IMLebanon

سلام: لبنان يحتاج للتوافق لا للرئيس ـ التحدي

«هذا ما سمعتُهُ من السفراء عن الاستحقاق»

سلام: لبنان يحتاج للتوافق لا للرئيس ـ التحدي

يتعامل رئيس الحكومة تمام سلام بأعصاب باردة مع الملفات الساخنة التي تواجه حكومته منذ تشكيلها، وهو نجح عبر أسلوب «السهل الممتنع» ـ الذي يتفادى الاستعراض في الأداء السياسي والإعلامي ـ في تحقيق اختراقات على أكثر من خط، لا سيما لناحية الوضع الأمني والتعيينات الادارية.

لكن ما لم يكن في حسبان سلام هو أن تنفجر «قنبلة» سلسلة الرتب والرواتب «الموروثة» في عهد حكومته التي ستصحو بدءاً من اليوم على إضراب في القطاع العام، يستمرّ حتى الاربعاء المقبل.

ويقول سلام لـ«السفير» إن «الإضراب في القطاع العام سيؤثر سلباً على دوران عجلة الدولة، في وقت نبذل أقصى الجهود للنهوض بالبلد»، معتبراً أن «خطوة الإضراب لا تريح ولا تنسجم مع توجهنا لإعادة ترميم الثقة الداخلية والخارجية في الدولة».

ويلفت سلام الانتباه الى انه يعمل بكل طاقته، وإن يكن من دون ضجيج وصخب في كثير من الاحيان، لتحسين إنتاجية الدولة وتسيير شؤونها، مشدداً على ضرورة الاستفادة من فرصة التوافق التي صنعت حكومته لتحقيق أكبر قدر ممكن من الإنجازات، «علماً أنني لا أمنّن أحداً بما نقوم به، لأن ما نفعله هو واجبنا».

ويشير رئيس الحكومة إلى أن الاستحقاق الرئاسي هو من بين الاولويات التي يجب ان تحظى بالرعاية والعناية من الجميع، لان الإخفاق في إتمام هذا الاستحقاق وانتخاب رئيس جديد للجمهورية ضمن المهلة الدستورية، سيترك انعكاسات سلبية على البلد، من مختلف الجوانب، مشدداً على ان القوى السياسية معنية جميعها، بإيصال هذا الاستحقاق الى بر الأمان، وعليها ان تتحمّل مسؤولياتها الوطنية على هذا الصعيد.

ويتساءل سلام: كيف يمكن لنا أن نملأ الشغور في السلطة التنفيذية من خلال تشكيل الحكومة، والشغور في الامن من خلال خطط أمنية حازمة، والشغور في الإدارة من خلال تعيينات في مراكز الفئة الأولى، ثم نترك المركز الاول في الدولة شاغراً؟ أين المنطق والحكمة في ذلك؟

ويرى سلام أنه يجب عدم التفريط بالتوافق الذي أتاح حتى الآن إنجاز أمور كثيرة، كانت تبدو مستحيلة او صعبة، حتى الامس القريب، داعياً الى توظيف زخم هذا التوافق لانتخاب رئيس الجمهورية والحؤول دون العودة الى الوراء، لان الشغور الرئاسي سيكون بمثابة القيادة في عكس السير، وسيعيد تسميم المناخ العام، بعد الانفراج الذي طرأ عليه.

ويعتبر سلام أن مَن نجح في تشكيل حكومة من 24 وزيراً، برغم حساسيات الأحجام والحقائب والتوازنات والاسماء، يجب ألا يقف عاجزاً امام منصب واحد، لا يواجه من حيث المبدأ التعقيدات المحيطة بعملية تأليف الحكومة.

ويرفض سلام التسليم بمقولة ان الحكومة تشكلت أصلاً بهذا التوازن الدقيق لتملأ الشغور الرئاسي، مؤكداً انه لم تكن هذه هي النية من تأليفها، وإنما وضع لبنان على السكة الصحيحة، لافتاً الانتباه الى انه لا ينبغي الآن تنفيس قوة الدفع التي أفرزتها هذه الحكومة وسمحت لها بالمضي في الخطط الأمنية والتعيينات الادارية، بل يجب الاستفادة منها للتعامل مع الاستحقاقات المقبلة، وفي طليعتها الاستحقاق الرئاسي.

ويضيف سلام: لقد تحمّلنا مسؤولياتنا، واتخذنا قرارات صعبة وجريئة، تحت مظلة قرار سياسي كبير، يُفترض ان يظل ساري المفعول.

ويشدّد سلام على أن حكومته جاءت نتاج صناعة وطنية، من دون التنكر لحقيقة أنها وُلدت في ظل مناخ خارجي مؤاتٍ، «وأنا أعتقد بناء على لقاءاتي مع السفراء وموفدي الدول أن هذا المناخ لا يزال قائماً وهو مؤاتٍ لانتخاب رئيس للجمهورية بإرادة وطنية، وينبغي أن نستفيد منه»، موضحاً ان خلاصة ما سمعه من زواره الديبلوماسيين تتمحور حول المعادلة الآتية: دبّروا أموركم بأنفسكم..

ويبدي سلام خشيته من أن يترك عدم التوافق على رئاسة الجمهورية تداعيات سلبية تتعدّى حدود الملف الرئاسي الى ما هو أوسع منه، قائلاً: لا أعلم في هذه الحال كم سيصمد التوافق داخل الحكومة، وكم سيحتمل البلد وطأة الشغور؟ ويتابع: من هنا، أحرص على التعامل بواقعية شديدة مع احتمال تولي الحكومة إدارة مرحلة ما بعد الفراغ، ومثل هذا السيناريو لا يدغدغ مشاعري بتاتاً، بل يجعلني أتحسّس بخطورة الوضع.

ويرى سلام أنه لا توجد قطبة مخفية خلف الفشل المتكرر في انتخاب الرئيس منذ 25 آذار الماضي، مشيراً الى ان أي قطبة من هذا النوع هي مصطنعة والهدف من التلطي خلفها تبرير عدم إجراء الانتخابات الرئاسية، في حين أن التأخير يعود إلى اعتبارات تتعلق بحسابات هذا الفريق او ذاك.

ويؤكد سلام ان التوافق الوطني هو ممر إلزامي لإنجاز الاستحقاق الرئاسي، رافضاً وجهة النظر القائلة بأن الرئيس التوافقي هو ضعيف حكماً، بل هو حاجة وضرورة لتحصين البلد والتوفيق بين تناقضاته. ويتساءل: هل الرئيس ـ التحدي، أو الذي يعكس غلبة فريق على آخر أو الذي يُحسَب على فريق من دون الآخر، هو أفضل؟ بالتأكيد، ليس هذا ما يحتاج إليه لبنان في هذه الظروف الصعبة.