IMLebanon

مشهد حرق الكنائس يتنقّل في البلدان العربية وسط صمت عالمي مريب !!

المشهد عينه يتكرّر كل فترة في بلد عربي، انه مشهد اضطهاد المسيحيّين في الشرق، ما يجعل الأرض التي نشأت عليها المسيحية تفرغ شيئا فشيئاً من مؤمنيها، كما بات عنوان «الوجود المسيحي في الشرق» يطرح سؤالاً حول مستقبل هذا الوجود، وعلى الرغم من تفاقم هذا الخطر، فإن الواقع تقول مصادر مسيحية لم يحظَ بالاهتمام المطلوب خصوصاً من ناحية تحمّل المجتمع الدولي حماية هذا الوجود في ظل ما حصل في مصر مروراً في سوريا وصولاً الى فلسطين والعراق، المسيحيون يدفعون دائماً ثمن حروب الاخرين وبالتالي ضريبة ايمانهم .

وسط هذه الصورة المأساوية، بات الوجود المسيحي مهدداً اليوم في المنطقة، تؤكد المصادر، قبل سنة كان المشهد سائداً في مصر حيث تعرّض الاقباط لشتى انواع الضغوطات والحوادث الدامية التي قضى بنتيجتها عدد كبير منهم، مع ما رافق ذلك من تهديم للكنائس، وهذا الامر حدث قبل اشهر في بلدة معلولا السورية الموصوفة بالتراث الديني وغيرها من المناطق المقدسة هناك، في فلسطين حدث ولا حرج، واليوم كنائس الموصل في العراق تحترق على ايدي الارهابيين، والسؤال لماذا يتم الزج بالمسيحيّين في صراعات المنطقة؟، والامثلة كثيرة ابرزها قضية خطف الراهبات اللواتي عدن الى الحرية بعد اشهر في ظل مباحثات سياسية مطوّلة، إضافة الى ملف المطرانين الغائبين دائماً من دون اي معلومة ايجابية عنهما.

اما المشهد الحالي فيستقر في العراق وتحديداً في الموصل ثاني اكبر المدن العراقية، حيث لم يكتف تنظيم «داعش» بطرد المسيحييّن العراقييّن من منازلهم بعد أن وجه لهم تحذيراً بدفع الجزية أو اعتناق الإسلام، فالمجموعات الارهابية هناك تؤكد المصادر تواصل الضغط على المسيحيين ورجال الدين بهدر دمهم ووضع مهلة لتنفيذ شروط غير مقبولة تتلخص باجبارهم على تبديل معتقدهم وترك ايمانهم فى سبيل المحافظة على حياتهم، ما إضطر هؤلاء الى ترك منازلهم مكرهين في اتجاه دهوك واربيل في اقليم كردستان العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي ويستقبل مئات الآلاف من النازحين، ولم يكتف التنظيم الارهابي بهذا بل قام فور انتهاء المهلة المحددة بحرق عدد من الكنائس، ابرزها كنيسة المطرانية في الموصل التي نشأت قبل 1836 سنة، مع الاشارة الى ان الموصل تضم نحو ثلاثين كنيسة يعود تاريخ بعضها الى ما يقارب ال 1500 سنة، وقد تعرّض العديد منها للحرق والنهب، ما أدى الى نزوح ما تبقى من المسيحيين في المدينة، والى حدوث فراغ امني حول الكنائس الموجودة داخلها اشهرها كنيسة الساعة وماركوركس ودير مار ميخائيل، الى جانب عدد كبير من الاديرة التي بنيت في القرن التاسع عشر.

الى ذلك ابدت المصادر المسيحية امتعاضها مما يجري هناك، وعلى مرأى من انظار العالم الصامت الذي لا يبدي أي حراك من اجل هؤلاء، سائلة عن السبب الذي يدفع المسيحيون من اجله اغلى الاثمان، واستنكرت الفتاوى التي يطلقها مجرمو تنظيم «داعش» وابرزها ان منازل المسيحيين ستعود ملكيتها من الان فصاعدا الى «الدولة الاسلامية»، ما اعتبروه قمة في الاضطهاد ورفض المعتقدات الاخرى، مشيرين الى ان عناصر التنظيم المتطرف قد كتبوا على بيوت المسيحيين حرف النون اي نصارى، كما كتبوا على بيوت الشيعة حرف الراء اي روافض، وسط دعوات بمكبرات الصوت بتذكير بياناتهم بأنها ستقوم بتصفية من يمتنع عن الرحيل من الموصل.

واستنكرت المصادر المسيحية سكوت المجتمع الدولي حيال هذه المجزرة ضد المسيحيين، وقالت: «لم نسمع حتى اليوم سوى تحذير خجول من منظمة العفو الدولية، ودعت الى سماع نداء بطريرك أنطاكية وسائر المشرق الرئيس الاعلى للكنيسة السريانية الارثوذكسية فى العالم مار اغناطيوس أفرام الثاني الداعي الى وقف تمويل الجماعات المتطرفة التي تبث الرعب وتعمل على خلق شرخ بين أبناء الشعب العراقي بعد تاريخ طويل من العيش المشترك والعمل معاً، كما ناشدت المصادر المنظمات الدولية الى التحرك فورا من أجل وضع حد لهذه التعديات التى تفاقمت فى منطقة الشرق عامة، مشددة على الاعتراف بالخصوصيات المسيحية وعلى ضرورة ان يكون الحضور المسيحي في الشرق مشاركاً في صناعة القرار، وإلا سنبقى في دوامة الاضطهاد كل فترة.