IMLebanon

غزّة و«سقطة» الإعلام المصري!  

ما تداولته المواقع الالكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي من مقاطع للقاءات مع شخصيات مصريّة كـ»الدكتورة لميس جابر» ـ على سبيل المثال لا الحصرـ أو على لسان إعلاميين مصريين على محطات يُفترض أنها موضوعيّة ومتزنة، أثار موجة استياء عارمة في أنحاء العالم العربي، فما لا يقبله عقل «إنسان»، هو مشهد هذه الجثث للمدنيين الفلسطينيين من نساء وأطفال منتشرة في شوارع حيّ الشجاعيّة في مجزرة «مروّعة» ارتكبها الجيش الإسرائيلي والتي هزّت الرأي العام العالمي، لم تحرّك ذرّة في مشاعر الإعلاميين المصريين فواصلوا شنّ حملة عاتيَة، أقل ما يُقال فيها أنها «مخزية» بحق مصر الدولة التي تبذل قصارى جهدها منذ اليوم الأول لاندلاع الحرب على غزّة في السعي لوقف إطلاق النار تمهيداً للتوصّل إلى تسوية جديدة بين إسرائيل وحماس…

والمؤسف؛ أن الحملة الإعلامية المصرية لها مبرراتها فهي تأتي في وجه الهجوم «الإخواني» الذي شنّه الكذّاب رجب طيّب أردوغان، وقد سبق واكتشف العرب والمسلمون وجهه الحقيقي خلال أحداث الثورة السورية، على مصر ورئيسها، ولكن؟ ما ذنب الشعب الفلسطيني الذي يموت بالعشرات تحت ركام منازله؟ وأي منطق وعقل يقبل أن يخرج «إعلاميّو» مصر ليؤيدوا الجيش الإسرائيلي ويشدوا من عزيمته ويصفقوا لقتل الشعب الفلسطيني؟!

هذه ليست مصر التي نعرفها، وليست مصر التي انتظرنا أنها عادت لممارسة دورها على مستوى العالم العربي، مع ضرورة الإشارة إلى أنّ موقفنا من حماس والإخوان المسلمين عموماً أشدّ قسوة ربما من موقف الإعلاميين المصريين، ولكن هناك خيطٌ فاصل بين الموقف السياسي وبين العنصريّة!!

لا نستطيع أن نصدق أن مشهد هؤلاء الأطفال الذي أحرج العدو الإسرائيلي نفسه، لم يحرّك مشاعر الإعلامي المصري وهو المواطن العربي السبّاق والمضحي في نصرة فلسطين وأهلها، بمعزلٍ عن الخلاف السياسي، ثمّ ألم يُدرك الإعلامي المصري أنه وجه مصر وسياستها ورئيسها؟ ومثلما وقفنا تماماً ضدّ سفاهة موقف «الموتور» عمرو أديب، نقف ضدّ كلّ التحريض الإعلامي المصري ضد فلسطينيي غزّة!!

من غير المقبول والمعقول أن تطلّ علينا وجوه تدعو إلى طرد الفلسطينيين من مصر ومصادرة أموالهم!!! هو منطق يفوق «وحشية» العدو الإسرائيلي، فكيف نقبله من بعض مثقفي مصر، والمؤسف أن القسم الثاني غير الموافق على هذه العنصريّة يلوذ بصمت مخيف وغير مسبوق حتى لا تناله تهمة مؤازرة الإخوان وحماس، فالاثنان فرعان لتنظيم عالمي واحد، وتنظيم إرهابي وإن حكم دولة مثل تركيا بقناع «الاعتدال والديموقراطية» الذي كشّر عن أنياب أردوغان ووجهه الحقيقي عندما شعر بأن سلطته تمسّ بتظاهرات واحتجاجات!!

ما يحدث في غزّة مخيف وخطير، وهو أبعد ما يكون عن المقاومة، بل هو يكرّس المفهوم اليهودي في فوقية الدم اليهودي على الدم الفلسطيني، فبعد سقوط ما يفوق الـ500 قتيل و3000 جريح، خرجت كتائب القسّام لتعلن أسر جندي إسرائيلي، وحتى الساعة لا مصداقيّة تؤكد ما أعلنته القسام، ولكن أرقام الضحايا لا لبس فيها، فهل تكرّس حماس بهذا فكرة أنّ الجندي الإسرائيلي يساوي آلاف الضحايا من الشعب الفلسطيني؟!!

إسرائيل تكمل في غزّة ما بدأته «داعش» وإيران والنظام السوري، وستقسّم إسرائيل القطاع، وهذا واحد من أبرز السيناريوهات الجاهزة للتنفيذ من أجل تصفية القضية الفلسطينيّة، وإلى الأبد، وحماس لها باعٌ طويل في التورّط في هذه العمليّة، وأسوأ من حماس «الفصيل الإيراني» المسمّى «الجهاد الإسلامي»، فماذا يحدث في غزة؟!

وهل تحتمل كلّ هذه الدماء المراقة في شوارع غزّة أن يلتزم العرب الصمت، تاركين الفلسطينيين لقدريْن كلاهما أسوأ من الآخر، الجيش الإسرائيلي وانفلات حماس، وشماتة الإعلام المصري!!