IMLebanon

الديار:تنسيق أميركي ــ إسرائيلي يستبق ردّ حزب الله اجتماع بعبدا : اصلاحات ام ضرائب جديدة؟

 

 

كتب محمد بلوط

رفع القرار الاميركي بادراج احد المصارف اللبنانية (جمال تراست بنك) على لائحة العقوبات الاميركية من درجة القلق والتوتر. خصوصاً انه يأتي بعد ايام قليلة من العدوان الجوي الاسرائيلي الذي استهدف الضاحية الجنوبية.

وهذا القرار ليس الاول من نوعه اذ ان اجراء كان اتخذ سابقاً من قبل الادارة الاميركية باحد البنوك اللبنانية (البنك اللبناني الكندي) ما ادى الى دمجه ببنك اخر في ذلك الحين. لكن حيثيات القرار الجديد تكشف عن نية اميركية لممارسة مزيد من الضغط الاقتصادي على لبنان في ظل الوضع الدقيق والصعب الذي يعيشه بهدف محاولة التأثير على موقفه السياسي والتضييق على حزب الله.

وفي حين لم يصدر اي تعليق للحزب على القرار الاميركي اكدت مصادر سياسية مطلعة ان القرار الاميركي مرتبط بشكل او باخر بالاعتداء الاسرائيلي الاخير على الضاحية وانه يكمله بدليل ان اول من هنأ الادارة الاميركية بهذا القرار هو رئيس الوزراء الاسرائيلي نتنياهو.

واضافت ان ما تعرض ويتعرض له لبنان اكان من قبل العدو الاسرائيلي او لجهة زيادة الضغوط الاميركية هو جزء من المشهد العام في المنطقة، فاسرائيل تحاول كسر وتغيير قواعد الاشتباك بينما تواكب الادارة الاميركية ذلك بمحاولة زيادة الضغط الاقتصادي على لبنان بقرارات واجراءات لا تستند الى اسباب ومعطيات حقيقية.

واكدت المصادر ان لا علاقة لمصرف «جمال تراست بنك» بحزب الله وليس له معاملات مالية مع الحزب وان التقرير الاميركي غير مبني على قرائن جدية، وهو يندرج في اطار استهداف مؤسسات مالية شيعية للتأثير على البيئة الحاضنة لحزب الله.

وختمت المصادر بالقول ان ما نشهده من اعتداء اسرائيلي وقرارات اميركية ضاغطة هو جزء من المواجهة القائمة في المنطقة والتي تأخذ اساليب ووسائل مختلفة، وانه لا يمكن التكهن بالسيناريوهات التي ستحصل، لكن المؤكد ان حزب الله سيرد حتماً على الاعتداء الاسرائيلي الاخير، وانه لن يخضع او يتأثر بالضغوطات التي مارستها وتمارسها الادارة الاميركية عليه، كما عبر امينه العام السيد حسن نصر الله غير مرة.

ومنذ الاعتداء الاسرائيلي على الضاحية حقق لبنان نقاطاً مهمة في مواجهة اهداف هذا العدوان الذي تتناغم معه الضغوط الاميركية، وابرز هذه النقاط:

1- الموقف اللبناني الموحد الذي عبر عنه مجلس الوزراء واركان الحكم، والذي اكد «حق الدفاع عن النفس» في وجه الاعتداءات الاسرائيلية.

2- اجتماع مجلس الدفاع الاعلى، واتخاذ القرارات والاجراءات المناسبة في هذا السياق.

3- تصدي الجيش اللبناني للطائرات الاسرائيلية المسيرة في العديسة.

4- الارباك المستمر الذي يسود الكيان الصهيوني والجيش الاسرائيلي بعد خطاب الامين العام لحزب الله السيد نصر الله وتأكيده على ان الحزب سيرد على الاعتداء.

5- التمديد لقوات «اليونيفيل» بالجنوب دون اي تغيير في مهماتها انسجاماً مع موقف لبنان والدعم الاوروبي والدولي له في وجه محاولة واشنطن اجراء تعديل على مهمات وحجم القوات الدولية.

6- فشل رهان اسرائيلي على الخلاف بين اركان الحكم في لبنان، حيث تجسد ذلك بالموقف الرسمي الموحد وبمواقف رئيسي الجمهورية والحكومة والتحرك الناشط الذي قام به الرئيس الحريري على صعيد الاجتماع مع سفراء الدول الكبرى والسفراء العرب والهيئات الدولية والامين العام للامم المتحدة.

وعلى هذا الصعيد ايضاً تتجه الانظار اليوم الى النبطية حيث سيكون للرئيس نبيه بري خطاب هام وشامل في مهرجان الامام موسى الصدر والذي سيؤكد فيه على النهج المقاوم والوحدة الوطنية ودور الجيش والشعب والمقاومة في مجابهة العدو الاسرائيلي واعتداءاته.

على صعيد اخر ايضا الى قصر بعبدا بعد غد الاثنين حيث يعقد الاجتماع الموسع لمناقشة الوضع الاقتصادي المالي برئاسة الرئىس ميشال عون وحضور الرئيسين بري والحريري والوزراء المختصين ورؤساء احزاب الكتل النيابية وخبراء ومختصين وجمعية المصارف.

ويعول المسؤولون عن هذا الاجتماع الذي يفترض ان يخلص الى اتخاذ قرارات وخطوات واجراءات ستضاف الى موازنة العام 2020 التي انجزتها وزارة المال، واعلن الوزير علي حسن خليل التريث في رفعها الى مجلس الوزراء بانتظار ما سينتج عن اجتماع بعبدا.

والمعلوم ان رئىس الجمهورية اعدّ ورقة عمل بعد سلسلة اجتماعات عقدها في الايام الماضية، وان رئىس الحكومة يملك ايضا تصورا مستندا الى الورقة التي كان اعدها في مناقشة موازنة العام 2019 والتي لم يؤخذ بالعديد من نقاطها، كذلك فإن الرئيس بري يحمل الى الاجتماع سلسلة من الافكار والاقتراحات الاقتصادية والمالية، مع التأكيد على عدم تحميل الفئات الفقيرة والمحدودة الداخل اعباء اضافية.

وحسب ما تردد في اليومين الماضيين خصوصا بعد تأكيد المسؤولين على وجوب الاخذ بعين الاعتبار الوضع الصعب واتخاذ قرارات قاسية فإن هناك اقتراحات ستكون موضع نقاش طويل، خصوصا انها لا تحظى بموافقة اطراف عديدة ومنها:

زيادة سعر البنزين بين ثلاثة آلاف وخمسة الاف ليرة للصفيحة زيادة ضريبة الـ T.v.A 2% تجميد الدرجات والعلاوات في القطاع العام لثلاث سنوات وربما تخفيض الرواتب بين 5 و10% لثلاث سنوات زيادة ضريبة الدخل على معاشات المتقاعدين مرة اخرى بنسبة واحد او اثنين بالمئة.

قال مصدر نيابي اقتصادي مطلع ان الاجتماع الاثنين يهدف الى تحقيق اجماع سياسي على الاجراءات المطلوبة لمواجهة الوضع الاقتصادي والمالي.

واضاف «ان المطلوب ليس فرض ضرائب جديدة، المطلوب، اكثر من وضع مثل هذه الضرائب جهد اصلاحي حقيقي بحيث نستعيد من خلاله ثقة الناس ونعطي انطباعا حقيقيا بتغيير المسار التعطيلي الذي شهدناه ونشهده. فمثلا المطلوب تعيين نواب حاكم مصرف لبنان في اسرع وقت لاكتمال واجتماع المجلس المركزي حيث نحتاج الى ذلك في حالات كثيرة ومنها على سبيل المثال حالة وضع «جمال ترست بنك» على جدول العقوبات الاميركية».

اضاف المصدر «المطلوب ايضا على سبيل المثال لا الحصر تشكيل الهيئة الناظمة لقطاع النفط، وتعيين مجلس ادارة الكهرباء الذي تعهدوا بتأليفه عند اقرار قانون الكهرباء.

وهناك ايضا حاجة ملحة لتشكيل الهيئات الناظمة للمطار والاتصالات. فمفتاح المعالجة يبدأ بهذه الاجراءات الاصلاحية الضرورية لتوفير الثقة وكبح الفساد، كذلك المطلوب استكمال العناصر الاصلاحية التي وردت في موازنة العام 2019 ومنها وضع دراسة كاملة لهيكلة القطاع العام، وتوفير الامكانيات البشرية والمادية لديوان المحاسبة للقيام يواجه مسؤولياته».

وختم المصدر بالقول: «ان القرارات الحقيقية المطلوبة هي القرارات الاصلاحية والبدء بمعالجة الثغرات بالكفاءات وليس بالمحسوبيات لاستعادة ثقة الناس والاّ عبثا نبحث عن تحسين في ميزان المدفوعات وزيادة الودائع في المصارف. بعض الاجراءات الضريبية قد تكون مطلوبة لكنها غير كافية من دون الاجراءات الاصلاحية الجدية فالاكتفاء بالقرارات او الاجراءات الضريبية كمن يضع الماء في قربة مثقوبة».