IMLebanon

زجّ حزب الله بالأتون العراقي يكشف لبنان مجدداً!

إدارة أوباما محرجة… وإيران ترمي بثقلها لإنقاذ المالكي

 زجّ حزب الله بالأتون العراقي يكشف لبنان مجدداً!

الجديد الذي يُقلق المشهد اللبناني تقارير عن عودة عمليات الاغتيال السياسي وانكشاف الأجهزة الأمنية

عود على بدء. فمن جديد ارتفع منسوب القلق الأمني في لبنان على وقع التحوّلات الدراماتيكية التي يشهدها العراق، منذ العاشر من حزيران، مع خروج غالبية  المحافظات السنية عن سلطة حكومة رئيس الوزراء المنتهية ولايته نوري المالكي، واتخاذ  التطورات منحىً مذهبياً مع الفتاوى الصادرة عن المرجعيات الشيعية بحمل السلاح تحت عنوان «حماية المقدسات»، واتكاء المالكي على الميليشيات الشيعية لرفد الجيش النظامي الذي انهار في مواجهات الحراك المسلح في المحافظات السنية، والذي يتصدّر تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) واجهة الأحداث فيه.

وتنطلق المخاوف من أن مسار الأحداث الراهنة في العراق يشي بتكرار «السيناريو» الذي يشهده النزاع في سوريا، عبر تحويل الصراع  بين السلطة الحاكمة والمكوّنات في المجتمع، التي تم  قمعها وإقصاؤها وتهميشها، إلى صراع مذهبي يلبس لبوس التصدّي للإرهاب. وهي ورقة يُراهن عليها المالكي تماماً كما حليفه الإيراني، بما تشكله من هاجس لدى الغرب عموماً، والولايات المتحدة الأميركية خصوصاً، التي لا تزال تعيش الآثار النفسية لهجمات الحادي عشر من أيلول، والتي خاضت حربين إقليميتين في أفغانستان والعراق من باب القضاء على الإرهاب.

وفي رأي متابعين أن التنظيمات المتطرّفة، على غرار «داعش» المصنفة إرهابية، بتبنيها قيادة المعارك الدائرة في العراق وإظهار قدراتها العسكرية وممارسة أعمال قتل بصورة وحشية ترقى إلى الأعمال الإرهابية،  تُحرج  إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما الذي جاهر بقضائه على «تنظيم القاعدة» في كلا البلدين، وبالتالي لن يجد مفراً من التدخل عسكرياً - وإن كان يستبعد التدخل البري المباشر - لمواجهة  الخطر المتأتي من انتعاش «الجهاديين» واستعادتهم لزمام المبادرة مجدداً، وذلك إزاء هجمات خصومه عليه واتهامه بالإخفاق في مهمته، وما يمكن أن يتركه ذلك من نتائج سلبية عليه وعلى حزبه. هذا «المأزق الأميركي» ستعمل طهران على الإفادة منه، والرمي بثقلها في اتجاه التمسّك بورقة المالكي وإنقاذه من خلال الانخراط المباشر في إدارة المعارك تخطيطاً وإشرافاً، على غرار ما هو جارٍ في سوريا، والاعتماد على أذرعتها الميليشياوية التي كان سبق لها أن أنشأتها في العراق وغذّتها على مرّ السنوات الماضية، ودفعت بهم، مع نشوء الأزمة السورية، للقتال إلى جانب نظام الأسد الذي تمسّكت به، ونجحت في حمايته وإنقاذه من السقوط .

ويذهب المراقبون إلى الاعتقاد بقوة أن إيران لن تتوانى عن الزج بـ «حزب الله» في أتون الصراع العراقي، إذا ما استدعت الحاجة ذلك، وهو الأمر الذي بدأت قيادة الحزب تمهّد له مع كوادرها وبيئتها الحاضنة، الأمر الذي سيجعل من الصعوبة بمكان أن تنحصر الحرب الأهلية، المُنتظَر أن تستعرّ في العراق، داخل الحدود، كما حصل في العام 2006 يوم انفجرت الحرب الأهلية عقب تفجير مرقد الإمامين العسكريَين في سامراء. فيومها لم يمتد فتيل الصراع السني – الشيعي إلى خارج العراق، وذلك بفعل إحكام النظام السوري قبضته على الوضع الداخلي السوري قبل ظهور «الربيع العربي»، وعدم انخراط «حزب الله» العلني في القتال في العراق على الرغم من عمله الأمني فيه، ولا سيما ضد القوات الأميركية.

على أن بروز الحراك السنّي في العراق، والذي يُلاقي الثورة السورية في جانب منه، سيؤول إلى استنهاض الشارع السنّي اللبناني من جديد على خلفية انخراط الحزب المتمادي في سوريا واحتمال توسعه إلى العراق، الأمر الذي يترك مخاوف فعلية من عودة انكشاف الساحة اللبنانية مجدداً. وهي مخاوف يجري تداولها بقوة في الأوساط الأمنية التي رفعت درجات الحيطة والحذر، وباشرت باتخاذ إجراءات أمنية إضافية.

وتكمن المخاوف الراهنة من عودة التفجيرات التي تستهدف بيئة «حزب الله» عبر عمليات انتحارية وسيارات مفخخة، وهي ما استدعت الحزب إلى التشدّد مجدداً في إجراءاته الأمنية خلال الأيام الماضية في مناطق نفوذه. كما تتوجه الأنظار مجدداً إلى جرود عرسال انطلاقاً من قرار «حزب الله» والنظام السوري العمل على إحكام قبضته على المناطق الحدودية التي لا تزال خارج سيطرته في القلمون، والتي ينفذ منها مقاتلو المعارضة لشن عمليات ضد الحزب وقوات الأسد. ومردّ الخوف ينطلق هنا من احتمال تدفق مزيد من المقاتلين إلى جرود عرسال، بما يسهم في مرحلة لاحقة من تسللهم إلى الداخل اللبناني للقيام بعمليات أمنية.

والجديد الذي يُقلق المشهد اللبناني يتمثل في المعلومات والتقارير التي وصلت إلى غير جهة سياسية عن  التحضير للقيام بعمليات اغتيال سياسية تعيد إلى الأذهان عمليات الاغتيال السياسي التي شهدها لبنان مع اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري وما تلاها من عمليات اغتيال طالت قوى الرابع عشر من آذار، علماً أن ثمة مخاوف فعلية من اغتيالات تستهدف هذه المرة شخصيات سياسية تترك ارتدادت مذهبية وطائفية، بحيث تنفلت الساحة الداخلية بما لا يمكن التنبؤ بنتائجها، ومدى الآثار التي ستترتب على هذا الانفلات الأمني وسط  فراغ  في سدّة الرئاسة  الأولى، وتعطيل وشلل في عمل السلطتين الإجرائية والتشريعية، الأمر الذي يكشف الأجهزة الأمنية ويجعلها من دون غطاء سياسي يوفر لها الإمكانات والقدرة على حماية البلاد والعباد.