IMLebanon

معزوفة العرقلة والقُدرة على تحمُّل المسؤولية

 

هي أكبرُ من بحصة، بل أشبه بحاجزٍ إسمنتي رفعه الرئيس المكلّف سعد الحريري، في وجهِ كل مَن يحاولُ وضع ضوابطٍ له في عملية التشكيل. قالها بالفم الملآن:

لا أحدَ يعطيني مهلة سوى الدستور، أنا الرئيس المكلف وأعرفُ صلاحياتي، ولا تعنيني أية مطالعات يقوم بها هذا أو ذاك، وسأبقى مكلفاً وأنا من يُشكِّل الحكومة بالتعاون مع فخامة الرئيس عون ونقطة على السطر، وفي حالِ لم تشكَّل الحكومة قريباً، فإنني سأسمي كل من يعرقل بالأسماء.

هكذا، ما بعد هذا الكلام ليس كما قبلَه على الإطلاق. كثيرون يغتنمون صمت الرئيس المكلف أحياناً، فيطلقون العنان لمواقفهم واجتهاداتهم، لكن كلُّ ذلك يتوقف بعد بلورة المواقف.

وما لم يُقله الرئيس المكلَّف في الدردشة مع الصحافيين، قالته كتلة المستقبل في بيانها الأسبوعي، فاعتبرت أنَّ الوصايا القانونية تستدعي التنبيه لعدم تجاوز أحكام الدستور ومخالفة إتفاق الطائف ومقتضيات الوفاق الوطني.

 

***

هكذا، بعد وضع الأمور في نصابها، عادت عملية التشكيل إلى مسارها المعتاد:

الرئيسُ المكلف سيقوم بمروحة اتصالات تبلغ ذروتها بلقائه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، بعد أنْ يكون قد التقى جميع المعنيين بعملية التشكيل، في محاولةٍ لإحداث خرقٍ على مستوى العراقيل.

المهمة لن تكون نزهةً على الإطلاق، فالسقوف التي رفعتها القوى السياسية لن تُقدِم على خفضها إلا إذا توافق الجميع على الخفض، والخطوة الأولى في رحلة الألف ميل هذه، ربما تكون في وقف تبادل الإتهامات بعرقلة التشكيل. معزوفة العرقلة باتت معروفة من الجميع، واستخدامها لتبرئة الذات وتحميل الآخرين المسؤولية، فيها شيء من التملُّص في تحمل المسؤولية، وهذا التملص لا يفيد شيئاً في عملية التقدم في التشكيل.

***

العلاقةُ بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلَّف على خير ما يرام. فالرئيس الحريري أبلغ إلى الرئيس عون إنَّه سيجري في الأيام القليلة المقبلة إتصالات ولقاءات لبلورة ما هو مطروح من مشاريع مخارج تقصّر الطريق نحو ولادة الحكومة، قبل أنْ يزوره. الرئيس عون، من جهته، أشاد باستعدادات الحريري، وتمنى له التوفيق مؤكداً أنَّه ما زال في انتظار تشكيلته الحكومية في أقرب وقت.

***

كل هذا يعني انَّ الوقت للتشكيل ما زال تحت سقف المهلة المقبولة، لكن كل ذلك لا يعفي المعنيين من تكثيف الجهود، لأنْ الإستحقاقات المعيشية والبيئية والتربوية تستدعي تقصير مهل فترات السماح إلى الحد الأدنى، خصوصاً إن أية انتكاسة على مستوى هذه الملفات من شأنها أنْ تؤدي إلى قلاقل واضطرابات يبدو البلد في غنى عنها.