IMLebanon

لماذا يتجنّب «حزب الله» مواجهة «داعش» في لبنان؟

في ظل الترقّب الأمني الضاغط، يطغى سؤال كبير على عقول اللبنانيين المتابعين للتطورات الأمنية والسياسية، وهو: هل يتدخل «حزب الله» في حروب الشوارع «الداعشية» في حال حصلت فعلاً على أرض لبنان، لا سيما في طرابلس بعد التوقعات الأخيرة من أنّ أولى تحركاتها الميدانية ستنطلق من هناك؟

تعتقد أوساط مطلعة على موقف حزب الله أنه لن يتدخل في حروب «داعش» الميدانية اللبنانية في حال حصلت! في الوقت الذي يعيدنا هذا السؤال الى قرارات كبيرة سابقة كان الحزب قد اتخذها بعد تدخلاته في الحروب الماضية، إن في حرب تموز او في حربه ضد «الجيش السوري الحر» و»جبهة النصرة» في سوريا على قاعدة أنه يتدخل لصَد اجتياح تكفيري سلفي حتمي على لبنان، وها هم بالفعل أتوا ولم يردعهم رادع لتجِد الدولة نفسها أمام خيار وحيد عاجزة عن الهروب منه، وهو مجابهة هذه الحركات الأصولية وغيرها ذوداً عن الوطن.

وتشير الاوساط نفسها الى انّ «حزب الله» لن يتدخل في مواجهة «داعش» في طرابلس أو غيرها حالياً، مثلما لم يتدخل في مواجهة جماعة الأسير في عبرا، في اعتبار أنه لو فعل سيزجّ نفسه في حرب إسلامية سنية – شيعية يفضّل تجنّبها تاركاً المهمة الشائكة للدولة اللبنانية ولأجهزتها الامنية.

في المقابل تستذكر أوساط من 14 آذار قرارات قادة الحزب وتصاريحهم حين قرّر التدخّل في سوريا، وتتساءل كيف يقرر الحزب التدخل في سوريا عندما استشعر الخطر الآتي الى لبنان وهي الأبعد جغرافياً عن طرابلس، بحجّة منع الجماعات التكفيرية وأخواتها من الدخول الى طرابلس والى لبنان كله؟ وكيف يفسّر اليوم قراره في حال صدقت أقوال تلك الاوساط بأنه لن يتدخل في حروب الشوارع التي قد تشنّها «داعش» داخل لبنان؟ أوليس أمن لبنان أولى من أمن سوريا؟ أولم يكن أحد أهم الاهداف الاساسية التي تكلم عنها «حزب الله» والتي دفعته الى القتال في سوريا «حماية أمن لبنان»؟ فكيف يَقي لبنان الحروب في عقر داره اليوم وهو الذي اجتاز بالأمس أميالاً لمحاربة التكفيريين لمنعهم من الوصول الى قلب الدار؟

وفي السياق عينه، تُحذّر مصادر مطلعة في «8 آذار» من أنّ خطر «داعش» ليس على «حزب الله» فحسب، بل على كل مكوّنات الشعب اللبناني، معتبرة أن لا مصلحة للحزب بالدخول في معركة مذهبية بل أنّ الدولة اللبنانية هي من يجب أن تخوضها. وإذ تتساءل: «هل يذهب الحزب الى الشمال ليقاتل «داعش» في طرابلس؟ تستبعد ذلك، موضحة أنّ الحزب لا يستطيع الدخول في معركة مذهبية في المدينة لأنّ هذه مسؤولية الدولة اللبنانية.

وتقول المصادر نفسها لـ»الجمهورية» «إنّ «داعش» حقيقة، وانّ المنطقة دخلت في مرحلة «داعش» بعدما تنقّل الشرق الاوسط في مراحل، شهدت كل واحدة منها معادلات استراتيجية تفرض واقعاً معيّناً وتغيّر في مجريات الأحداث»، لافتة إلى نشوء دولة كردية «وهذا ما يُهدّد أمن تركيا وايران».

وترى المصادر أنّ «الجميع سيعيد النظر في سياسته وفق الواقع الجديد، ومن بينهم أميركا وتركيا وايران والسعودية»، لافتة إلى أنّ «اميركا أرسلت خبراء الى العراق لتشرف على إدارة المعركة فيه ولكن من خلال النظام والجيش العراقي، وهي تريد فرض عراق جديد، أي أن تكون في مركز القرار لكن من دون التورّط عسكرياً على الارض. وعندما تحين الفرصة يأتي دور الطيران فيتدخّل، ولكن بعد أن تكون قد ركّبت الوضع السياسي وفق ما يلائمها». وتضيف المصادر «انّ اميركا لن تقاتل كرمى لإيران بل من أجل عراق متحالف معها»، وتلاحظ أنّ «روسيا دخلت على الخط في الوقت نفسه، فأرسلت طائرات «سوخوي» الى العراق لكي لا تكون واشنطن اللاعب الوحيد فيه».

وتتابع المصادر: «أصبح هناك واقع جديد خلقته «داعش»، بعدما أنشأت دولة كردية تُهدّد تركيا وايران، وأنشأت دولة اسلامية تُهدّد أمن كل دول المنطقة بما فيها السعودية، وتُهدّد مصالح أميركا في المنطقة، والجميع سيتعاطى مع هذا الواقع الجديد، لذلك سيُعيد الجميع النظر في سياساته واستراتيجياته». وتدعو المصادر إلى «انتظار كيف ستكون التحالفات والتفاهمات في ضوء ما يحصل، فهل سنشهد تفاهماً تركياً – ايرانياً أم إيرانياً – سعودياً؟ وكيف ستتعاطى أميركا مع الموضوع»؟

وعن مدى قدرة «داعش» على الوصول الى لبنان، تقول المصادر عينها: «للأسف، عندما تدخّل البعض في لبنان في الازمة السورية ودعمَ المعارضة نَما الفكر المتطرف في سوريا، فقابله نموّ في لبنان وأصبحت هناك بؤر تحتضنه وتؤيده. وعندما نرى تظاهرات في طرابلس وعين الحلوة وأعلاماً لـ«داعش» فيهما، وهما مدينتان أساسيتان في لبنان، تكون بذلك الدولة امام تحدٍّ لتمحو أخطاءها في الماضي بسماحها بنموّ هذا الفكر على أراضيها، وذلك عبر مواجهته بعمل أمني وسياسي واقتصادي، وعليها أن ترى كيف تستوعب الشارع الطرابلسي وتعيده الى حضن الدولة وتبعده عن هذا الفكر، لأنّ لهذا الفكر قيادات ومرشدين. فعندما يُهدّد شيخ معيّن الدولة اللبنانية بأنّ ثورة السنّة آتية الى لبنان، كيف تتعاطى الدولة مع هذا الوضع»؟

وعن التخوّف من دخول «داعش» الى الضاحية، تسأل المصادر: «ما هي مصلحتها في ذلك ومن أين ستدخل اليها؟ فهي تسيطر في منطقة الرقة غرب سوريا وكل حدود لبنان في يد النظام السوري»، مضيفة: «هل تستطيع الخلايا النائمة في لبنان احتلال الضاحية؟ وهل تشكّل هذه الخلايا تهديداً أمنياً للبنان»؟ وتقر المصادر بوجود «خطر متفجرات وانتحاريين وإمكان تكرار مشهدية أحداث نهر البارد بشكل أكبر، في أماكن مختلفة في صيدا او طرابلس، وعندها علينا الاستعداد لمواجهتها عبر الدولة التي تستطيع القضاء عليها لأنّ كل مكوّنات الشعب اللبناني، بما فيها السنّة، تقف الى جانب الدولة ضد هذه الظاهرة».

أمّا كيف يتعاطى «حزب الله» مع الموضوع؟ فتجيب المصادر: «العراق ليس موضوع «حزب الله»، العراق فيه الشعب العراقي، وهناك تركيا وايران وأميركا وقوى اكبر من «حزب الله»، وعندما تقرّر إيران التدخل مَن يكون «حزب الله» أمامها ليتدخّل»؟