IMLebanon

بكركي تُذكّر القادة بالتعهّدات والراعي يتلقّى ترحيباً من عبّاس

 

ألمُعطى الجديد في الاستحقاق الرئاسي لم يكن جلسة الانتخابات المعلومة النتائج سَلفاً، إنّما الحراك الذي بدأه رئيس حزب الكتائب الرئيس أمين الجميّل بلقاء رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أمس الأوّل، واستكمله بلقاء رئيس تكتّل «الإصلاح والتغيير» ميشال عون أمس، ويواصله بلقاء رئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية اليوم، وبالتالي، الجديد في هذا الحراك أنّه انتقل مسيحياً بعدما كان دعا رئيس تيار «المستقبل» الرئيس سعد الحريري عون إلى أخذ موافقة مسيحيّي 14 آذار على ترشيحه كشرط إلزاميّ لموافقة «المستقبل». ولكنّ السؤال الذي يطرح نفسَه: هل سينجح الجميّل بكسر الجمود الرئاسي وصولاً إلى انتخاب رئيس جديد؟ وهل سيقبل عون بتوفير النصاب لانتخاب رئيس غيره؟ وهل ستكون الجلسة الرابعة هذه المرّة في الخامس عشر من هذا الشهر ثابتة؟ وقد تقاطعَ هذا التحرّك مع إبداء المطارنة الموارنة قلقَهم من الفراغ ودعوتهم القادة الموارنة إلى احترام تعهّداتهم في تأمين النصاب. وفي سياق مُوازٍ للهَمّ الرئاسي استمرّ الانقسام على خط سلسلة الرتب والرواتب بين اللجنة النيابية التي اعتبرَته حلّاً منطقيّاً، وبين «هيئة التنسيق النقابية» التي رأت فيه «إهانة صارخة لكرامة اللبنانيين جميعاً»، ودعت إلى الإضراب العام بدءاً من اليوم الخميس وحتى 14 آذار الجاري موعد التظاهرة الحاشدة التي دعَت «هيئة التنسيق» إلى تنظيمها تحت شعار «يوم الإنفجار الكبير».

يبقى الترَقب سيّد الموقف طيلة الأيام السبعة التي تفصل عن جلسة الانتخاب المقبلة واستكشاف مدى إمكان إحداث خرق دولي أو إقليمي ما لدفع عجلة الاستحقاق قدُماً، والضغط للتوافق على مرشّح، منعاً لوقوع المحظور وشغور موقع الرئاسة الأولى في ظلّ تمسّك فريق 14 آذار بترشيح جعجع وعدم تبنّي فريق 8 آذار حتى الآن ترشيح عون الذي ينتظر بدوره التوافق على شخصه.

ولم تكن الثالثة ثابتة أمس، فطار النصاب القانوني لجلسة انتخاب رئيس جمهورية جديد، وضربَ رئيس مجلس النواب نبيه بري موعداً جديداً للانتخاب الخميس المقبل في 15 الجاري، على أن تسبقها جلسة تشريعية يوم الاربعاء في 14 الجاري لدرس سلسلة الرتب والرواتب.

وقد بلغ عدد النواب الذين حضروا إلى مجلس النواب 73 نائباً، ودخل الى القاعة العامة 67 نائباً، علماً أنّ النصاب هو 86 نائباً أي ثُلثا أعضاء المجلس النيابي، في حين سُجّل غياب تام لنواب كتلة «الوفاء للمقاومة».

وكرّست المواقف النيابية قبل وبعد تطيير النصاب حجم الخلاف النيابي، فأكّد نواب 14 آذار انّهم لن يملّوا من الحضور الى مجلس النواب لانتخاب رئيس جديد، واتّهموا الفريق الآخر بتعطيل النصاب ودعوه إلى الإعلان عن مرشّحه.

وسارع نواب تكتّل «التغيير والإصلاح»، الذين حضر البعض منهم الى المجلس من غير أن يشاركوا في الجلسة، إلى نفي تهمة تعطيل الانتخاب عنهم، معلنين استعدادهم لتأمين النصاب عندما تصبح الانتخابات جدّية، ومؤكّدين رفضهم مرشّحاً يتحدّى اللبنانيين».

جعجع

في هذه الأثناء، اعتبر جعجع، عقب تأجيل الانتخابات: «أنّ تغيّب بعض النواب عن حضور الجلسات ليس حقاً دستورياً، والوظيفة الاولى للنائب هي في تمكين حصول انتخابات الرئاسة وليس تعطيلها. وقال: «إنّ تعطيل النصاب لفرض مرشّح معيّن هو خرق للدستور وليس حقاً ويجري تغطيته بشعار التوافق، مشدّداً على انّ ما يجري اليوم هو انقلاب كامل على الدستور اللبناني وتقاليده البرلمانية».

وسأل جعجع: «لماذا تمتنع قوى 8 آذار حتى اللحظة عن إعلان مرشّحها»؟ وأضاف: «قوى 8 آذار لم تعترف يوماً بمنطق التوافق، وإلّا هل يقبلون به في موضوع السلاح»؟

ورأى جعجع انّ عرقلة انتخاب رئيس فِعليّ للبلاد تعني حكماً تهميش موقع الرئاسة، معتبراً أنّ الامور لن تستقيم طالما إنّ الموقع الأوّل لا يشغله إلّا رئيس تسوية، وليس من يتوق العدد الأكبر من المسيحيّين لانتخابه.

«14 آذار»

من جهتها، جدّدت الأمانة العامة لقوى 14 آذار تمسّكها بترشيح جعجع، وقال منسّقها العام النائب السابق الدكتور فارس سعيد إنّ 14 آذار «فريق سياسيّ متماسك، يواجه مراحل متتالية من الإستحقاق الرئاسي ويسعى من دون ملل ولا كلل من أجل إنتخاب رئيس».

مرحلة تعاون جديدة

وفي هذه الأجواء، اتّفق الرئيس الجميّل وعون على ضرورة إنجاز الاستحقاق الرئاسي في موعده.

وقال الجميّل الذي زار الرابية امس للمرّة الأولى في إطار مبادرته الإنقاذية لإنجاح الانتخابات الرئاسية، بعدما كان بدأ تحرّكه بزيارة معراب امس الأوّل، على ان يزور فرنجية اليوم: «توافَقنا على ضرورة بذل كلّ الجهود من أجل إتمام هذا الاستحقاق في أسرع وقت ممكن، ليس لدينا من وقت سوى 18 يوماً، وما يهمنا ان يحفظ هذا الاستحقاق كلّ المؤسسات، لذا نريد رئيساً قادراً على ذلك ويُطمئن كلّ اللبنانيين، بدءاً من المسيحيين».

من جانبِه، أكّد عون أنّ «الإجتماع أعطى نتائج إيجابية، وتحدّث عن بدء مرحلة جديدة من التعاون مع الجميّل ، مُصِرّاً على إجراء الانتخابات في موعدها».

قزّي

وأوضح وزير العمل سجعان قزي أنّ الجميّل «لا يسوّق نفسه، بل يسوّق انتخابات رئاسة الجمهورية». وقال: «إنّنا كمسيحيين لا نقبل ان يبقى القصر شاغراً بعد 25 أيار»، واعتبر أنّ «ما يحصل هو تعطيل للحياة الدستورية، وكأنّ المطلوب إسقاط الرموز الاساسية للدولة اللبنانية، وخصوصاً الرمز المسيحي في هذه الدولة».

الفراغ وقلق المطارنة

ومن بكركي، ذكّر المطارنة الموارنة النوابَ «بأنّ انتخاب الرئيس يكون باحترام المؤسّسات الدستورية، ووفقاً للدستور وما يمليه عليهم من واجب وطني بحكم الوكالة المعطاة لهم من الشعب». وأبدوا «قلقهم من حديث بعضهم عن الفراغ، وكأنّهم بذلك يعلنون عن عجزهم السياسي». وناشدوا القادة الموارنة «أن يعتبروا الإلتزام الذي أعلنوه في لقاء بكركي خريطة طريق أخلاقية، لخوض انتخابات رئاسية تكون على مستوى طموحاتهم التي أعلنوها مرارًا وتكرارًا».

موسكو

وفي المواقف الدولية، أعلنَت روسيا أنّها تتابع موضوع الإستحقاق الرئاسي يومياً، وشدّد سفيرها ألكسندر زاسبيكين على ضرورة عدم تدخّل الأطراف الخارجية فيه، «فهو شأن لبنانيّ داخلي، ونحن كمجموعة دولية لدعم لبنان نتبنّى جميعاً هذا الرأي».

واستغربَ «إدخال البعض الأزمتين الأوكرانية والسورية في الإستحقاق الرئاسي»، مؤكّداً أن «لا علاقة لهما به».

الرياض

أمّا السفير السعودي علي عواض عسيري الذي زار بري أمس الأوّل، فأكّد مجدداً أنّ «اختيار الرئيس الجديد يعود للّبنانيين أنفسهم»، وشدّد في حديث تلفزيوني على أنّ «السعودية لن تتدخّل في الانتخابات الرئاسية، وهي تُبارك ما يتّفق عليه اللبنانيون»، مؤكّداً أنّ «هذا الاستحقاق الرئاسي هو شأن لبنانيّ داخلي، وأيّ تدخّل منّا أو من غيرنا لن يخدم مصلحة لبنان».

مجلس وزراء الجمعة

إلى ذلك، يعقد مجلس الوزراء جلسة في الرابعة من عصرَ غدٍ الجمعة، وعلى جدول أعماله 57 بنداً، عرَضها سليمان أمس مع رئيس الحكومة تمّام سلام.

وقالت مصادر مُطّلعة إنّ الجلسة ستبتُّ دفعةً جديدة من التعيينات الإدارية، فيعيّن اللواء المتقاعد نزار خليل رئيساً للمجلس الأعلى للجمارك، ويثبَّت شفيق مرعي مديراً عامّاً للجمارك، وهو الذي يشغل موقعه بالإنابة، ويعيّن لؤي شحادة عضواً في المجلس الأعلى للجمارك. وستعيّن السيّدة عليا عبّاس مديرة عامة في وزارة الإقتصاد، والقاضية ميسم النويري مديرة عامّة لوزارة العدل

الراعي والقدس

وفي وقتٍ غابَ موضوع زيارة البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي عن بيان المطارنة الموارنة، بعدما حسم الراعي امس الأوّل الجدل حولها ورفض أن يقول له أحد ماذا عليه أن يفعل، مؤكّداً طابع الزيارة الرعوي وأنّه سيزور القدس والأراضي المقدّسة، لا إسرائيل، اتّصل الرئيس الفلسطيني محمود عباس بالراعي، مُرحّباً بـ»ضيف فلسطين الكبير، رأس الكنيسة المارونية بتاريخها العريق في الحفاظ على العروبة لغةً وثقافة» وقال: «أهلاً وسهلاً بغبطتكم في بلدكم الثاني فلسطين، فزيارتكم ليست تطبيعاً كما اعتاد أن يردّد ذلك بعض المزايدين وأصحاب الأجندات الخاصة المطالبة بعدم زيارة فلسطين والقدس لأنها تحت الاحتلال، وكأنّهم بموقفهم هذا يسلّمون بالأمر الواقع».

وقدّر عبّاس للراعي «زيارتكم المباركة لأرضكم وللقدس التي هي مدينتكم وللفلسطينيين المحاصرين، وأهلاً بكم ضيفاً عزيزاً، وقلوبُنا مفتوحة قبل بيوتنا يا غبطة البطريرك لكم ولجميع اللبنانيين، لنردّ لإخواننا اللبنانيين بعض جميلهم على استضافتهم لمئات آلاف اللاجئين الفلسطينيين، ولِما قدّمه لبنان بكلّ فئاته وطوائفه من دعم وتضحيات لشعبنا الفلسطيني، إلى جانب كفاحه من أجل العدل والسلام في أرض السلام».

وفي سياق متصل أكّد «التجمّع الوطني المسيحي» في الأراضي المقدّسة أنّ «زيارة البطريرك الراعي إلى الأراضي الفلسطينية برفقةِ قداسة البابا فرنسيس هي تعزيز لصمود المقدِسيّين».

وقال الأمين العام للتجمّع ديمتري دلياني، في بيان أمس، «إنّ القدس تحتاج إلى الدعم والشَدّ من أزر أهلها، وإنّ زيارة الأسير، كما هو حال القدس، لا تعني أبداً تطبيعاً أو اعترافاً بالسَجّان، بل هي دعم لصمودِه»، مؤكّداً أنّ «صاحب الولاية السياسية والوطنية على الأراضي الفلسطينية هو الرئيس عبّاس، الذي يدعو العرب إلى زيارة فلسطين وخصوصاً القدس».

«السلسلة» والإضراب

وعلى خط سلسلة الرتب والرواتب، فما اعتبرته اللجنة النيابية حلّاً منطقياً لملف السلسلة، رأت فيه «هيئة التنسيق النقابية» «إهانة صارخة لكرامة اللبنانيين جميعاً، لا سيّما الفقراء وأصحاب الدخل المحدود». وهكذا تحوّل المشروع مجدّداً إلى بذور انفجار ظهرت مؤشّراته من خلال إعلان «هيئة التنسيق» الإضراب العام بدءاً من اليوم الخميس وحتى 14 آذار الجاري، موعد انعقاد الجلسة النيابية التي دعا إليها رئيس مجلس النواب نبيه بري لمناقشة موضوع السلسلة، انطلاقاً من تقرير اللجنة النيابية.

ورأت الهيئة أنّ المشروع الذي اقترحته اللجنة النيابية «هو مشروعٌ مِسخ يضرب السلسلة من أساسها». وأعلنت رفضها المطلق له، وقرّرت تنفيذ الإضراب العام الذي سيمتد من اليوم حتى 14 الجاري، ويشمل القطاع العام والدوائر الرسمية، والمدارس الرسمية، في حين تواصل المدارس الخاصة التدريس كالمعتاد على أن تُضرِب يوم 14 أيار، موعد التظاهرة الحاشدة التي دعت «هيئة التنسيق» إلى تنظيمها تحت شعار «يوم الإنفجار الكبير». وكذلك دعت الهيئة إلى مقاطعة الإمتحانات الرسمية من أسئلة ومراقبة وتصحيح وأسُس تصحيح.

وفي الموازاة، أعلنت الهيئات الإقتصادية رفضَ المشروع الذي فرَض زيادة ضرائبية توازي نسبة 13 في المئة من مجموع الضرائب القائمة حالياً.

وفي هذا الإطار، سجّل رئيس جمعية تجّار بيروت نقولا شماس اعتراضه على تحويل برّي تقرير اللجنة النيابية الى «هيئة التنسيق النقابية لدراسته». وقال لـ»الجمهورية»: «من المفترض توزيع هذا التقرير على جميع أعضاء الهيئة العامة لمجلس النواب وأصحاب العلاقة، أي الهيئات الإقتصادية وهيئة التنسيق». واعتبر أنّ إرسال التقرير الى «هيئة التنسيق» يهدف إلى إثارة نوع من الشعور الغاضب لديها، لتحفيزها على تسجيل اعتراضها وتصعيد تحرّكاتها».

وسأل: «إذا كان مجلس النواب سيّد نفسه، فلماذا لا يأخذ الملف على عاتقه ويبتُّه؟ هل المقصود إعادة إحياء التحرّكات المطلبية من تظاهرات واعتصامات؟».

وبالنسبة إلى صيغة التقرير النهائي للسلسلة، رأى شمّاس أنّ الضغط الضرائبي لا يزال كبيراً، مشيراً إلى أنّ كلفة السلسلة البالغة 1800 مليار ليرة سنوياً تُشكّل 13 في المئة من مجموع حصيلة الضرائب في لبنان، والبالغة 14 ألف مليار ليرة. وبالتالي، ستُرتّب ضغطاً ضرائبياً إضافياً على الإقتصاد اللبناني، بنسبة 13%.» وأوضح أنّ الضرائب المفروضة ستؤثّر سلباً في ثلاث مجالات: الدخل، الاستهلاك، والممتلكات.

الإبراهيمي باقٍ

إقليميّاً، نقل مراسل «الجمهورية» عن مصدر ديبلوماسي رفيع في الأمم المتحدة قوله إنّ الموفد الأممي الأخضر الإبراهيمي باقٍ في منصبه حتى إجراء الانتخابات الرئاسية في سوريا، وأنّ الأمم المتحدة تعمل على إيجاد خلفٍ له.

وأكّد المصدر ضرورة وضع خطة جديدة تُحدّد أسُس المرحلة المقبلة من العملية السياسية في سوريا، وهو ما قد يتولّاه الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون مع تعيين خلف للإبراهيمي. واعتبر أنّ نفوذ إيران في سوريا هو أكبر من نفوذ روسيا،

وأنّ طهران تدعم النظام السوري عسكرياً بشكل كبير، من خلال تزويده بشحنات أسلحة يومياً.

وإذ تحدّث المصدر عن دور أساسيّ لإيران في الوصول الى اتّفاق حمص وإخلائها من مقاتلي المعارضة السورية، شدّد على أهمّية دورها في أيّ عملية سياسية في سوريا في المستقبل.

إلى ذلك، أعلن المصدر الديبلوماسي نفسه أنّ الدول الغربية تُعِدّ مشروع قرار تحت الفصل السابع يُجيز مرور المساعدات الإنسانية عبر الحدود السورية مع الدول المجاورة، من دون العودة إلى الحكومة السورية.