IMLebanon

سلام لـ«الجمهورية»: لردم الفجوة بين «النأي بالنفس» والواقع

تميّزَ يوم أمس بإطلالتين: الأولى للأمين العام لـ»حزب الله» السيّد حسن نصر الله، خصَّصها لدعم غزّة وتأكيده أنّ الحزب «لن يبخل بأيّ شكلٍ من أشكال الدعم التي يستطيع القيام بها ويقدِر عليها، كما سيقوم بكلّ ما يجب أن يقوم به». والإطلالة الثانية لرئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع الذي قال: «كما تحرّرنا من الزنزانة الصغيرة، سوف ننعتق من الزنزانة الكبيرة، فالزنزانة اليوم بالنسبة لنا ذكرى، ولكن غداً سوف تكون لهم عبرة». وفي موازاة الهوّة السياسية التي تظهّرت في مواقف الرجلين لجهة اختلاف الأولويات والأهداف بين مشروعَي 8 و14 آذار، كلّ المؤشّرات تفيد أنّ قطار التمديد سينطلق بعد عيد الفطر، خصوصاً في ظلّ اقتراب المُهل الدستورية المتصلة بالانتخابات النيابية، وحِرص القوى السياسية على عدم الوصول إلى الفراغ. وفي معلومات خاصة لـ»الجمهورية» أنّ من أسباب الحلحلة التي شهدتها ملفّات عدّة هذا الأسبوع، إنْ على المستوى الأمني بإلغاء وثائق الاتصال أو عبر صرف الرواتب أو ملف الجامعة اللبنانية، إقفالَ القضايا الإشكالية، بغيةَ التفرّغ لقضية التمديد للمجلس النيابي، كما التمهيد لهذه الخطوة من خلال إرساء المناخات الإيجابية التي ستتوَّج في الجلسة التضامنية اليوم في المجلس النيابي مع غزّة والموصل.

على أثر الجلسة الاستثنائية لمجلس الوزراء التي أقرّ فيها جملة قضايا معيشية وجامعية وأمنية، أبدى رئيس الحكومة تمام سلام ارتياحه للنتائج التي اسفرَت عنها الجلسة الأخيرة، وقال لـ»الجمهورية»: «قرّرنا المضيَّ بتحمّل مسؤولياتنا بمقاربة الأمور المُلحّة والضرورية عبر اعتماد التوافق في اتّخاذ القرارات وعدم التصويت، ذلك على الرغم من أنّ بعض القوى لجأت في مرحلة معيّنة الى التعطيل، ولكنّ هذه الصيغة ليست عرفاً جديداً بل مقاربة جديدة واستثنائية لظرفٍ استثنائي، وإذا تعثّرت فقد يكون التصويت في مجلس الوزراء أحد الخيارات التي ستُعتمد».

وأضاف: «على القوى السياسية أن تتوافق إذا أرادت إجراء الانتخابات وفقاً لأيّ قانون تريد، وفي حال كان هناك قرارٌ بالمضيّ في الانتخابات، فالانتخابات ستجرى».

وعن الوضع الأمني، أكّد أنّ «هناك تماسكاً في الوضع الأمني، ونأمل أن يترسّخ من خلال متابعة حثيثة ومن خلال وضع حدّ لبعض الظواهر الشاذة، ومن أبرزها عمليات الخطف في البقاع الشمالي، والذي يشكّل تحدّياً للخطة الأمنية إذا لم تتمّ معالجته جذريّاً، وهذا يتمّ من خلال استمرار التنسيق بين المرجعية السياسية والقوى الأمنية والعسكرية، التي قامت بدورها لوضع حدّ لكلّ خَلل أمنيّ».

وعن قتال حزب الله في سوريا وتأثيراته، ذكرَ بأنّ الحكومة «أقرّت بكلّ مكوّناتها في بيانها الوزاري مبدأ النأي بالنفس عمّا يحصل في سوريا، وهذا لا يمنع أنّ هناك فجوةً بين الموقف والواقع، وهذه الفجوة يجب ردمُها».

وفي سياق آخر تابعَ سلام التطورات المتعلقة بحادث سقوط الطائرة الجزائرية في مالي، وأجرى اتصالاً برئيس مجلس النواب نبيه برّي لتعزيته بضحايا الكارثة، الذين سوف يعلَن الحداد الوطني عليهم يومَ وصول جثامينهم الى لبنان، واستقبلَ سفير المملكة العربية السعودية علي عواض عسيري، وتمّ عرض الاوضاع والتطورات في لبنان والمنطقة.

نصر الله

وفي هذه الأجواء، فاجأ الأمين العام لـ»حزب الله» السيّد حسن نصر الله بمشاركته شخصياً في مهرجان يوم القدس والتضامن مع غزة بين الحضور في مجمّع سيّد الشهداء – الضاحية الجنوبية، بعد آخر إطلالة علنية له في تشرين الثاني من العام الفائت خلال إحياء مراسم عاشوراء، والتي أعلن خلالها بقاءَ مقاتلي الحزب في سوريا.

وخصّص نصر الله كلامه للحديث عن القدس والأوضاع في المنطقة، من دون أن يلامسَ الملفات الداخلية. وقال: «نحن كمسلمين من واجبنا اليوم أن نعلن إدانتَنا لما يتعرّض له المسيحيون والمسلمون في العراق، هذا المشهد من تدمير الكنائس ومراقد الأنبياء والجوامع، أخشى أن يجهّز النفوس من أجل تدمير المسجد الأقصى، هناك خشية من أن يصبح ذلك أمراً عادياً بالنسبة لتدمير الكنائس والمساجد».

ودعا نصر الله الى وضع كلّ الحساسيات والخلافات والاختلافات حول القضايا الأخرى جانباً، لنقاربَ جميعاً ما يحصل في غزة كمسألة شعب ومقاومة وقضية عادلة لا اختلاط فيها بين حقّ وباطل، ودعا إلى الدعم المالي والسياسي والمعنوي وصولاً الى العسكري، وأعلن انّ «حزب الله» لن يبخل بأيّ شكل من اشكال الدعم للمقاومة الفلسطينية، وأنّه سيقوم بكلّ ما يجب أن يقوم به».

موفد إيراني في بيروت

وفي هذه الأجواء، كشفَت مصادر ديبلوماسية إيرانية في بيروت أنّ موفداً إيرانياً سيصل الى لبنان اليوم، هو نائب وزير الخارجية الإيراني للشوؤن العربية أمير عبد اللهيان.

وفي المعلومات انّ الموفد يحمل الى كلٍّ من رئيسي مجلس النواب والحكومة نبيه برّي وتمّام سلام ووزير الخارجية جبران باسيل رسالةً إيرانية تتناول مختلف التطورات في لبنان والمنطقة، ولا سيّما الوضع الناشىء في العراق بعد سوريا.

وقالت المصادر إنّ الموفد الإيراني يسعى الى تصحيح الصورة التي انطبعَت في أذهان المسؤولين في العالم العربي، وهي أنّ طهران تتمسك برئيس الحكومة العراقية نوري المالكي أياً تكن الأسباب والظروف التي آلت إليها التطورات في العراق.

وسيؤكّد بأنّ طهران لن تتدخّل في التفاهمات العراقية الجديدة التي بدأت تسلك طريقها الى الحلّ بانتخاب رئيس جديد للجمهورية وبعده رئيس مجلس النواب، وأنّ العملية الحكومية رهن التفاهمات العراقية الداخلية، وهي – أي طهران – كانت وما زالت مع التوافق العراقي، فليس للغة العسكرية خريطة طريق الى السلام العراقي.

وسيُدين المسؤول الإيراني ما يلحق بالأقليات العراقية، ولا سيّما المسيحيين منهم. وقالت المصادر إنّ الموفد الإيراني سيبقى في بيروت حتى الأحد المقبل، على ان يغادرها إلى العراق وربّما إلى دمشق.

جعجع

وتحدّث رئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع في حفل افتتاح مجسّم الزنزانة التي سُجن فيها 11 عاماً تحت عنوان «زنزانة الحكيم، ذاكرة الحرية»، فقال: «الآن باتت الزنزانة الصغيرة وراءنا مجرّد ذكرى للعبرة، ولكنّ المشكلة في الوقت الراهن هي في الزنزانة الكبيرة التي نعيشها اليوم في لبنان، وفي الحبس الكبير الذي يعاني منه الشرق بأكمله والذي كان يعيشُ ظروفاً اصطناعية مفروضة عليه بقوّة الأنظمة، ولكن اليوم بدأ يكتب تاريخه الحقيقي، إنّما للأسف بأغلى ثمن ممكن، وبأسوأ طريقة ممكنة.»

وأضاف: «الزنزانة الكبيرة في لبنان، لم نكن نحن أصلاً في داخلها حتّى في عزّ أيّام الحرب، ولكن في السنوات الخمس والعشرين الأخيرة يحاولون إدخالنا إليها، وأكّد أنّ «أسوأَ ما في هذه الزنزانة أنّ «الطاسة ضايعة فيا»: الحكومة حكومات، السلطة متواجدة في المكان الذي تريده، وغائبة في الأماكن التي لا تريدها، وأبواب الزنزانة مخلّعة، حدودُها سائبة، وليس لها رئيس…»، سائلاً : «لماذا لا رئيس لها؟ الجواب: للحفاظ على حقوق المسيحيين!»

وتابع: «غاب عن بال السجّانين أنّه مرّ علينا إمبراطوريّات كبيرة وسلطنات كثيرة، ودوَلٌ، وولاة، وطغاة، وكلّهم غادروا وبقينا نحن»، وذكّر أنّ «مئات المرّات في تاريخنا كسَّرنا الزنزانة وخرجنا منها، وهذه المرّة من جديد، سوف نحطّم الزنزانة ونخرج منها».

فتّوش

وفي ظلّ اقتراب المهَل الدستورية المتصلة بالانتخابات النيابية، ومن بينها تشكيل الهيئة الوطنية للإشراف على الانتخابات، كما تنامي الحديث عن التمديد، قال النائب نقولا فتوش إنّه يترقّب الظروف التي تبرّر التمديد لمجلس النوّاب كي يتقدّم باقتراح قانون للتمديد، واعتبرَ أنّ الذين يتكلّمون عن معارضة التمديد، يريدونه لكنّهم لا يجرأون.

وقال فتوش لـ»الجمهورية»: «أنا أوّلاً ضد التمديد لأنّ الدستور يمنع التمديد، إنّما المبادئ القانونية والنظام العام وسلامة الشعب تسمو على القانون، بمعنى أنّه إذا كانت هناك ظروف استثنائية، عندها تتولّد شرعية استثنائية ويحقّ للمجلس ان يمدّد، وقراره قانوني وشرعي.

أضاف: «نحن لا نمدّد لمصلحة أشخاص ولا لمصلحة النواب، التمديد بظروف استثنائية هو الدفاع المشروع المعطى للدولة للمحافظة على النظام العام وعلى سلامة الشعب وبقاء الدولة. وسأل: هل يا ترى أحكام القانون تفرض التواصل بين المرشّح والناخبين؟ فهل في الإمكان أن يتمّ تواصلُ أناسٍ مع آخرين؟

ونبَّه فتّوش الى أنّه إذا حلّ تاريخ 20 تشرين الثاني ولم يحصل التمديد، يذهب النواب الى منازلهم، لأنّ المجلس منتخَب والوكالة محدّدة بمدّة، ولا يمكن إحياء هذه المدة إلّا بقانون يمدّدها. فإذا حلّ هذا التاريخ ولم تحصل الانتخابات وانتهَت ولاية المجلس فماذا نكون فعلنا؟

نكون قد أرسلنا البلد إلى الفراغ. وعن مدّة ولاية التمديد قال فتوش: «عندما طرحت أوّل مشروع تمديد طرحته لثلاث سنوات أو سنتين، ولكن للأسف بدأت المزايدات. المجلس هو سيّد نفسه، في الظروف الاستثنائية نمدّد الولاية الى الحدّ الأقصى، أي سنتين و7 أشهر.

أبو فاعور

وفي السياق، قال وزير الصحة وائل أبو فاعور: «إنّه لا يبدو في الأفق أنّ هناك انتخابات نيابية، وبصراحة يتكلمون في العَلن عن التمسّك بإجرائها، فيما الكلام الضمني هو حول كيفية التمديد ومدّته، وهذا هو النقاش المضمَر الذي يجري، وإن كان لا يجاهر به أحد».

وأشار ابو فاعور من جهة ثانية الى أنّ الحوار الذي يجري بين الرئيس فؤاد السنيورة و»المستقبل» مع رئيس مجلس النواب نبيه برّي، وما يقوم به النائب وليد جنبلاط لتسهيل هذا الحوار، بدأ يعطي ثماره بالاتفاق حول الجلسة الحكومية وإخراج موضوع الإنفاق».

وقال: «خلافاً لما أشاعه البعض عن فشل الحوار، فإنّ الحوار بين الرئيس بري والمستقبل يعطي ثمارَه، ونأمل في تطويره لناحية الموضوعات التي ستُطرح ومشاركة الأفرقاء فيه، لأنّه المدخَل الوحيد لكلّ القضايا الخلافية، وفي مقدّمتها رئاسة الجمهورية».

الأساتذة والعمَداء والطلّاب

وبعد النهاية السعيدة التي شهدَها ملف الجامعة اللبنانية، أعلنَ وزير التربية الياس بو صعب خلال لقاء عقدَه مع لجنة الأساتذة المتعاقدين في الجامعة أنّ الأساتذة الذين تمّ تفريغهم لن تُنشَر أسماؤهم في الإعلام، بل سنرسلها إلى الجامعة التي ترسلها بدورها إلى الكليات، وعلى الأساتذة مراجعة كلّياتهم».

إجتماع مع العمَداء

وعشيّة اجتماعه بالعمَداء الجُدد الحادية عشرة قبل ظهر اليوم، وجّه بو صعب رسالة واضحة رفضَ فيها» أن يُحسَب العميد على أيّ حزب أو جهة سياسية، فهُم أكاديميون يعملون لكلّ لبنان، ومن يعمل لأيّ جهة سياسية يكن مغرّداً خارج السرب». وأشار إلى أنّ هناك 90% من العمداء كانوا سابقاً في الجامعة، ومنهم كانوا مديرين، والجديد الوحيد هو الدكتور جاسم عجاقة، وهو يشكّل إضافة جديدة من خلال كفاءته».

وفي موضوع سلسلة الرتب والرواتب أملَ بو صعب في أن يحصل حديث حولها على هامش جلسة مجلس النواب التي تُعقد اليوم تضامُناً مع غزّة والموصل، لحلّ هذه المسألة في أسرع وقت، مُطمئناً طلّاب الشهادات الرسمية في المدارس بالعمل بعد العيد لحلّ موضوع السلسلة، وإنّه سيلتقي هيئة التنسيق النقابية «وسنضغط معاً لإنجاز السلسلة».

«التنسيق»

في هذا الوقت، أعلنَت هيئة التنسيق النقابية الاستمرار في مقاطعة أسُس التصحيح والتصحيح للامتحانات الرسمية حتى إقرار الحقوق في سلسلة الرتب والرواتب، وحمّلت مسؤولية النتائج السلبية الناتجة عن المقاطعة، للنوّاب الذين يتسبّبون بالفراغ وتعطيل المؤسسات الدستورية.

وأشارت الى أنّه سينفَّذ إضراب عام في الوزارات والإدارات العامّة يوم الأربعاء 6 آب، واعتصام مركزيّ الحادية عشرة قبل الظهر في ساحة رياض الصلح، يشارك فيه الأساتذة والمعلمون والموظفون والمتعاقدون والمتقاعدون والأجَراء والمياومون والطلاب والأهالي، مع التفويض بتنفيذ الخطوة عينها في حال انعقاد جلسة نيابية قبل تاريخ 6 آب المقبل.

الجيش يتصدّى لطائرة سوريّة

أمنياً، أفيدَ مساء امس أنّ الجيش اللبناني تصدّى بالمضادات الأرضية لطائرة سورية حلّقت فوق الأراضي اللبنانية في جرود عرسال، وتحديداً فوق مواقعه المنتشرة في المنطقة، بعدما أغارت على تجمّعات لمسلحين كانوا في إشتباك مع وحدات من «حزب الله» في منطقة تقع ما بين وادي الزمراني ومنطقتي عجرم والرهوة في جرود عرسال.

وقالت مصادر أمنية إنّ وحدات الجيش كانت في حال استنفار قصوى في أعقاب الهجوم الذي شنّته مجموعات مسلّحة فجر امس الجمعة، تنتشر في المنطقة الجردية، في محاولة على ما يبدو للتسلل الى الأراضي اللبنانية المتاخمة لبلدة عرسال لجهة الشمال. وليلاً أفيدَ عن نقل عدد من الجرحى السوريين إلى المستشفى الميداني في بلدة عرسال كما أفيد أنّ إصابات بعضهم خطرة.