IMLebanon

سكّان لبنان في 2015: 7 ملايين… سوري!

سكّان لبنان في 2015: 7 ملايين… سوري! هذا العنوان يتداوله البعض من باب المبالغة الساخرة، للدلالة على ظاهرتين: التزايد الخطِر للّاجئين السوريّين إلى لبنان، والتزايد الخطِر للنقمة السياسية والأمنية والإجتماعية، ما «يُهَشِّل» اللبنانيّين من بلدهم. إنّها مبالغة في الأرقام، للتعبير عن واقعية في المعادلات!

يتساءل البعض: هل يدرك كثير من اللاعبين في لبنان، وكلاء اللاعبين في الشرق الأوسط والعالم، أنّ لبنان معرَّض للسقوط الكياني بالضربة القاضية؟ وهل هؤلاء يسكتون أو ينخرطون في اللعبة لعجزهم عن مواجهتها أم للتواطؤ؟

فعلى خطورة الأرقام والمعطيات والتحليلات في ملف اللاجئين السوريين، وإعلان رئيس الجمهورية أنّ الملف يشكِّل «خطراً وجوديّاً» على لبنان، فإنّ أحداً لم يتوقّف عند عبارة «وجودي». وكأنّ البعض يلعب ورقة «وجود» لبنان، تحت الطاولة لا فوقها.

عودةً إلى الأرقام: تقول مفوّضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة إنّ اللاجئين السوريين على وشك أن يصبحوا أكبر كتلة لاجئة في العالم، متفوّقين على الكتلة الأفغانية اللاجئة. وبحسب الإحصاءات الأممية، فإنّ 40% من السكّان هجروا أماكن إقامتهم أو هم حاليّاً في صدد الهجرة، أي 9 ملايين من أصل 22.5 مليوناً. وثلث هؤلاء تقريباً نزحوا إلى الداخل السوري، وأمّا الآخرون فغادروا إلى البلدان المجاورة.

ووفقاً للمفوّضية، يضمّ لبنان أكبر عدد من اللاجئين في التاريخ المعاصر، مقارنةً بعدد سكّانه (20%). لكنّ الوزارات والجهات المختصّة في لبنان تؤكّد أنّ النسبة الحقيقية تفوق الـ35% (1.4 مليون من أصل 4 ملايين)، والبعض يعتقد أنّ النسبة ربّما تصل إلى 40% أو حتى 50% لأنّ غالبية اللاجئين دخلوا من معابر غير شرعية ويقيمون مع عائلاتهم، من دون تسجيل، في وضعية ملتبسة ما بين العامل واللاجئ، وفي وُرش البناء والبساتين والمصانع.

والمثير قول المفوّضية: إنّ نسبة 20% من السكّان في لبنان، شبيهة بوجود 19 مليون لاجئ في ألمانيا أو 73 مليوناً في الولايات المتحدة. وأمّا إذا كانت النسبة في لبنان 40%، فسيشبه ذلك وجود 38 مليون لاجئ في ألمانيا، و146 مليوناً في الولايات المتحدة! فهل تستمرُّ أيّ دولة إذا تعرَّضت لإجتياح مماثل، ولو كانت عظمى؟ وكيف يكون الأمر في «شبه بلدٍ» كلبنان؟

لكنّ لبنان لا يحتضن اللاجئين السوريين فحسب، بل أيضاً قرابة 600 ألف لاجئ فلسطيني. فيكون فيه حاليّاً أكثر من مليوني لاجئ، مقابل أربعة ملايين لبناني. وإذ تتوقّع المؤسسات الدولية دخول مليون سوري حتى نهاية 2015، فذلك سيجعل السوريين وحدهم نحو 2.4 مليون نسمة، ومعهم 600 ألف فلسطيني، أي ثلاثة ملايين لاجئ مقابل أربعة ملايين لبناني.

وإذا استمرّ النزاع في سوريا لسنوات أخرى، وفق ما يتوقّع خبراء كُثُر، فأعداد اللاجئين ستتدفّق أيضاً لأعوام أخرى، والأرجح أنّ العجز اللبناني سيستمرّ كما في السنوات الثلاث السابقة. وكان سهلاً جدّاً ضبط اللجوء وتنظيمه لولا فوضى الدخول عبر الحدود، التي يعتبرها كثيرون مقصودة لإيصال الكيان اللبناني إلى الإنهيار… سعياً إلى تنفيذ مؤامرة خطرة عليه وعلى سوريا وأهلها، وفلسطين وأهلها، وتلتقي مع ما يجري على البقعة الشرق أوسطية بكاملها، حيث تتساقط الأنظمة والكيانات والحدود ضمن مسارٍ ستتّضح أهدافه تدريجاً.

وهناك تساؤلات عن المغزى من زيادة الاحتقان والنقمة السياسية والأمنية والإجتماعية، في بلدٍ يُدفَع أهله إلى اليأس والهجرة، ويملأ الفراغ لاجئون يحتلون أماكن عملهم وإقامتهم ومواردهم ومدارسهم وجامعاتهم. ولذلك يبدو معبِّراً القول «إنّ عدد سكّان لبنان في 2015 هو 7 ملايين… سوري»!، وإن تكن فيه مبالغة ساخرة. فماذا ينتظر المسؤولون للتصدّي لهذا الخطر… ما داموا يعرفون أنّه «وجوديّ»؟

إذا استمرَّ هؤلاء في الاستعطاء والمتاجرة بالملف استدراراً لشيكات تصل من الدول المانحة، ولا تُعرف طريقة صرفها، فإنّ الثمن الذي سيدفعه لبنان هو وجوده. وعندذاك، كيف السبيل إلى مساءلة طبقة سياسية ستكون قد غسلت أيديها «من دم هذا الصِدّيق»، و»لجأت» إلى بلدان الرفاهية، لتتنعَّم بمال اللاجئين السوريين… واللبنانيين؟