IMLebanon

موفد خيار ديبلوماسي  وسط خيارات عسكرية 

ديبلوماسية الأمم المتحدة هي واحدة من ضحايا حرب سوريا. لكن مجلس الأمن المنقسم حول أدوار الكبار في توظيف الحرب، موحد بالنسبة الى الحرص على الشكل، بحيث يكون هناك موفد دولي يوحي تحركه ان الديبلوماسية الدولية تلعب دورها في السعي لانهاء الحرب أو أقله للحؤول دون وقوع المزيد من الضحايا. فكلما استقال موفد بعد اصطدامه بالجدار كان على الأمين العام بان كي-مون البحث عن آخر للحفاظ على الحركة، ولو بلا بركة. وكلما جاء موفد اكتشف أن الوضع السوري ازداد تعقيداً وصعوبة بمقدار ما ضعف وزن الأوراق التفاوضية التي في حقيبته، وقلّت قدرته على إخراج الأرانب من تحت القبعة الديبلوماسية.

كوفي أنان وضع النقاط الست لحل سياسي اصلاحي، ونجح في دفع القوى الاقليمية والدولية المؤثرة الى الاتفاق على بيان جنيف-١ كأساس للحل. وحين فشل في إقناع الكبار بإصدار قرار في مجلس الامن يتبنى بيان جنيف-١، استقال لأنه أدرك صعوبة فعل شيء ما دام الذين أرسلوني يتقاتلون ورائي حسب التعبير الذي استخدمه. والأخضر الابراهيمي راهن على دور السوريين ثم على دور القوى الاقليمية ثم على دور الأميركان والروس، وسار مسافة طويلة ليكتشف في جنيف-٢ أن جنيف-١ وُلد ميتاً وان اللعبة تتجاوزه. وعندما استقال كان كل ما تركه للآتي بعده هو التحذير من الصوملة في سوريا وخطرها على دول الجوار. والآن جاء الدور على ستيفان دي ميستورا، وهو صاحب تاريخ في العمل للأمم المتحدة، وليس غريباً عن أورشليم، كما يقال، حين يتعلق الأمر بقضايا المنطقة. إذ قضى سنوات طويلة كممثل شخصي للأمين العام في جنوب لبنان والعراق وافغانستان.

لكن المصاعب أمام مهمة دي ميستورا أكبر بكثير مما كانت عليه. فالنظام المدعوم بقوة من روسيا وايران وحزب الله استعاد المبادرة العسكرية وأعاد السيطرة على ما هو مهمّ فوق الخارطة الجيوسياسية لسوريا. والرئيس بشار الأسد يستعد لبدء ولاية ثالثة بما يعيد التأكيد العملي بأن الرهان على ما سمي هيئة حكم انتقالي كان وهماً. المعارضون في تراجع وانقسام. وأميركا ليست جادة، حتى بعدما تأخرت كثيراً، في البحث عن معارضة معتدلة تتولى تدريبها وتسليحها، لا لكي تربح الحرب بل لتغيير حسابات النظام كما يقول الرئيس أوباما والوزير كيري. واللاعب الجديد الذي لا مجال للحوار معه ولا يؤمن بالوطنية ولا يريد الديمقراطية ولا يعمل إلاّ بالسيف هو دولة الخلافة التي أعلنتها داعش بعدما احتلت مساحات من الأرض في العراق وسوريا.

والسؤال ليس عما يمكن أن يفعله دي ميستورا بل متى يستقيل ومن سيكون الموفد الرابع.