IMLebanon

هل ينتفض فرنجية؟

ماذا بعدما وصل المتسابقون لرئاسة الجمهورية إلى حائط مسدود؟ هل يتمسّكون بمواقفهم أم يغيّرون استراتيجياتهم وتكتيكاتهم وينتقلون إلى قواعد لعبة جديدة؟

لا يخفي رئيس تيار «المرَدة» النائب سليمان فرنجية «المرشّح الثاني» لفريق الثامن من آذار ـ على حَد قوله ـ استعداده لخوض المعركة الرئاسية، في حال فشل العماد ميشال عون على الرغم من ترديده دائماً بأنه سيكون جاهزاً للخطة «ب». إلّا أنّ الأمر نفسه لا ينسحب على عون الذي يصرّ على أنّه المرشّح الوحيد والنهائي لفريق الثامن من آذار، ولن يقبل بأحد غيره، ولا يعترف بوجود خطط بديلة.

تُعتبر مواقف عون قاسيةً بحقّ حليفه المسيحي، أحد الأقطاب الأربعة، إضافةً إلى أنّ الجنرال تناسى عمداً أو سهواً أنّ الحملة الرئاسية التي روّجَ لها تحت عنوان «أنا أو لا أحد» يمكن أن تُحدث شرخاً فعلياً في صفوف 8 آذار، لا سيّما بين «التيار العوني» و»تيار المرَدة» الذي لم يهضم، في الأساس، الولاء الذي أظهرَه زعيمه لرئيس تكتّل «التغيير والإصلاح». ويرفض مناصرو فرنجية تبرير تنازلاته التي يُقدّمها تفادياً لمزيد من الشروخ بين الأقطاب المسيحيين، ويتساءلون عن الهدف من موقفه المسالم والمهادن، وعن المدّة الزمنية التي تُبعده عن الانتفاضة على هذا الواقع، مؤكّدين أنّ فرنجية يبقى في نظرهم الأوّل والأجدر في تحمّل المسؤولية الرئاسية.

كذلك هناك الشارع الزغرتاوي الذي بدأ يمتعض مِن صمت رئيس «المرَدة» وتفضيله عدم كسر الجرّة مع الجنرال، لكنّه في المقابل يُعزّي نفسه بالرهان الأخير على الجنرال الذي لا بدّ من أن يردّ له الدين بعدما سلّفه الكثير. فهل ينتظر هذا الشارع طويلاً، لا سيّما بعد تصريح عون الذي أوحى فيه عدم وجود أي فرصة لتبَنّيه فرنجية كمرشح ثانٍ لفريق الثامن من آذار؟ وبالتالي هل يكون لأنصار «تيّار المرَدة» ورئيسه كلام آخر؟

التصويت الشيعي لفرنجية

وتُقرّ أوساط شمالية بنقاط خلافية كثيرة بدأت تخرج إلى العلن بين عون وفرنجية، وهذا لا يعني عدم وجود نقاط خفيّة أخرى لم تتظهّر، على رغم شجاعة النائب الشمالي حين اعترفَ بها في مقابلته الأخيرة، وقال: «هذا هو الجنرال ! إمّا أن تقبله كما هو وإمّا أن تختلف معه».

أمّا أبرز النقاط الظاهرة فتتجلّى في التالي:

1- التقارب العوني-الحريري الذي لم يُخفِه عون، فيما لم يكتم فرنجية استياءَه منه، داعياً عون في رسالة مباشرة إلى عدم التعويل على هذا التقارب لأنّه «غير مُجدٍ ولن يصل إلى مكان».

2- فرنجية يعطي الإشارة بعدم نيّته الانسحاب من الحكومة، في ظلّ عدم انتخاب رئيس للبنان، ليتميّز عن الجنرال.

3- مقاطعة نوّاب «تكتّل التغيير والإصلاح» الجلسة النيابية الأخيرة احتجاجاً على عدم شرعية عقد جلسة تشريعية للمجلس، في الوقت الذي حضر فيه نوّاب «المرَدة» إلى ساحة المجلس مبرّرين مجيئهم بحجّة علنيةٍ مفادُها خضوعهم لمطالب الشعب وحقوقه، فيما الحجّة السياسية بقيت في القلوب.

4- ترشُّح فرنجية بَدا في الآونة الأخيرة مطلباً شعبياً لدى فريق الثامن من آذار، ولا سيّما منهم الذين أظهروا تململاً من تشبّث عون بترشيح نفسه فقط، فأظهرت استطلاعات حديثة في مقابلة تلفزيونية مباشرة، تصاعدَ نسبة التصويت الشيعي لفرنجية الذي تخطّى نسبة التصويت للجنرال بنسبة عالية ولافتة. وفي موازاة ذلك، هناك تملمُل في الشارع الشيعي من التقارب العوني – الحريري، على الرغم من عدم تظهيره إلى العلن، إلّا أنّ هذا التقارب يبقى بالنسبة للكثيرين منهم غير مطمئن، ويدعو إلى التساؤل والحذر. وقد رصد غالبية المشاهدين ردّة فعل فرنجية الإيجابية تعقيباً على هذا التصويت، فيما كان لافتاً أيضاً تعليقه ضمن حلقات «رئاسيات»، حين أُعلِم بأنّه حصل على أعلى نسبة تصويت مسيحية كخَيار أوّل: «هَلّق بَدكُن تعلّقونا مع الجنرال».

أعلن فريق الرابع عشر من آذار، بلسان رئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع بالذات، نِيّته إطلاق الخطة «ب»، حين أبدى استعداده لتبَنّي ترشيح الرئيس أمين الجميّل أو النائب بطرس حرب في حال تعذّر وصوله، فهل يجاريه الجنرال ويرى ضرورةً للسّير في الاتجاه الآخر من خلال منحِ الفرصة لترشيح آخر وواضح كفرنجية، أم يسبقه فرنجية، ليقينِه أنّ الجنرال لن يفعلها، وينتفض معلناً انسحابه من الحلبة العونية ويخطو خطوةً زغرتاوية، وينتقل منفرداً إلى تبَنّي الخطة «ب»؟