IMLebanon

اندلعت بين درباس وباسيل.. والحق على «النأي بالنفس»

قنوات عسكرية وأمنية مفتوحة يومياً مع دمشق بعلم سلام

اندلعت بين درباس وباسيل.. والحق على «النأي بالنفس»

في أوّل حزيران الحالي، عقدت «الخلية الوزارية لشؤون اللاجئين» اجتماعها برئاسة الرئيس تمّام سلام، وحضور الوزراء: جبران باسيل، نهاد المشنوق ورشيد درباس، لتحويل مقررات مجلس الوزراء في ملف النازحين «إلى أفعال».

يومها قُسّمت المهام على الوزراء المعنيين: وزير الشؤون الاجتماعية يتولى التدقيق في إسقاط صفة النزوح عمن يخرج من لبنان إلى سوريا وربطها أيضاً بوجود معارك عسكرية في المناطق القريبة من الحدود اللبنانية ومتابعة موضوع المقيمين في لبنان والذين يحملون بطاقة نازح خلافاً للمعايير القانونية (تم سحب 50 الف بطاقة لاجئ).

وزير الخارجية والمغتربين يجري الاتصالات اللازمة (لا سيّما مع الدول الكبرى) من أجل توفير الظروف الملائمة لإقامة مخيمات آمنة داخل سوريا أو في المناطق العازلة على الحدود اللبنانية ـ السورية.

خلال الاجتماع، حاول جبران باسيل التشديد على ضرورة التواصل مع الجانب السوري (من خلال السفير السوري في لبنان علي عبد الكريم علي)، فاعترض سلام، مشيراً، بحسب مصادره وبحسب ما نقل عنه درباس، الى «أنّنا ملتزمون بتطبيق سياسة النأي بالنفس التي تفرض علينا أن نكون بمنأى عن لعبة النزاع الداخلي (السوري)، لأن التواصل مع السفير السوري يعني حكماً التواصل أيضاً مع المعارضات السوريّة».

وأكّد سلام، وفق درباس، أن أمر التواصل مع السفير السوري غير مجد لأنه لن يخفّف من أزمة النازحين على اعتبار أن الحكومة السوريّة ترفض مبدأ إقامة مخيمات للنازحين، كما أن هناك عدداً كبيراً من النازحين هم ضدّ النظام السوري ويرفضون العودة إلى بلادهم حتى ولو تمّ التواصل مع الحكومة في دمشق. ما يعني أنهم سيبقون هنا ونحن ملتزمون بالمواثيق الدولية فلا ترحيل بالقوّة لأي لاجئ سوري».

وبعد أكثر من 20 يوماً على بدء «الخليّة الوزارية» بتنفيذ التدابير الآيلة إلى الحد من النزوح السوري إلى لبنان، استقبل باسيل سفراء الدول ذات العضوية الدائمة في مجلس الامن المعتمدين لدى لبنان (أميركا، روسيا، الصين، فرنسا وبريطانيا)، للبحث معهم في إقامة مخيمات للنازحين السوريين على الحدود.

تنفّس سلام والخلية الوزاريّة الصعداء لتنفيذ وزير الخارجية التعليمات الحكوميّة، غير أن الأخير «خذلهم» كما يرددون، ليعود ويستقبل بعد ساعات السفير السوري علي عبد الكريم علي. كان خبر استقبال علي في «قصر بسترس» عادياً في عهد «الحكومة الميقاتية» وتولي الوزير عدنان منصور حقيبة الخارجيّة.. ولكن الأمر لم يعد كذلك في زمن «حكومة المصلحة الوطنيّة».

هذا الاستقبال سقط على رؤوس «المستقبليين» في الحكومة، كالصاعقة فأثمر انتقادات عالية النبرة عبّر عنها علنا وزير الشؤون الاجتماعية.. بالتوافق مع سلام.

لم تكن «خطيئة باسيل»، بالنسبة لسلام ووزراء «تيار المستقبل»، أنه استقبل علي وحسب، بل الأنكى من ذلك، أنه استقبله ثم وضب أغراضه وحطّ في البرازيل من دون أن يحيط الخلية الوزاريّة علماً بمّا تمّ التوصّل إليه في اللقاء، وذلك بحسب ما تؤكّد مصادر سلام.

البعض ينظر إلى الاستقبال من زاوية أن «باسيل يبيع من كيس الحكومة ليشتري للعماد ميشال عون كرسي بعبدا، والأمر بالتالي لا شأن له بقضية النازحين لا من قريب ولا من بعيد»، في حين يقول درباس لـ«السفير» أن «وزير الخارجيّة كُلّف بإجراء البحوث مع الدول المعنيّة أي سفراء الدول الأخرى، ولم يُكلّف بتاتاً بالتواصل غير المجدي مع السفير السوري» على حد تعبيره.

ويضع وزير الشؤون الاجتماعيّة تصرّف باسيل «في إطار الاجتهاد الشخصي»، «فهذا الأمر لم نتفّق عليه ونحن كوزراء يجب أن نتقيّد بسياسة الدولة والاتفاقات التي نصيغها بغض النظر عن مواقفنا الخاصّة»، منتقداً باسيل الذي «فاجأنا ولم يبلّغنا بالأمر».

في المقابل، يميل وزير الخارجية إلى «البراغماتية»، فالرجل يدرك أن «معضلة النازحين لا يمكن أن تُحلّ من دون التواصل مع الجانب السوري». هو لا يستطيع أن يكون ملكاً أكثر من الملك نفسه «فها هو مجلس الأمن بذاته يتواصل مع الحكومة السورية، فكيف يكون الأمر بالنسبة للحكومة اللبنانية؟».

هذا ما تنقله مصادر وزارة الخارجيّة عن باسيل الموجود في البرازيل للقاء الجالية اللبنانية هناك، وتشدّد على أن «الاتفاق في الحكومة بشأن إقامة المخيّمات هو التواصل مع الجهات المعنيّة، وبالطبع فإن السلطات السورية هي من الجهات المعنيّة».

ما يحزّ في قلب باسيل أيضاً أن «سفير سوريا معترف به ومعتمد رسمياً من قبل الدولة اللبنانية، وهناك الكثير من الأطراف اللبنانية تستقبله وتتعاطى معه يومياً»، بحسب المصادر، وهذا يعني أن ما يفترضه بعض وزراء الحكومة غير موجود أصلاً في قاموس وزير الخارجيّة.

أما السفير السوري فيرفض أي تدخل في الشؤون الداخليّة اللبنانية. ما يهمّه في الوقت الحالي هو «إيجاد حلّ لقضية النازحين السوريين في لبنان وفي كلّ البلدان بما يحفظ كرامتهم وأمنهم وسلامتهم». يؤكّد علي لـ«السفير» أنّ «لا حلّ من دون التنسيق مع الحكومة السوريّة فهي الممسكة بالأرض، ولو صار هذا التعاون منذ البداية لما وصلت أزمة النازحين إلى ما وصلت إليه اليوم»، مشيراً إلى «أنني والوزير باسيل لم نصل إلى نتائج وحلول بل تداولنا في الأفكار المطروحة».

يؤكد علي أن الدولة السوريّة «حريصة على استمرار التعاون مع السلطات اللبنانية لأنه يصب في مصلحة البلدين، وهو على غرار ما يحصل من تنسيق أمني بينهما، مشيرا الى أن «السلطات السورية ترفض إقامة المخيّمات لأن المشجعين لهذه الفكرة هم الذين لا يريدون حلاً لأزمة النازحين السوريّين».

ما لا يقوله السفير السوري يشير اليه أحد الوزراء من «فريق 8 آذار»، بقوله لـ«السفير» أن هناك قنوات مفتوحة يوميا بين الحكومتين بعلم الرئيس سلام، ويعطي مثالا على ذلك، التنسيق اليومي القائم بين ضباط الارتباط في الجيشين اللبناني والسوري، كما التنسيق الحدودي القائم بين الامن العام اللبناني والسلطات السورية، «والكل يعلم أن المدير العام للأمن العام يزور دمشق بصورة مستمرة وينسّق مع المسؤولين فيها بشأن ملفات أمنية لبنانية بينها ملف المطرانين وملف المفقودين والمخطوفين اللبنانيين». وللمعترضين على هذا التنسيق، يقول السفير السوري: «الكل صاروا مدركين أنّ سوريا لا يمكن إسقاطها»، لافتاً الانتباه إلى أنّ «أهم حلّ لتسهيل عودة النازحين هو إقناع الدول التي رعت ومولت وسلحت وما تزال، بان هذا الارهاب الذي تسلح وتمول سيرتد عليها في أوروبا وأميركا والخليج وتركيا».