع هو عكس ذلك تماماً، إذ إن الرئيس الحريري هو الذي ينتظر ردّ العماد عون الذي لم يأتِ بعد، وقد لا يأتي مستقبلاً.

فالحريري حمّل الوزير جبران باسيل في اللقاء الأخير بينهما، رسالة الى الجنرال تقول، إن المشكلة في طرح نفسه مرشحاً توافقياً هي عند مسيحيّي «14 آذار»، وبالتالي عليه أن يُقنع «القوات اللبنانية» و«الكتائب» والمستقلّين بقبول ترشيحه أولاً.

هنا أيقن العماد عون أن الحريري لن يتخلّى عن حلفائه، ولن يعقد معه صفقة على حسابهم، وأن موقفه هو ردّ واضح لا مواربة فيه ويعكس المقاربة السعودية لملف الإستحقاق الرئاسي عشية المفاوضات والتحوّلات الكبرى في المنطقة.

لم يرَ العماد عون ضرورة في الأخذ بردّ الحريري، لأنه يجيد فن الحساب كما المراوغة السياسية، ويدرك أن إقناع الدكتور سمير جعجع والرئيس أمين الجميل وسائر موارنة «14 آذار» بتبنّي خيار ترشيحه للرئاسة، مهمة مستحيلة.

لذلك بات رئيس «كتلة الإصلاح والتغيير» أمام واقع جديد. لا بد من خيار بديل والإنتقال الى استراتيجية جديدة للخروج من الحلقة المفرغة: الإنتخابات النيابية والإتيان بعدد أكبر من النواب يخلط الأوراق ويقلب موازين القوى داخل المجلس النيابي، ويفتح طريق قصر بعبدا أمام الجنرال.

سينتظر عون حتى 20 آب المقبل، موعد دعوة الهيئات الناخبة لإنتخاب مجلس نواب جديد.

قبل هذا التاريخ، لن تكون هناك انتخابات رئاسية، لأن القوى السياسية اللبنانية احتكمت الى القوتين الإقليميتين المتناحرتين، من اليمن الى البحرين فالعراق وسوريا ولبنان، ليخرج الدخان الأبيض سواء من المفاوضات الدائرة على نار هادئة بين الأميركيين والإيرانيين، وبين الرياض وطهران، أو نتيجة العمليات العسكرية والأمنية التي تعيد رسم موازين القوى في المنطقة، وهذا مسار طويل لا يُحسم في أسابيع وأشهر.

يرى العماد عون أن أي انتخابات نيابية بأي قانون انتخاب، ستمكّنه من حسم سياسي يواكب حسماً عسكرياً في سوريا، وبالتالي تؤهّله الى الرئاسة.

لكن المشكلة تكمن في أن سائر القوى المحلية ليست متحمّسة لخوض انتخابات نيابية لأسباب متعددة ومتناقضة، يبقى الأخطر بينها إمكان وجود نيّة مبيّتة لدى فريق معيّن لتعطيل النظام السياسي ككل، بهدف التفاوض على نظام جديد قد يكون على حساب المسيحيين، بعدما ظهر ضعفهم وقلة حيلتهم. وهل من باب المصادفة أن يُطاول الإستثناء أبرز المواقع المارونية: التمديد لمدير المخابرات، ثم التمديد لقائد الجيش، وعدم تعيين أعضاء المجلس العسكري، ثم شغور رئاسة الجمهورية، وحملات تطويق البطريرك مار بشارة بطرس الراعي؟

هل يستفيق المسيحيون قبل فوات الأوان؟