IMLebanon

زعماء الموارنة يُحرِقون موقع رئاسة الجمهورية بأيديهم!

 

 

وهكذا يفضِّل زعماء الموارنة تصفية موقع الرئاسة على أن يتنازل أحدهم للآخر. أساساً هذا تراثهم، فعلامَ يتباكَون وقد جيَّروا للآخرين أن يجعلوا من الرئاسة والجمهورية مادةً للتسلية… تمهيداً للتسوية، مرَّة أخرى؟

 

تبدو جلسة «الإنتخاب» اليوم كأنّها حجرٌ على قبر الديموقراطية، وحجرٌ على صدر رئاسة الجمهورية، وحجرٌ في نافذة الرجاء لاستعادة الدور المسيحي الشريك لا التابع.

وأسوأ ما في «الجلسة» هو التسليم بأنّها «بروفا»، أو وسيلة لإسكات بكركي والمطالبين بإحياء الديموقراطية. فالجميع يعرفون أنّهم في مسرحية يتشاركون فصولها، بدأت في منتصف المهلة الدستورية، ونصفُها الثاني لن يكون أفضل من نصفها الأوّل.

والأرجح أنّها مسرحية من نوع الدمى المتحركة، حيث الأبطال تُحرِّكهم خيوطٌ يديرُها الجالسون في الكواليس… ومع ذلك، تقتنع الدمى بدورها راضيةً مَرْضيَّة!

في المعيارين المسيحي والوطني، إذا كان زعماء الموارنة يريدون فعلاً إحياء دور «المسيحي الشريك»، الذي قتله الطائف والقيّمون على تنفيذه أو المانعون تنفيذَه، فعليهم أن يدركوا الآتي:

إنّ النائبين ميشال عون وسليمان فرنجية هما أفضل لـ«القوات اللبنانية» ومسيحيّي 14 آذار من أيّ مرشّح «رمادي» تتمُّ تخبئته ليُفرَض على الجميع.

إنّ الرئيس أمين الجميّل والدكتور سمير جعجع هما أيضاً أفضل لـ»التيار الوطني الحرّ» ومسيحيّي 8 آذار من هذا المرشّح «الرمادي».

إنّ توافق مسيحيّي 8 و 14 آذار على مرشّح يمتلك العقل الكبير والتجرُّد والأخلاق، من أحد الفريقين أو خارجهما، يبقى أفضل من ترك المهمة لمساومات خارجية ـ داخلية تُسخِّف الرئاسة، وتجعلها سلعةً للبيع والشراء أو الإبتزاز.

والتجربة في قانون الإنتخاب تُثبت هذه القواعد. فلو اجتمع زعماء المسيحيّين على قانون واحد في ربيع 2013، سواءٌ «الأرثوذكسي» أو الدوائر الـ51 أو النسبي – الأكثري، لما كانت النهاية المعيبة للاستحقاق النيابي، أي تطيير الانتخابات إلى أجَل غير منظور.

فالنوّاب المسيحيّون ما زالوا 64، أي نصف المجلس النيابي شكلاً، لكنّهم في المضمون بعدد أصابع اليدين! وأمّا الشيعة فيتحكَّمون بمواقعهم في السلطة تماماً بـ27 نائباً فقط، والسنَّة قادرون على رفض التسويات مع الشيعة أو فرضها بـ27 نائباً أيضاً، والدروز «بيضة القبّان» بـ8 نوّاب فقط.

لكلٍّ عناصر قوّته الخارجية والداخلية، السياسية أو الدستورية أو السلاح، إلّا المسيحيّون الذين لا دعمَ خارجيّاً لهم، ولا قوّة داخلية بعد تذويب نقاط قوَّتهم بـ»الأسيد المذهبي» والمماحكات الصغيرة! وكان يمكن للمسيحيّين أن يستفيدوا من دورهم الجامع في الصراع المذهبي بدل الذوبان فيه، ومن طاقاتهم الفعلية في المجتمع، ومن مواقعهم المكرَّسة دستورياً.

سيناريو قانون الانتخابات النيابية يتكرّر اليوم في الرئاسة: يتصارع المسيحيّون. يسكت حلفاء جعجع طويلاً قبل أن يقولوا كلمتهم. وأمّا حلفاء عون فيُظهرون شغفَهم بإيصاله إلى بعبدا… لكنّهم يناورون.

هكذا فعلَ الرئيس سعد الحريري، في الربيع الفائت، قبل أن يعلن مشروعه للانتخابات النيابية. وأمّا «حزب الله» فبدا وكأنّه أصبح داعماً للفدرالية «الأرثوذكسية». وما هي سوى أسابيع حتى تمّ إخراج المسرحية بإسكات الجميع والتمديد… رغماً عن الرافضين!

اليوم خطوة أولى في عملية إحراق المرشّحين الأقطاب جميعاً، وتُستكمل في جلسات الوقت المستقطع بين سلسلة الرتب والرواتب وقانون الإيجارات والملفّات الإجتماعية المنفوخة… وجلسات الحوار المدروسة. وقبل 25 أيار، سيكون الفراغ هو المنتصر… إلّا إذا نجحَ التمديد. وفي الفراغ الذي لا يُعرف مداه، سيتقدَّم رئيس اللالون واللاطعم واللارائحة، إلّا إذا نجح التجديد.

لذلك، يتعب زعماء الموارنة كثيراً في حملاتهم الإنتخابية الصاخبة، المعلنة والمخبّأة، فيما احتمالات بلوغهم القصر متساوية… عند الصفر. ويجدر أوّلاً أن يبحثوا عن الطريقة التي تعيد بعبدا إلى بعبدا، أي: كيف يكون للنوّاب المسيحيين الـ64 فاعلية الـ64 التي أقرّها الدستور والميثاق؟
فهل يفكِّر زعماء الموارنة يوماً في إصلاح الكرسي المخلَّع بدل التهافت للجلوس عليه؟