IMLebanon

حرب العقوبات تستمرّ والرد الروسي خلال أيّام

على وقع احتقان العلاقة بين روسيا والغرب على خلفية الأزمة الأوكرانية، تلقّت موسكو حزمة جديدة من العقوبات الأميركيّة والأوروبية بذريعة دعم الانفصاليّين في مقاطعتي دونيتسك ولوغانسك الأوكرانيّتين.

البصمات الأميركيّة واضحة المعالم على حزمة العقوبات الأوروبيّة الجديدة بحق روسيا، إذ إنّ تصريحات المسؤولين الأميركيّين عشيةَ مشاورات دول القارة العجوز كانت تدفع في اتّجاه إقرار حزمة عقوبات أكثَر قساوة وتأثيراً في روسيا.

لكن على رغم إقرار العقوبات الأوروبية تزامناً مع العقوبات الأميركيّة، فإنّ الخلاف في الرؤية والمصالح بين دول الاتحاد قد يدفع بعضهم مستقبلاً الى نسج علاقات ثنائية تحت الطاولة مع موسكو، خصوصاً (عملاق الاقتصاد الاوروبي) ألمانيا، نظراً إلى تشابك مصالحها الاقتصادية مع روسيا في مجالات متعدّدة، ما يجعلها المتضرّر الأكبر في حال أقرَّت روسيا عقوبات مماثلة تشمل قطاعَي الطاقة والتكنولوجيا.

يدرك الاتحاد الاوروبي أنّ هذا النوع من العقوبات لن يكون له أيّ تأثير على مواقف موسكو تجاه السلطة الحاكمة في أوكرانيا، ولن

يُغيِّر في المعادلة بين كييف والساعين إلى الانفصال شرق البلاد، ويُدرك أيضاً أنّ الاستمرار في مخاطبة روسيا بلغة العقوبات قد يدفعها الى اتخاذ إجراءات حاسمة من شأنها أن تُعيد تموضعها سياسياً واقتصادياً في العالم، في اعتبار أنّ القيادة الروسية أعلنت أكثر من مرة أنه من غير المقبول استخدام لغة التهديد والوعيد مع موسكو، وإلّا فإنّ الرد سيكون قاسياً وقد يُعيد رسم خريطة العالم الجيوسياسية.

مصادر نيابية روسية تؤكّد أنّ واشنطن تلعب دور المحرّك للعقوبات الأوروبية، وذلك بهدف الانتقام من روسيا على مواقفها من قضايا عدة، وفي مقدّمها قضايا الشرق الأوسط، إذ إنّ موسكو تمكّنت من وقف سيناريوهات «الحرب الاستباقية» التي اتّبعتها الولايات المتحدة في الأعوام الماضية لتغيير الأنظمة في المنطقة، وتحديداً في سوريا بعدما بدا واضحاً فشل تلك التجربة في العراق وليبيا.

وترى المصادر أنّ واشنطن تحاول استغلال الأحداث لدفع أوروبا الى اتخاذ مواقف صدامية مع روسيا، وخير دليل على ذلك حادثة الطائرة الماليزية. فنائب الرئيس الأميركي جو بايدن أعلن صراحة أنّ «الولايات المتحدة تُنسّق مع الاتحاد الأوروبي وشركائها في مجموعة السبع وتُعدّ خططاً لتشديد العقوبات على روسيا».

من هنا يمكن قراءة التسرع الأميركي في توجيه الاتهام الى موسكو في حادثة الطائرة المنكوبة بلا أدلّة واقعية، خصوصاً أنّ الاستخبارات الأميركيّة بنَت تقاريرها الأولية على معلومات صادرتها من شبكات التواصل الاجتماعي، ما يعني أنّ واشنطن تعتمد في سياستها على معلومات لا تتَّفق مع الواقع، لذلك من الواضح أنّ الهدف هو دفع دول الاتحاد الاوروبي إلى اتّباع سياسة المواجهة المباشرة مع روسيا.

ولا تُخفي المصادر إمكان تأثير العقوبات في بعض قطاعات الاقتصاد الروسي، خصوصاً أنها تطاول تعاملات مصارف حكومية، وقطاعي النفط والتكنولوجيا في اعتبار أنّ روسيا تعتمد مئة في المئة على التكنولوجيات الاميركية في التنقيب واستخراج النفط في بحر الشمال.

وتؤكّد المصادر أنّ موسكو قد اتخذت سابقاً إجراءات لتخطّي أيّ عقوبات محتملة، لذلك فإنّ تأثير تلك العقوبات سيكون محدوداً، ولا سيما أنّ الرد الروسي لن يأتي متأخراً بل خلال الأيام المقبلة وسيكون تكتيكياً ومؤلماً على المدى البعيد.

اذاً، وعلى رغم تلقّي موسكو العقوبات الاميركية والأوروبية بأعصاب باردة، فإنّ تصاعد وتيرة حرب العقوبات بين موسكو والغرب سيكون له تداعيات سلبية على ملفات دولية كثيرة، وفي مقدّمها الازمة الأوكرانية وأزمات الشرق الأوسط.